مصطفى شعبان وعلى حسنين فى (الوتر) لم يكن من المتوقع أن تظهر الدورة الثامنة عشرة لمهرجان دمشق السينمائي الدولي للنور هذاالعام .. فقبل ثلاثة أشهر فقط كان هناك اتجاه من وزارة الثقافة السورية التي تولي رئاستها د.رياض عصمت بدلا من الدكتور رياض نعسان أغا إلي إلغاء الدورة تقليصا للنفقات وضيق الوقت قبل عيد الأضحي مباشرة. لكن الوزير السابق جلس مع الوزير الحالي ومعه رئيس المهرجان ونجح في إقناع الأخير بأهمية استمرار المهرجان الذي صار سنويا بعد أن كان كل عامين في الماضي بالتبادل مع قرطاج السينمائي في تونس وقامت وزارة المالية برفع ميزانية الإنتاج السينمائي من 45 مليون ليرة إلي 135 مليونا.. ورغم ضيق الوقت إلا أن رئيس المهرجان الناقد المثقف وعاشق السينما محمد الأحمد نجح في التحرك سريعا وترتيب أقسام المهرجان ودعوة الضيوف. فقد رفعت ستارة المهرجان لتفتتح أول أفلامه البالغة 222 فيلماً روائياً طويلاً و93 فيلماً قصيراً بالفيلم التركي "عسل" الحائز علي جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2010 ويرسم الفيلم صورة الطفل يوسف الذي يكشف له والده المزارع مربي النحل أسرار الطبيعة. حفل الافتتاح أقيم في صالة الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون بدمشق وبحضور راعي المهرجان الدكتور رياض عصمت وزير الثقافة الذي تولي منذ عدة أشهر خلفا للدكتور رياض نعسان أغا وهو بالمناسبة مبدع مسرحي وفنان حقيقي. كان الوفد المصري كبيرا كالعادة أيضا.. كانت هناك ماجدة الصباحي ونبيلة عبيد التي جاءت في اليوم الأخير.. وكان هناك منال سلامة وأمل رزق والمنتجون عادل حسني وصفوت غطاس وإسماعيل كتكت وسميةالخشاب ونقاد وصحفيون.. وكان هناك غادة عادل ومجدي الهواري ومصطفي شعبان بصحبة فيلمهم (الوتر) وقد جاءت فرقة شعبية سورية علي باب فندق الشام لتحتفل بالفيلم وبمصر وسط غناء ورقص متواصل وسط جمهور الشارع العريض.. وهو مايتكرر مع الأفلام المصرية كل عام حتي وإن خرجت هذا العام خالية الوفاض من أي جائزة.. ربما لأن الوتر ليس فيلم مهرجانات بالمرة فهو فيلم بوليسي محكم الصنع لكنه ليس من نوعية الأفلام التي تصلح للمهرجانات.. ولذلك كان غريبا غضب الوفد المصري ومحاولة الضغط تجاهلا لأعراف أي مهرجان دولي.. وقد وجد محمد الأحمد نفسه أمام هذه الضغوط إلا أنه احترم في النهاية لجنةالتحكيم ولم يسع للتدخل وهو مادفع غادة عادل ومجدي الهواري لتقرير السفر ليلة الختام وبصحبتهما (ساندرا نشأت) إحدي عضوات لجنة التحكيم.. وقد حاولت ساندرا أن تنفي أن دفاعها عن الفيلم المصري ورفض رئيس اللجنة الموافقة علي منحه جائزة هو السبب في انسحابها مع المخرج السوري نجدت أنزور.. ولكن لم يفسر أي منهما لماذا تأخر هذا الانسحاب حتي اليوم الأخير.. والقصة ببساطة أنه عندما علم صناع الفيلم أنه خرج خالي الوفاض من الجوائز حتي حزموا حقائبهم وطلبوا المغادرة ليلة الختام وهنا قام أحد المنتجين المصريين المرافقين بالاتصال بمدير المهرجان لإبلاغه ووجد الرجل نفسه في حرج شديد واضطر لإبلاغهم بأن هناك فرصة أمام الفيلم في جوائز المسابقة العربية مازالت ممكنة.. ولكن حتي هذه المسابقة منحت الجوائز لأفلام أخري أكثر أهمية.. وكانت النتيجة أن استأنف صناع الفيلم ومعهم ساندرا نشأت عضو لجنة التحكيم المنسحبة الرحيل علي الطائرة المغادرة في نفس ليلة الختام.. وقد سألت ساندرا عما إذا كان الفيلم المصري هو سبب انسحابها فنفت ذلك بشكل قاطع وقالت إن سبب انسحابها هي والمخرج السوري نجدت أنزور انفراد رئيس لجنة التحكيم الروسي بالقرار وعدم استكمال مشاهدة بعض الأفلام وهو مايخالف الأعراف المهرجانية.. فكيف يمكن الحكم علي فيلم سينمائي قبل انتهائه.. واعتبرت ساندرا أن تصرفات رئيس اللجنة كانت بالفعل مستفزة وهو مادعاها للانسحاب مع المخرج السوري نجدت أنزور الذي عقد مؤتمرا صحفيا في صباح اليوم التالي ليكشف فيه سبب انسحابه وكرر تقريبا نفس كلمات ساندرا نشأت.. إذن لم يكن عدم حصول الفيلم المصري علي جائزة هو بالفعل سبب هذا التصرف من عضوي لجنة التحكيم.. كما لايمكن أن يكون مسوغا للطعن في مهرجان والعكس هو الصحيح فالمهرجان الذي يرضخ للابتزاز أفضل له أن يغلق أبوابه.. وفيلم الوتر كما قلنا هو محكم الصنع ولكنه بوليسي عادي في النهاية.. ومن المؤكد أن الأفلام الفائزة كانت تستحق عن جدارة ماحصلت عليه وعلي رأسها الفيلم الجزائري الخارجون عن القانون للمخرج رشيد بوشارب الحائز علي الجائزة الذهبية.وأفضل فيلم عربي. أما الجائزة الفضية فنالها الفيلم الإيراني "يرجي عدم الإزعاج" للمخرج محسن عبد الوهاب. وذهبت البرونزية إلي الفيلم السوري "مطر أيلول" للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد. ونال الفيلم السوري "حراس الصمت" للمخرج سمير ذكري تنويه لجنة التحكيم .