وزير الأوقاف: مؤتمر الواعظات تجربة فريدة دولياً وعربياً واسلامياً    بين القبيلة والدولة الوطنية    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    حزب المؤتمر يهنئ البابا تواضروس بعيد القيامة: نقدر جهودكم في ترسيخ قيم التسامح    محافظ بورسعيد يشهد احتفال الكاتدرائية بعيد القيامة المجيد (صور)    أسعار الذهب في مصر تتراجع 1.8%    1.5 تريليون جنيه لدعم التعليم والصحة في الموازنة المالية للعام المقبل    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    «سلامة الغذاء»: تصدير نحو 280 ألف طن من المنتجات الزراعية.. والبطاطس في الصدارة    «الإسكان» تنظم ورش عمل مكثفة للمديريات حول تطبيق التصالح بمخالفات البناء وتقنين أوضاعها    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    بحوث الصحراء ينظم قافلة بيطرية مجانية في واحة سيوة بمطروح    أحمد عبدالوهاب يكتب: «الحية».. ولغز مقترح «حماس»    إعلام عبري: حالة الجندي الإسرائيلي المصاب في طولكرم خطرة للغاية    روسيا تسيطر على بلدة أوتشيريتينو في دونيتسك بأوكرانيا    مصادر: مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع اليوم عصرا لمناقشة تطورات الصفقة    جهاز الزمالك يدرس عدم الدفع بزيزو أساسيًا في لقاء سموحة بسبب الكونفدرالية    وزير الرياضة يشكل لجنة للتفتيش المالي والإداري على نادي الطيران    تشكيل تشيلسي المتوقع ضد وست هام بالدوري الإنجليزي    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    ماذا يحتاج الهلال للتتويج بالدوري السعودي    الأرصاد: تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة وسقوط أمطار على المحافظات    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    التعليم: نتائج امتحانات صفوف النقل والاعدادية مسؤلية المدارس والمديريات    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    أمن جنوب سيناء ينظم حملة للتبرع بالدم    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    ماري منيب تلون البيض وحسن فايق يأكله|شاهد احتفال نجوم زمن الفن الجميل بشم النسيم    توقعات الأبراج اليومية، الإثنين 6-5-2024 أبراج الحمل والثور والجوزاء    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    كريم فهمي: "هذا السؤال مرفوض بالنسبالي".. ولقب "أبو البنات" لا يزعجني    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    تكريم المتميزين من فريق التمريض بصحة قنا    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز التعاون مع ممثل «يونيسف في مصر» لتدريب الكوادر    "الرعاية الصحية" بأسوان تنظم يوما رياضيا للتوعية بقصور عضلة القلب    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    "زغللة العين".. الصحة تحدد أعراض تسمم "الفسيخ" (تصرف بهذه الطريقة)    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في المركز قبل الأخير ب773 ألف جنيه إيرادات    جنوب سيناء تفتح الشواطئ والمتنزهات العامة بالمجان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    «منتجي الدواجن»: انخفاضات جديدة في أسعار البيض أكتوبر المقبل    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مايسترو المكان
نشر في آخر ساعة يوم 20 - 10 - 2015

لم يكن جمال الغيطاني يسكنُ الأماكن التي عاش بها قدر ما كانت تسكنه. المكان في أعماله حاضر دائماً، هو المايسترو الذي يضبط إيقاع الأحداث ويحكم تناغمها، والبطل الذي يخرج من معركة الزمن مًنتصرا علي الدوام. الغيطاني حكّاءُ بدرجة معماري، يحفظ عن ظهر قلب جغرافية القاهرة القديمة، يقتفي أثر من عاشوا بها منذ آلاف السنين لتُخلّد أعماله ذاكرة القاهرة الفاطمية. ولعه بتفاصيل الأماكن جعله يتنقل بينها كرحالة، يُعيد اكتشاف التاريخ بعوالمه الثرية ليضيء لنا الواقع.
عنصر المكان الذي كان كلمة السر في أعمال الغيطاني تجلي بصورةٍ واضحة في شغفه العارم بالقاهرة القديمة، التي كانت موضوعاً رئيسياً للكثير من أعماله مثل كتابه «قاهريات مملوكية»، الذي وثق خلاله لتاريخ القاهرة القديمة متقاطعا مع تاريخه الشخصي وذكريات الطفولة التي قضاها في أحيائها العريقة، التي جضرت تفاصيلها أيضاً في كتابه «التجليات» بأسفاره الثلاثة. كما كانت مكاناً تدور فيه أحداث بعض أعماله مثل رواية «وقائع حارة الزعفراني».
ليستحضرها كذلك في نسجه لرواية «الزيني بركات» التي دارت أحداثها في الحقبة المملوكية، حاملاً في طيات سرده التاريخي لأحداث ذلك العصر، إسقاطاً علي واقع الحياة في حقبة الستينيات وما تلا نكسة عام 1967 من تغيرات اجتماعية وسياسية. غير أن توظيف المكان في أدب الغيطاني يتجاوز ذلك ليحمل معاني رمزية، مثل عالم القطارات الذي يكشف من خلاله عوالم إنسانية متعددة في «دفاتر التكوين»، وهو ما نجده أيضاً في روايته «حكايات المؤسسة» التي يبقي البطل الفعلي فيها المكان الذي ترتبط به مصائر شخوصه.
ويري الناقد الأدبي الدكتور شريف الجيار أن صلة الغيطاني بالمكان أعطت لعوالمه الروائية جاذبية وإطاراً شديد التفرد وجعلته واحداً من أبرز كُتاب الرواية المُعاصرة، فالغيطاني الذي وُلد في قرية «جهينة» بمحافظة سوهاج نزح إلي القاهرة في طفولتهِ مُعبأً بفكرة التأمل المكاني، وهو ما ارتبط لاحقاً بعلاقته الفريدة بالقاهرة القديمة وحي الجمالية الذي نشأ فيه، ليظهر هذا التلاحم في كثير من أعماله التي طاف بنا خلالها في أزقة المدينة التاريخية، معتمداً علي ذاكرته المكانية في توثيق شوارعها ومعالمها التاريخية.
حيث يعد الغيطاني من أكثر الأدباء تأثراً بالفنون التشكيلية والفنون البصرية وفنون العمارة في البناء التصويري داخل النص، يتجلي ذلك في ولعه بتفاصيل المعمار الإسلامي وجمالياته، ما جعل قضيته الأولي توثيق التراث وحمايته من الاندثار، وهو ما يظهر في العديد من أعماله مثل كتاب «قاهريات مملوكية»، وكتاب «المسافر خانه» الذي كتبه بعدما احترق هذا المعلم الفاطمي العظيم، موثقاً خلاله تاريخ المكان حاكياً عن ارتباطه به، حيث كان يتعامل مع واقع المكان في أعماله والذاكرة التراثية لهذا المكان بشكلٍ متوازٍ، وهذا يفسر ترجمة معظم أعماله إلي اللغات الفرنسية والألمانية والأسبانية.
ويلفت الجيار إلي أن اهتمام الغيطاني بالمكان كان يتجاوز المحلية، وبدا ذلك في روايته «شطح المدينة» التي أعتبرها واحدة من أروع الأعمال التي كُتبت في أدب الرحلات، وينقلنا فيها إلي إحدي المدن بشبه جزيرة البلقان، استطاع توظيف الراوي خلالها في هيئة الراوي المصور الذي يلتقط تفاصيل المكان والحياة التي يعيشها أفراده، ليُبرز خلال طرحه لقضية التراث والمعاصرة المفارقة المكانية بين هذه المدينة الروسية وبين المُدن العربية.
بينما تتجلي عبقرية الغيطاني كما يري الناقد الأدبي شعبان يوسف، في كونه واحداً من القلائل الذين منحوا المكان دلالات مُغايرة ووظائف مختلفة، فلم يقتصر قلمه علي تصوير هذه الأماكن فوتوغرافياً، بقدر ما استنطقها ليسرد تاريخها وحكايات من عاشوا بها. فالمكان عند الغيطاني كان مرتبطا بالزمان والوقائع التاريخية والتغيرات الاجتماعية التي تلحق بالشعوب، وظهرت هذه العلاقة منذ كتب مجموعته القصصية الأولي «أوراق شاب عاش ألف عام». فارتباطه بالتاريخ والتراث العربي خاصة الذي ينتمي للحقبة الفاطمية والمملوكية أثّر علي منجزه السردي تأثيراً واضحاَ.
الإنسان الأخير
محيي الدين الحمداني
وجدت ضالتي في القراءة والكتابة، وكانت أعمال الأستاذ خاصة «الزيني بركات» خير موجه لي، غياهب النفس البشرية، وقمت في تلك الفترة.
بدأت في البحث عن جريدة الأستاذ جمال الغيطاني، قام بفتح باب مكتبه لي في جريدة «أخبار الأدب»، صافحني وأجلسني بجواره، شعرت ساعتها بأنه يستقبل جزءا وجوديا كان تائهًا عنه!..
قام بفرد «ساحة الإبداع» بالكامل لأعمالي القصصية.
إذا كان البشر في ذلك الزمن قد فقدوا إنسانيتهم في عالمي، فإني أجزم بقناعة بأن جمال الغيطاني هو الإنسان الوحيد الذي وقف بجانبي.
وضع قصائدي في أذن نجيب محفوظ
سعدني السلاموني
هو بلا أدني شك رائد جيل وقائد حروب.. معركة المثقفين بين الأجيال القديمة والجديدة وانتصر المقاتل جمال الغيطاني إلي الأجيال الجديدة المهمشة.
وحين أصبح رئيسا لتحرير أخبار الأدب جعل من الجريدة منبرا حرا لكل الأجيال.
هو أول من قدمني وقدم شعري علي صدر صفحات هذه الجريدة، وراح يقرأ قصائدي علي مسامع الأديب العالمي نجيب محفوظ.. ومن هنا قدمني محفوظ إلي العالم في حوار مع الأديب يوسف القعيد.. وأنا في هذا الوقت مجرد «نجار سواقي» قادم من البلاد البعيدة ويحبو شعريا ولم يصدر لي ديوان بعد.. وبين اللحظة والأخري أصبحت نجما في الوسط الثقافي بفضل الله ثم جمال الغيطاني.
وأذكر معركته الشهيرة مع الفنان فاروق حسني وزير الثقافة وانتصرت علي الفور فيها إلي الغيطاني برغم أن قوت يومي كان مرتبطا بالوزارة.. ذلك لأن الغيطاني ابن خندقنا، ابن رصيفنا، بني مشروعه الإبداعي من الصفر حتي وصل إلي السماوات.. فكان أبا للأبناء الفقراء أصحاب المواهب.
أسس الغيطاني مدرستين الأولي في الإبداع والثانية في الإعلام، وبرغم انتصاره لجيله الذين هم أصدقاء عمره ورحلة كفاحه لم ينس أبدا أبناءه القادمين من البلاد البعيدة،
تلك اللعبة
إيهاب الحضري
مارد ظهر لنا بدون مصباح وساعد الكثيرين منا في تحقيق جانب من طموحاتهم والأدب.
ويتابعنا جمال الغيطاني عن بعد حين يريد ، ويتداخل عندما يقرر. كان يشبه محرك عرائس الماريونيت الذي يعمل وفق سيناريو أعده هو. إنها شخصية الروائي المغرم بخلق الأحداث، ليس في الروايات فقط بل في الواقع أيضا. غير أن الكثيرين منا عرفوا السر فخرج كل واحد عن السياق بطريقته.
هل كنا نعيش معه لعبة ؟ لا. كان واقعا أخرج منا أفضل ما فينا.
أبونا الذي أحببته
ماهر مهران
لا إرادياً خرج الشعرُ مني كالقشعريرة وذلك في أواخر التسعينيات، لم يكن لدينا مكتبة ولا تليفزيون وكنت في جامعة أسيوط أبحث عن طريق بديل عن الجنون فعرفت الشعر ودلني العلامة الزاهد المرحوم الدكتور عبدالوهاب يونس علي أخبار الأدب وبدأت أرتبط بها وبرئيس تحريرها الأستاذ جمال الغيطاني الذي يقدِّم أجيالاً ونصوصاً جديدة
ولو فيه حد
يستاهل نقوله :
يا أبااااااااااااااه
جمال الغيطاني.. حارس الأثر
محمد محمد مستجاب
لم أكن قد بدأت في فك الخط، عندما قرأت مقال لوالدي بجريدة الشرق الأوسط بعنوان «حارس الأثر» عن قصة لجمال الغيطاني.
كنت معجبا بالقصة، ومعجبا بهذا العالم السحري الذي فتحه لي الغيطاني وجذبني إليه، حيث يصبح التاريخ غير التاريخ والأشخاص نراهم من زوايا أخري هي الأقرب للحقيقة.
وعندما بدأت جريدة «أخبار الأدب» في الظهور، كانت زاوية «بوابة جبر الخاطر» لمستجاب، لها مذاق خاص، أذهب صباح كل يوم سبت لتسليم المقال واستلام البوستة.
لم أكن قد دخلت العالم السحري للكتابة، عندما بدأت في كتابة أول مقال لي وكان عبارة عن مرثية لوالدي أخبار الأدب وهو يشيد بالمقال، ومكالمة أخري من الراحلة نعمات البحيري وهي تقول: أبوك كان مخبيك فين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.