اربعة أعوام مرت علي ذكري تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك في 11 فبراير 2011، ليظهر الرجل في المشهد الأخير وعلي الرغم من بقائه اختيارياً في مستشفي المعادي العسكري "حراً طليقاً"، بعد سلسلة المحاكمات التي خضع لها في عدة قضايا أبرزها اتهامه في قضية قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة يناير، يكتمل المشهد بخروج نجليه علاء وجمال خارج أسوار السجن، بعد قرار إخلاء سبيلهما، وخلف ستار هذا المشهد كواليس أخري مهمة عن لقاءات يومية تجمع مبارك بنجليه ووالدتهما سوزان ثابت، ننفرد بالكشف عن تفاصيلها في سياق السطور التالية. سوزان ونجلاها يزورونه يومياً في المستشفي وشركة خاصة لحراستهم جمال ينهار باكياً في أول لقاء له مع ابنته فريدة منذ دخل السجن مبارك يُملي مذكرات التنحي لأحد أفراد الأسرة والبحث عن كاتب موثوق لصياغتها علاء أصبح منطوياً ويقضي وقته مع ابنه عمر وأصدقاء الدراسة كشف مصدر مقرب من الرئيس الأسبق حسني مبارك - طلب عدم الكشف عن هويته - أن الأخير شعر بسعادة غامرة بعد قرار إخلاء سبيل نجليه علاء وجمال غُداة الذكري الرابعة لثورة يناير يوم 26 من الشهر الماضي، بعد استنفادهما مدة حكمهما في قضية "القصور الرئاسية" وهي أربع سنوات لكل منهما، لكن يبدو أن هذا الخبر - رغم أهميته بالنسبة لمبارك وأسرته - لم يُخرج الرئيس الأسبق من حالة الحزن التي يمر بها منذ فترة طويلة بسبب ما تشهده البلاد من اضطرابات نتيجة حالة الفوضي التي يصر علي إشاعتها جماعة الإخوان وحلفاؤها، والعمليات الإرهابية التي تستهدف قوات الجيش والشرطة. وقال المصدر في تصريحات خاصة ل"آخر ساعة": أول شيء قام به علاء وجمال فور تنفيذ قرار إخلاء سبيلهما، أنهما زارا والدهما في مستشفي المعادي العسكري (جنوبالقاهرة)، مشيراً إلي أنهما يقومان بزيارته يومياً مع والدتهما سوزان ثابت وزوجتي علاء وجمال وأحفاد مبارك، وأكد أن هذه الزيارات اليومية تتم في إطار من الإجراءات الأمنية المشددة، وبخاصة أن جمال مبارك - تحديداً - مستهدف من جانب الجماعات المسلحة الموالية لتنظيم "الإخوان" الإرهابي. ورفض المصدر الإفصاح عن مكان إقامة علاء وجمال علي وجه الدقة، لما وصفه ب"الاعتبارات الأمنية"، مكتفياً بالتأكيد علي أن كلا منهما يقيم في منزله الخاص داخل القاهرة، نافياً ما يتردد أن إقامتهما في منتجع "شرم الشيخ" أو منطقة أخري خارج حدود القاهرة، وأكد أن قائمة الزيارات في المستشفي تضم أسماء كثيرة جداً تطلب لقاء الرئيس الأسبق، لكن هناك تشديدات أمنية تحول دون ذلك من ناحية، ومن ناحية أخري فإن مبارك نفسه يرفض معظم طلبات الزيارة هذه، مكتفياً باستقبال أفراد أسرته بصفة يومية، الذين يتحركون وسط حراسة مكثفة من جانب إحدي شركات الحراسة الخاصة، التي لم يسمها، مستبعداً في الوقت ذاته أن تكون شركة "فالكون" التي كانت مسئولة عن حراسة المشير عبدالفتاح السيسي أثناء الانتخابات الرئاسية قبل فوزه بمنصب الرئيس. وتابع: مبارك يرفض لقاء الإعلاميين تماماً، خصوصاً في ضوء حالة الازدواجية التي يتعاملون بها، حيث يطلب بعضهم زيارته وإجراء لقاءات إعلامية معه في الصباح، وفي المساء يتابع القنوات الفضائية فيجد أنهم "يشتمونه" مثل الإعلامي توفيق عكاشة رئيس قناة "الفراعين" وغيره من مقدمي البرامج. المصدر المقرب من مبارك وأسرته - الذي كان آخر لقاء له مع مبارك قبل ساعات من نشر هذه التصريحات - تطرق إلي الحديث عن اللقاء الأول الذي جمع جمال مبارك وابنته فريدة (5 سنوات)، الذي جاء أقرب إلي المشاهد الدرامية المؤثرة، كون فريدة لم تر والدها مرة واحدة طوال فترة وجوده في السجن، وقال المصدر:"جمال انهار وبكي وهو يحتضن ابنته في اللقاء الأول وكانت فريدة في غاية الفرح، ومن فرط سعادتها كانت تتنقل به في المنزل وتطلعه علي غرفتها الخاصة ومحتويات حقيبتها المدرسية وكل شيء يخصها". وبالمثل فإن زوجة مبارك سعيدة للغاية لخروج نجليها خارج أسوار السجن، وتشعر أنها بدأت تستعيد أسرتها من جديد، كما أنها ترفض إجراء أية أحاديث إعلامية، باستثناء لقائها مع الكاتبة الكويتية فجر السعيد، لأن أسرة مبارك "بيحبوها" كونها مصرية القلب وتعرف قيمة الرئيس مبارك ودوره في تحرير بلدها من الغزو العراقي، حسبما قال المصدر. وقال المصدر إن مبارك بكي حين عرف بحادث العريش الإرهابي الأخير الذي أسفر عن استشهاد 30 من رجال القوات المسلحة، وعشرات المصابين، وقال للمقربين منه في ذلك اليوم "لازم الشعب المصري كله يقف خلف الرئيس السيسي عشان البلد تعبر المرحلة الصعبة دي"، كما أنه يكرر دائماً دعاء "يارب يقوي السيسي". وأضاف المصدر: "حين سألته عن الوضع في سيناء وكيفية مواجهة الإرهابيين هناك قال لي مبارك "الجيش بتاعنا ماشي صح لأن طبيعة المكان عبارة عن مثلث فيه وديان وجبال وبالتالي من الصعب دكه بالطيران.. لكن لازم أجهزة المعلومات تشتغل بشكل جيد" وقال أيضاً إن "الحرب مع الجماعات الإرهابية المسلحة في سيناء صعبة لكن الجيش قادر علي القضاء عليهم". وكشف المصدر عن أن مبارك بدأ في كتابة مذكراته استعداداً لإصدارها في كتاب، يتناول نقاطا محددة هي تاريخه العسكري وظروف البلد والمؤامرة الأمريكية التي بدأت في العام 2005 ضد مصر، وسيقول في هذا الكتاب مبرراته لاتخاذه قرار التنحي عن الحكم في 11 فبراير 2011، التي يأتي علي رأسها رغبته في حقن الدماء، كما أنه أكد أنه شاهد بعينه البوارج الأمريكية تقترب من شواطئ مصر، وقال "ماقدرش أشوف نقطة دم تسقط بسببي". وأضاف المصدر: هناك شخص من أسرة مبارك يكتب ما يمليه عليه الرئيس الأسبق من مذكرات، وأن مبارك مازال في مرحلة الكتابة ولم ينته بعد من التفاصيل كافة، وربما يتم إعطاء الكتاب في النهاية لشخص آخر قد يكون كاتباً موثوقاً فيه، لصياغته بشكل احترافي، مؤكداً أنه حتي الآن لم يتم الاتفاق مع أي دار نشر لطباعة الكتاب. وعما إذا كان مبارك طلب من جمال الابتعاد عن السياسة أو العودة لها مستقبلاً مثلما هو الحال بالنسبة لعودة رموز في الحزب الوطني "المنحل" أمثال رجل الأعمال أحمد عز وغيره من أعضاء الحزب السابقين الذين قرروا خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، قال المصدر: عودة جمال إلي السياسة أمر مستبعد تماماً، وأن الأخير قال لوالده أثناء زيارته له في المستشفي عقب خروجه من السجن "مش عاوزك أنت تتكلم في السياسة" فقد قرر جمال بعد إغلاق الملفات القضائية في الفترة المقبلة ألا يعودإلي السياسة مطلقاً، وأنه سيعود إلي ممارسة عمله السابق في مجال البنوك الذي يتميز فيه. أما علاء مبارك فيؤكد المصدر أنه عائلي جداً ومنذ خروجه من السجن أصبح شخصاً منطوياً للغاية، يقضي وقته مع أسرته وبخاصة ابنه عمر، كما يحرص علي زيارة قبر ابنه محمد، وحريص علي قراءة القرآن، حيث لا يكاد المصحف يفارق يده، وباستثناء زيارته اليومية لوالده في المستشفي، لا يلتقي علاء إلا باصدقائه القدامي المقربين إليه من أيام الدراسة، وهو نفس إيقاع جمال اليومي حيث إن تحركاتهما محدودة للغاية وبحذر شديد، حيث إن لديهما رغبة في عدم الظهور حتي لا يتسبب ذلك في اضطرابات أمنية أو استفزاز لمشاعر أي من المصريين. وأخيراً أكد المصدر أن مبارك يقيم بمحض إرادته في مستشفي المعادي، ولم يخضع لأي ضغوط للبقاء فيها، علي الرغم من حصوله علي حكم بالبراءة، ولكن السبب الحقيقي هو حالته الصحية التي تتطلب بقاءه في ظروف مهيأة وبالقرب من الأجهزة الطبية، كما أنه يتابع علاجاً طبيعياً بصفة يومية، ما يعني أن بقاءه في المستشفي أمر ضروري، حيث إن حركته بطيئة للغاية نتيجة أمراض الشيخوخة، وما تعرض له من كسر في الحوض منذ فترة، ومازال يعاني من آثار هذا الحادث، أما الطريف فهو أن مبارك ضحك حين علم أن المرشد الإخواني السابق مهدي عاكف محجوز في جناح في الطابق ذاته الذي يقيم فيه مبارك، ويتمتع برعاية صحية كاملة، وعلق قائلاً: "الإخوان مالهومش مِلة".