استكمالا لحوار مجلة آخر ساعة مع الدكتورة سحر نصر كبير خبراء اقتصاديات التمويل بالبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حول دور البنك الدولي في توفير التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، قامت «آخر ساعة» بجولة تفقدية بمحافطة أسوان باعتبارها إحدي المحافظات النائية، التي تضررت بشدة خلال السنوات الثلاث الماضية، نتيجة لتراجع نشاط السياحة هناك الذي يعد المصدر الرئيسي للدخل بالمحافظة.. وقمنا بزيارة العديد من المشروعات التي تستفيد من القروض والمنح التي يقدمها البنك الدولي من خلال البنوك المصرية، بهدف مساندة هذه القطاعات المهمشة، وتحقيق وتسريع وتيرة التنمية وتنويع النشاط داخل المحافظة. تقول الدكتورة سحر نصر إن الحكومة المصرية وضعت مسألة تطوير المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، كأولوية في جدول أعمال الإصلاح، وطلبت من البنك الدولي دعم هذا القطاع مع التركيز علي معالجة أحد التحديات الرئيسية، ألا وهي الحصول علي التمويل والذي يعوق تنميتها ويحد من قدرتها علي خلق فرص عمل جديدة، وتعد هذه العملية فرصة لمجموعة البنك الدولي للتدخل ودعم مصر أثناء الأوقات الحرجة من التحول، أي عندما يطالب المواطنون بوظائف لائقة وفرص متكافئة واستقرار اجتماعي ومساواة في الوصول إلي الأسواق، الأمر الذي يخلص في النهاية إلي القضاء علي الفقر وتوفير الرخاء الاقتصادي وهما الهدفان الرئيسيان لمجموعة البنك الدولي، وهذا بهدف تحقيق نمو مستدام وتصل فوائد وعوائد النمو لجميع الفئات، سواء المرأة أو الرجل أو شباب الخريجين بالقاهرة أو المحافظات النائية، وأن يكون للفئات المهمشة دور فعال ومهم من خلال تنمية المهارات، لكي تستمر هذه الفئات وتدرب فئات أخري بحيث يكون هناك استمرارية للأنشطة، وتنمو تلك المشروعات وتدخل في القطاع الرسمي لتحقيق الاستقرار والأمان الاجتماعي للعمالة من خلال نظام تأمينات ومعاشات ثابت ومستقر. ومن ناحية أخري، تؤكد بيانات البنك الدولي أن الحكومة المصرية طلبت من البنك الدولي في أول يونيو 2009 المساعدة في تنمية قطاع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، وتعزيز قدرتها في الحصول علي التمويل من خلال مساندة الصندوق الاجتماعي للتنمية بصفته الجهاز الحكومي المسئول عن تنمية تلك المشروعات.. ويتولي الصندوق قيادة البرنامج الوطني لمساندة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة. وقد تم حديثا إنشاء الشركة المصرية للاستعلام الائتماني بهدف إدخال بيانات من المنظمات غير الحكومية عن الملاءة الائتمانية للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة، ومن شأن ذلك أن يجعل من هذه الشركة مؤسسة تصنيف للمقترضين المحتملين فضلا عن كونها مكتبا للاستعلام الائتماني.. ويتعين علي البنوك أن تقوم بإمداد الشركة بالمعلومات عمن يقترض منها. وقد أكد مسح حديث أجراه البنك الدولي شمل 200 شركة تأثر المشروعات متناهية الصغر والصغيرة بالسلب من تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتبرز أهمية المشروعات في أنها تمثل أكثر من 99 بالمائة من مؤسسات الأعمال في مصر، و85 بالمائة من حجم التوظيف بالقطاع الخاص الزراعي، وبالتالي نحو 40 بالمائة من إجمالي حجم العمالة. وطبقا لتقييم حديث أجرته مؤسسة التمويل الدولية فإن مايقرب من 2.1 مليون من المشروعات متناهية الصغر والصغيرة لاتملك القدرة علي الحصول علي تمويل، وكثيرا ما يحول نقص الائتمان الرسمي دون دخول تلك المشروعات إلي القطاع الرسمي وتحقيق نمو مستدام. جولة في أسوان عند وصولنا لمحافظة أسوان كان واضحا تأثر المدينة بحالة الركود السياحي الذي يعد النشاط الرئيسي للمحافظة.. ورصدت آخر ساعة خلال اللقاءات مع العديد من قيادات وأبناء محافظة أسوان، أن المدينة تعاني بشدة من تراجع النشاط السياحي فهناك ركود واضح في الأسواق، كما أن محافظة أسوان لم تشهد عمليات تنمية حقيقية، فالنشاط الزراعي هناك يعاني، كما أن المشروعات الصناعية محدودة للغاية. وقد تم رصد عدة ملاحظات مهمة أن محافظة أسوان تضم بحيرة السد العالي (بحيرة ناصر) واحدة من أكبر البحيرات الصناعية في العالم وتحتاج إلي تطوير مهنة الصيد للاستفادة من الثروة السمكية التي تغطي جانبا كبيرا من الطلب المحلي. ضرورة الاهتمام بالنشاط الصناعي حيث مازالت الأنشطة الصناعية ضعيفة للغاية وهذا لغياب البنية التحتية التي تساعد علي تأسيس المشروعات الجديدة وانطلاقها. الاهتمام بتطوير المنتج السياحي من خلال الاستفادة بالسياحة العلاجية حيث ثبت أن رمال أسوان تشفي من أمراض الروماتيزم والروماتويد وهناك مقترحات بإنشاء قري للسياحة العلاجية حيث ثبت أن أغاخان اختار أسوان للعيش فيها بعد شفائه من تلك الأمراض بفضل رمال أسوان. المنطقة الصناعية وخلال الجولة التفقدية بالمنطقة الصناعية بأسوان وهي منطقة جديدة يوجد بها عدد محدود من المشروعات الصناعية، فالمنطقة مازالت في مراحلها الأولي وتحتاج إلي تطوير البنية التحتية بها لجذب مشروعات جديدة للعمل هناك.. وقد رافقتنا خلال الجولة الأستاذة نهال القويسني مسئول الاتصال بالبنك الدولي والأستاذة رنا حجازي الباحثة الاقتصادية بالبنك الدولي حيث أكدت نهال القويسني أن هدف البنك الدولي تطوير المناطق النائية والمهمشة وتوفير التمويل للمشروعات الصغيرةة والمتوسطة من خلال البنوك المصرية. وخلال الجولة قمنا بزيارة لأحد مصانع المنتجات الغذائية. وكان اللقاء مع المهندس علي صالح إبراهيم مدير عام المشروع، ويعتبر هذا المشروع من المشروعات الرائدة في أسوان فالمهندس علي صالح يعتبر من المقاتلين لأن المنطقة الصناعية مازالت تحت الإنشاء ويعتبر مشروعه الذي بدأه منذ ثلاث سنوات من أوائل المشروعات عموما وأول مشروع في إنتاج المنتجات الغذائية العسل الأسود والصلصة والعصائر وغيرها. وحول تجربته بتوفير التمويل من البنك الدولي، أكد أنه قام بطلب قرض من البنك الأهلي المصري في إطار التمويل الذي يوفره البنك الدولي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وحصل علي القرض بهدف بدء النشاط.. فالتكاليف الاستثمارية للمشروع تبلغ نحو 15 مليون جنيه.. وقد تم استيراد المعدات وخط الإنتاج. وأشاد بالدور الذي تقوم به هيئة الاستثمار في إصدار التراخيص بهدف بدء النشاط وطالب بضرورة تذليل العقبات بالجهات الحكومية الأخري للحصول علي الموافقات والتراخيص التي تحتاج إلي الكثير من الوقت والجهد لاستخراجها. وبالنسبة للمعوقات التي تواجه المشروعات في أسوان والصعيد عموما أشار إلي ارتفاع تكاليف النقل والشحن خاصة أن معظم الخامات ومستلزمات الإنتاج والتعبئة والتغليف يتم توفيرها من القاهرة والوجه البحري.. وهذا ينتج عنه زيادة في تكلفة الإنتاج بنحو 30%.. وهذا ناتج عن بعد المسافة. وحول التيسيرات المقدمة من البنك للمشروع بشأن القرض قال إن سعر الفائدة يصل إلي نحو 12% وهناك سنة سماح تبدأ من مزاولة النشاط.. وأشار إلي أن أسوان من المناطق النائية التي تحتاج إلي المزيد من التيسيرات والحوافز لجذب المشروعات للعمل هناك. المشغولات اليدوية كانت الجولة الثانية لجمعية غرب أسوان بنجع الغللات وهي جمعية أهلية تستهدف تنمية المجتمع المحلي وخاصة للفئات الفقيرة حيث تحصل الجمعية علي منح ومساعدات في إطار مساندة البنك الدولي للمشروعات متناهية الصغر الخاصة بالفئات الضعيفة مثل المرأة المعيلة. وفي المعرض الخاص بالجمعية يتم عرض المنتجات من المشغولات اليدوية من سعف النخيل والخوص.. وتتنوع تلك المنتجات التي يتم توريدها للقاهرة بين حافظات النقود والسلاسل والعقود والطرح المطرزة ومعظمها منتجات خاصة بالمرأة كما تصلح المنتجات كأثاث للمصايف. تقول سمية البيومي مسئولة الاتصال بالجمعية إن هدف الجمعية الوصول للفئات الضعيفة وخاصة المرأة المعيلة حيث يتم إنتاج المنتجات اليدوية التي تلاقي قبولا في القاهرة ومن السياح الأجانب وهناك إقبال ملحوظ علي تلك المنتجات نظرا لجودتها العالية وانخفاض أسعارها.. كما يتم تصدير العديد من تلك المنتجات للبلدان الأوروبية نظرا لطبيعة هذه المنتجات التي تحمل الصبغة المحلية فهناك إقبال علي المصنوعات اليدوية (Hand made). هذه النوعية من الأنشطة يهتم البنك الدولي بتنميتها فالفئات المهمشة والضعيفة لها الأولوية في التمويل من المنح والمساعدات والقروض الميسرة التي يقدمها البنك للجمعيات الأهلية التي تستهدف تنمية المجتمع، ورفع المستوي المعيشي للأسر الفقيرة التي تفتقد المورد والعائل. وفي نهاية الجولة التفقدية قمنا بزيارة أحد مصانع المكرونة باعتباره من المنتجات الغذائية، وتم استعراض خط الإنتاج.. حيث أكد المدير التنفيذي للمشروع أنه تم الحصول علي قرض من أحد البنوك بهدف تشغيل المشروع وعمل بعض التوسعات.. وأشار إلي أن أحد كبار المسئولين بالبنك الدولي قام بزيارة المشروع في شهر مارس الماضي.. في إطار جولة تستهدف زيارة المشروعات التي يقوم البنك الدولي بتوفير التمويل لها. وأخيرا، فإن هدف حصول مصر علي المنح والقروض والمساعدات من المؤسسات المالية العالمية والإقليمية، توجيهها لخدمة قضايا التنمية ومكافحة الفقر خاصة مع التحولات التي تشهدها مصر حاليا في الاتجاه نحو الديمقراطية والإصلاحات السياسية والاقتصادية.