استقبال هنية للأمير حمد أثناء زيارة الأخيرة لغزة أكتوبر 2012 "نحن أصدقاء ما دامت مصالحنا مشتركة".. بهذه النظرية تعاملت الولاياتالمتحدةالأمريكية، وطفلها المدلل إسرائيل مع قطر، فظلت العلاقة بينهم أشبه بشهر العسل القائم علي تبادل المصالح والمنافع، قبل أن يقطع وزير الخارجية الإسرائيلي، «أفيجدور ليبرمان»، ومعه أعضاء الكونجرس ذلك الوئام، بهجومهم الشرس علي الدوحة وشبكة قنوات الجزيرة التي تنتمي إليها، متهمين كليهما بدعم الإرهاب ونشر الأكاذيب. الآن فقط تعترف واشنطن وتل أبيب، بأن الجزيرة فقدت الحيادية وتروّج الشائعات لإثارة المجتمع الدولي وتضلله، القناة القطرية الآن أصبحت أداة للتحريض والتشويه والاستفزاز وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، واليوم فقط تنتقد أمريكا تناول القناة للحرب الدائرة ضد غزة، ودعم أمراء قطر لحماس وقياداتها، ويسعيان لحظرها علي أراضيها، فقد تعارضت المصالح وبات لابد من الصدام. ذلك الأمر يعيد إثارة التساؤلات حول اللعبة (الأمريكية - الصهيونية)، خاصة أن موقف واشنطن وتل أبيب كان مغايراً عندما قرر العديد من الدول - من بينها مصر وسوريا- رفض سياسة الإعلام القطري وعدم الترحيب برموزه لانحيازهم للمنظمات الإسلامية، معتبرين هذه الخطوة بمثابة قمع للحريات وحجب للحقيقة. ومع تصاعد الأحداث في غزة، ومواصلة الجيش الإسرائيلي هجومه الجوي والمدفعي الذي لا يهدأ والدمار والخراب الرهيب الذي حل بالقطاع، في عملية واسعة هدفها المعلن وقف إطلاق الصواريخ وشل حركة حماس، وإعلان كتائب القسام "الجناح العسكري للحركة"، في بيان لها، أنها قتلت 9 جنود إسرائيليين في هجوم نفذته قرب رفح في جنوبغزة، والتغطية أحادية الجانب لقنوات الجزيرة العربية والإنجليزية للأحداث والإنصات إلي قطروتركيا وتأكيد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، علي دورهم في مساندة الحركة، بعد رفض المبادرة المصرية لوقف نزيف الفلسطينيين. أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي "أفيجدور ليبرمان" أن بلاده تعتزم حظر قناة الجزيرة في تل أبيب، متهما الشبكة الإخبارية التليفزيونية بدعم الإرهاب ونشر الأكاذيب ضدهم. كما انتقد ليبرمان، وهو قومي متشدد، الدوحة المالكة للقناة بدعم وتمويل حركة حماس التي تسيطر علي قطاع غزة. وأضاف قائلاً إن قطر أصبحت تمثل مشكلة عالمية؛ فهي تعد شريان الحياة الاقتصادي لمعظم الجماعات الإرهابية والذراع الإعلامية للقاعدة التي تزعزع استقرار العالم بأسره خاصة الشرق الأوسط. وكانت القوات الإسرائيلية قد استهدفت مكتب القناة بغزة خلال الأيام الماضية. كما انتقد أعضاء الكونجرس وعلي رأسهم النائب الديمقراطي وعضو لجنة الشؤون الخارجية "براد شيرمان"، القناة التي يتم استخدامها كأداة تخدم السياسة القطرية الخارجية، رغم سماح الولاياتالمتحدة لها بإطلاق قناة "الجزيرة أمريكا" من نيويورك في 20 أغسطس الماضي. واعتبر "شيرمان" أن الدور الذي تلعبه قطر لا يتناسب مع حجمها، فيما أكدوا عدم التردد في مراجعة العلاقات معها نظراً لوجود بدائل للقاعدة الأمريكية في الدوحة. وجاء موقف كل من واشنطن وتل أبيب مغايرا تماماً لموقفهم بعد اعتقال ثلاثة من طاقم قناة "الجزيرة الإنجليزية" العاملين في القاهرة مطلع هذا العام، بتهمة انضمامهم إلي جماعة إرهابية ونشر أكاذيب. حيث وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حينها ما حدث بمثابة توسيع لحملة قمع الحريات ومن بينها حرية التعبير. فيما أدان البيت الأبيض بشدة الأحكام التي صدرت في حق صحفيي قناة الجزيرة ودعا إلي ضرورة إطلاق سراحهم. واليوم، يركز الأمريكيون علي فضح قطر وشبكاتها الإعلامية، حيث أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن رفض حماس للمبادرة المصرية جاء بعد أن تعرضت لضغوط من تركياوقطر التي تعهدت بقطع أي تمويل مالي للحركة في حال قبولها والتي تستعد لطرح مبادرتها التي من المؤكد أن تحظي بقبول قادة حماس. فيما يري بعض المحللين أن ماحدث كان لعبة أمريكية من أجل زج أنقرةوالدوحة في هذا الاتفاق. وكما يفسرون الدور القطري المتصاعد كمحاولة منها للبقاء وتجنب الصدام المباشر مع إيران؛ حيث إن جزءا كبيرا من حقول الغاز الطبيعي الكبيرة لها علي السواحل داخل مناطق الحدود المتنازع عليها مع البحرين، وتمتد للحدود البحرية مع الجمهورية الإسلامية، لذا اهتمت بلعب دور الدولة الراعية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. وفي تقرير نشره مركز "مشروع التحقيق حول الإرهاب" والمعروف ب «IPT» المعني برصد أنشطة جماعات الإسلام السياسي حول العالم، سرد فضائح قطر في تزييف الحقائق ونشر الأكاذيب من أجل مصالحها السياسية. فأوضح تدخل أفراد الأسرة الحاكمة القطرية في السياسة التحريرية لقناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية وتحريف الوقائع والتلاعب في محتوي الصور والتقارير الإخبارية مستنداً علي برقية من وزارة الخارجية الأمريكية ووثائق خاصة بالسفير الأمريكي في قطر "جوزيف لوبارون" في ديسمبر 2009. وأظهرت تلك الوثائق تحليل السفارة الأمريكية لموقع قناة "الجزيرة" علي خريطة التحرك السياسي لقطر ودورها في رسم ملامح سياسة قطر الخارجية. كما أوضحت توفير الدوحة الملاذ الآمن لإسماعيل هنية ومشعل مرتين بعد طرد الأخير من الأردن وإغلاق المكاتب السياسية لحماس في المملكة الهاشمية عام 1999 لكونها أصبحت من وجهة النظر الأردنية تمثل عبئاً أمنياً وسياسياً عليهم، ففتحت قطر ذراعيها لحركة حماس، وقد قسمت الحركة نفسها ما بين قطروسوريا. وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 توترت العلاقات بين حماس ونظام الأسد بسبب الحرب الأهلية في دمشق. وقدمت قطر لحماس مساعدات مالية وصلت إلي 50 مليون دولار، بعد تجميد المساعدات الأمريكية والأوروبية إلي السلطة الفلسطينية، بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في بداية عام 2006 وتشكيلها السلطة الفلسطينية. وبعد سيطرة حماس علي قطاع غزة في منتصف عام 2007 بررت قطر دعمها للحركة بالأزمة الإنسانية في القطاع نتيجة حرمان حماس من المساعدات المالية الدولية، وفي بداية عام 2008 قال أحد مساعدي رئيس السلطة الفلسطينية إن قطر تعطي حماس ملايين الدولارات في الشهر يستخدم جزء كبير منها في شراء الأسلحة. وفي عام 2012 وأثناء زيارته إلي غزة قام أمير قطر "الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني"، بتقديم دعم للحركة قدر بنحو 400 مليون دولار. فيما يقوم الشيخ يوسف القرضاوي، صاحب الجنسية القطرية، بتقديم الدعم الكبير لجماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم حماس، حيث استخدم برنامجه بقناة الجزيرة لتدعيم الحركة، من خلال جمعه للأموال لصالحها. وظهر تلاعب القطريين في المادة التحريرية عام 2011 عندما أمر "الشيخ حمد" بإعادة تحرير فيديو مدته دقيقتان للتركيز علي تصريحاته حول سوريا في الكلمة التي ألقاها خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 وجعل تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما في النهاية. ووصفت هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» وقتها قطر بأنها بلغت سن الرشد وأنها تقوم باستعراض عضلاتها المالية بعد إسهامها في تغيير الأنظمة في البلدان العربية وتمويل الأحزاب الإسلامية التي وصلت إلي الحكم. فغالباً ما سلطت الجزيرة الضوء علي النزاعات التي تقوم قطر بالتوسط فيها لإبراز وتضخيم الدور الذي تلعبه. وفي يناير الماضي، انتقدت "واشنطن بوست" الأمريكية الأداء المهني لقناة الجزيرة في تعاملها مع الملف المصري، وقالت إنه منذ اللحظات الأولي للإطاحة بالإخوان وهي تصف ما حدث بالانقلاب العسكري. فيما أكد "يجال كارمون" رئيس معهد الدراسات الإعلامية للشرق الأوسط بواشنطن، أن الجزيرة تتلاعب وتزيف الحقائق حيث تضخم حجم التظاهرات المؤيدة للإخوان عن طريق تكبير الصورة للإيحاء بأن العدد كبير، علي عكس الواقع. وأضاف قائلاً إن القناة القطرية تقسم الشاشة إلي عدة أجزاء بها تظاهرات صغيرة كي توصل صورة للمشاهد بأن هناك تظاهرات كثيرة تحدث في أكثر من مكان في نفس الوقت. وذهبت الصحيفة الأمريكية إلي أن هناك 22 صحفياً كانوا يعملون لدي الشبكة القطرية استقالوا جماعياً بعد أن تحولت إلي أداة تحريضية بسبب إدارة القناة المساندة للإخوان المسلمين وتياراتهم. وذكرت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية تشعر بالريبة تجاه الجزيرة الأمريكية؛ واستندت إلي وثيقة مسربة من "ويكيليكس" لدبلوماسيين أمريكيين عبروا عن خشيتهم لأوباما منها. ومن الغريب أيضاً، ما ذكره قبل عام "ليئور بن دور" المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإسرائيلية السابق أن هناك تعاوناً إعلامياً بين تل أبيب والدوحة، ومن خلال قناة "الجزيرة" التي تستضيفه وآخرين، إلي جانب تيسير الخارجية الإسرائيلية مهمة عمل فريق القناة، مؤكداً أن هناك تفاهماً استراتيجياً واسعاً بين الطرفين وأن هناك الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك بينهم في المنطقة. ومن بين علامات الاستفهام حول هذه القناة التي تحولت إلي منبر للقاعدة وطالبان وقيادتهما بعد أحداث 11 سبتمبر، ومن ناحية أخري، أداة لتنفيذ مخطط أمريكي صهيوني لتقسيم البلاد العربية. ووصفت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، في مارس الماضي قرار الفيفا منح شرف تنظيم كأس العالم عام 2022 إلي "قطر" الدولة الراعية للإرهاب. وأوضحت الصحيفة، أنه ومنذ أوائل التسعينيات وفرت الحكومة القطرية وأعضاء العائلة المالكة الدعم المالي والملاذ الآمن لأفراد معروفين بعلاقتهم بتنظيم القاعدة، والجماعات المتطرفة. ولذا فإن قطر ومن خلال شبكة قنوات الجزيرة، تستخدم كأداة لصالح المشروع الأمريكي الصهيوني، الذي يسعي إلي تقسيم الشرق الأوسط، وفي نفس الوقت تريد أن تلعب دوراً أكبر فتستخدام إعلامها ليخدم أهداف السياسة القطرية الخارجية، لتظهر أنها تعارض واشنطن وتل أبيب من خلال إشعال حماس والتركيز علي مقتل المدنيين الفلسطينيين فقط، إلا أن ولاءها سيظل للولايات المتحدة صاحبة القاعدة العسكرية ومن ثم إسرائيل.