في قرار غريب تراجعت وزارة "الأوقاف" عن موقفها بشأن منع السلفيين من اعتلاء المنابر وإلقاء الخطب في المساجد التابعة لها، مشترطة عدم الحديث في السياسة، وأن تكون خطبهم لمحاربة فكر تنظيم "داعش" الإرهابي، ليفتح هذا القرار الكثير من التساؤلات أبرزها هل هذا القرار بداية لعودة الصفقات بين الدولة والسلفيين، وهل هذا القرار اعتراف بفشل الأزهر في مواجهة الفكر الداعشي، وكيف انطفأت نار الحرب التي كانت مشتعلة بين وزير الأوقاف وأئمة الدعوة السلفية؟! سعد هلالي: وزير الأوقاف سحب 30 بلاغاً ضد مخيون وبرهامي مارجريت عازر: وزير الأوقاف يحارب الإرهاب بالإرهاب ما أشبه الأجواء الحالية بعام 1971 عندما أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات قرارا بالإفراج عن جميع المعتقلين والمحبوسين من التيارات الإسلامية المختلفة لمواجهة الفكر الشيوعي، لينقلب السحر علي الساحر وتظهر جماعة التكفير والهجرة والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد. وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك كان السلفيون أقوي المدافعين عنه بحجة أنه ولي الأمر ويجب عدم الخروج علي الحاكم حتي إن كان ظالما وفي ثورة 30 يونيو كان السلفيون حاضرين في حلف 30 يونيو المناهض لحكم الإخوان ولكن هذا الحلف لم يستمر طويلا بحجة أن حزب "النور" السلفي المشارك الأساسي في هذا التحالف هو حزب تأسس علي مرجعية دينية مثله مثل جماعة "الإخوان" التي خرجت من السلطة بعد عام واحد غير مأسوف عليها. بدأت الحرب بين وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة وقادة حزب النور وأئمة الدعوة السلفية بإصداره قرارا بمنعهم من اعتلاء المنابر وحصر الخطابة علي من لم يكن إمامًا معينًا بالوزارة أو خطيب مكافأة أزهريًا تم اختباره والتأكد من صلاحيته ليرفع نائب رئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامي دعوي قضائية ضد وزارة الأوقاف بسبب اختبارات الخطابة وتقدمت الوزارة ببلاغات ضد برهامي لإصراره علي إلقاء الخطب ولكن فجأة انطفأت نار الحرب وتراجع وزير الأوقاف عن قراره بمنعهم من الخطابة وقام برهامي بسحب بلاغه ضد الوزارة. يقول أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتور سعدالدين هلالي علي وزير الأوقاف أن يخرج ويوضح للشعب المصري أسباب سحبه 30 بلاغا قدمها للنائب العام ضد يونس مخيون وياسر برهامي وأقنع المصريين بسوء تصرفاتهما، وياسر برهامي تنازل عن قضيته ضد وزير الأوقاف إذا هي مسألة شخصية وليست عامة . وتابع الهلالي: الشعب المصري منح وزير الأوقاف شهادات التقدير والاحترام لمنعه السلفيين من المنابر حتي قيل إنه أقوي وزير أوقاف، والآن يمنح التراخيص ليونس مخيون وياسر برهامي بالخطابة هذا القرار سبب صدمة للشعب المصري هذا القرار يحتاج لتفسير من وزير الأوقاف، تجارة الدين انتهي عصرها، إذا سمح للسلفيين باعتلاء المنابر لماذا لا يسمح للإخوان باعتلاء المنابر أيضا. وتابع الهلالي موجها خطابه لوزير الأوقاف كيف ينجح السلفيون الذين لم يتجاوز عمرهم 100 عام بعد استيراد أفكارهم من الخليج في مواجهة فكر داعش ويفشل الأزهر الذي يزيد عمره علي الألف عام. يقول عضو الهيئة العليا لحزب الوفد عصام شيحة: كفي تدليلا للسلفيين، الجمع بين العمل الدعوي والسياسي جريمة في حق الوطن ونتائجها كارثية يتعذر تداركها، القوة الدينية الراغبة في العمل السياسي لابد أن تترك العمل الدعوي فمن يجمع بين الاثنين يسيء للدين والسياسة. وتابع شيحة السماح بالجمع بين العمل الدعوي والسياسي خطأ وقع فيه الرئيس أنور السادات وحسني مبارك ولا نريده أن يتكرر بعد ما عانيناه في في عام حكم الإخوان . وأوضح شيحة أن علي الدولة أن تساند البديل الآخر الوحيد المتمثل في القوي المدنية والأحزاب السياسية الرهان علي التيار الديني جريمة في حق الوطن، أما عن محاربة فكر داعش فلا يكون بعودة السلفيين للمنابر فلابد من تقديم استراتيجية كاملة تشترك فيها كل مؤسسات الدولة وعلي رأسها الأزهر الشريف والإعلام والأحزاب السياسية. وقال شيحة إن توقيت عودة السلفيين للمنابر خطير جدا قبل أخطر انتخابات برلمانية فالبرلمان القادم سيتمتع بصلاحيات هائلة فهو الذي سيشكل الحكومة القادمة ويمكنه أن يسحب الثقة من رئيس الجمهورية وخاصة أن هذه الجماعات لديها إمكانيات مالية ضخمة لا نعلم مصدرها. وأوضح شيحة أنه ربما يكون حكم الدستورية العليا طوق النجاة لإعادة رسم خريطة الحياة السياسية المصرية ، أعلم أنه لابد من إجراء الانتخابات البرلمانية في أسرع وقت لإتمام خارطة الطريق ولكن لابد أن يكون البناء البرلماني سليما، لا يضم أحزابا لها أذرع دينية.. القوي الدولية لن ترضي عن مصر سواء أجريت الانتخابات أم لا. قال وزير الأوقاف السابق الأحمدي أبو الأنوار لم أطلع علي حيثيات قرار وزير الأوقاف ولكن من المؤكد أن هذا القرار مشروط بعدم الحديث في السياسة فلا يمكن أن نضع السلفيين في سلة واحدة فمنهم الصالح ومنهم الطالح. وتابع أبو الأنوار: محاربة داعش تحتاج لجهود سياسية وعسكرية اقتصادية كبيرة، فلابد أن تزودنا الدولة بمعلومات عن هذا التنظيم وأفكاره وبرامجه وألا نستمدها من وسائل الإعلام فمن المؤكد أن لديها معلومات موثقة تختلف عن تلك المنتشرة في وسائل الإعلام حتي نستطيع الرد علي فتواهم . ودعا أبو الأنوار إلي عقد مؤتمر دولي للرد علي الفكر الداعشي وعلي العديد من الأفكار المغلوطة مثل قتل المسيحيين واستخدام النار في القتل والفساد الذي ينشرونه في الأرض فلابد أن ننقذ الشباب المسلم من الموت لسعيه وراء سراب الخلافة. وأضافت عضو مجلس الشعب السابقة والمنسقة العامة لقائمة في حب مصر مارجريت عازر: حزب النور يلتزم بالقانون شكليا فهو يضم جميع أطياف المجتمع ولكن فعليا فقادته هم قيادات الدعوة السلفية الذين يزرعون مفاهيم مغلوطة في المجتمع فالإرهاب ليس فقط من يمسك بندقية ولكن أيضا من يزرع مفاهيم مغلوطة . وتابعت عازر كان موقفا رائعا من وزير الأوقاف بمنع اعتلاء المنابر إلا لخريجي الأزهر ويكون مقيدا بوزارة الأوقاف أما عودة السلفيين في هذه التوقيت هو دعاية انتخابية، الشارع المصري في حالة احتقان شديد فلا يجب أن نتهاون مع السلفيين حتي لا نخلق إخوانا جددا، السلفيون يحملون نفس أفكار داعش فكيف سيواجه وزير الأوقاف الإرهاب بالإرهاب.