رحب خبراء الأمن بحكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الصادر الأسبوع الماضي بشأن حظر أنشطة حركة «حماس» الفلسطينية والتحفظ علي مقراتها، معتبرين هذا القرار كاشفاً دور حماس في اقتحام السجون المصرية وتهريب السجناء وقتل الأبرياء من المصريين خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011، بينما سيطرت حالة من الغضب والغليان علي قادة حركة حماس الأمر الذي دفعهم لإصدار بيان لإدانة الحكم.. ما التفسير القانوني للحكم والآثار المترتبة عليه؟ وما هي أنشطة حماس في مصر؟ وهل توجد لها مقرات بالقاهرة؟، وهل سيؤثر هذا الحكم علي دعم مصر للقضية الفلسطينية؟ يجيب عن ذلك خبراء الأمن.؛ أكدت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أن حيثيات «أسباب» حكمها الصادر بشأن حظر أنشطة حركة حماس والتحفظ علي مقراتها بمصر جاء بعدما تبين لها من ظاهر الأوراق ومن خلال الطلبات التي أبداها مقيم الدعوي، توافر شرطي الخطر والاستعجال في القضية، والذي يتمثل في وجود خطر حقيقي بتهديد الأمن والسلم للمواطن المصري، والمتمثل في ارتكاب أعضاء الحركة لأعمال إجرامية يعاقب عليها القانون المصري، وأوضحت المحكمة، أن المدّعي أسس دعواه علي صور الأعمال الإجرامية المتمثلة في وقائع الاشتراك لأعضاء حركة حماس مع الرئيس المعزول محمد مرسي، وقيادات جماعة الإخوان في التخابر والإضرار بالمصالح المصرية، أخذًا بقراري الاتهام الصادرين من النيابة العامة في شأن المتهمين في القضيتين المنظورتين أمام القضاء «قضية وادي النطرون والتخابر» مما رسخ داخل جدران وذهن الشعب المصري أن حركة حماس ترتكب أعمالاً إجرامية ضد مصر.؛ وأشارت الحيثيات إلي أن الدعوي استندت إلي أن حركة حماس كانت عند نشأتها حركة مقاومة إسلامية في فلسطين ولكنها تركت كل ذلك وأصبحت منظمة إرهابية أدرجها العديد من الدول ضمن المنظمات الإرهابية وتربطها علاقة وطيدة بالإخوان وترجع نشأة العلاقة إلي 11 فبراير 1988م حيث أكد أن حركة المقاومة الإسلامية تعتبر الساعد القوي لجماعة الإخوان المسلمين، وأكد ميثاق الحركة في 18 أغسطس 1988 أن حماس جناح من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين، مما يبين أن هناك تمازجًا وترابطًا بينهما باعتبارهما منظمتين إرهابيتين، لا سيما بعدما جاء في تقارير الجهات السيادية ومن ضمنها اقتحام حماس للحدود عام 2008 واقتحام عناصرها للسجون عام 2011 وتهريب عناصر محتجزة.؛ وعقب صدور الحكم أصدرت حركة حماس بياناً أدانت فيه الحكم واعتبرته مبنيا علي فبركات وأخبار كاذبة ،كما استنكرت الحركة صدور الحكم من محكمة عربية مصرية ونفت وجود مقار أو أنشطة لها بمصر واعتبرت الحركة الحكم سياسيا ومسيئا للقضاء المصري وأنه يستهدف الشعب الفلسطيني وصموده وأن الحكم يتوافق مع أهداف محاربة المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية ،وناشدت أحرار العالم إدانة الحكم ورفضه حسب ما جاء بالبيان.؛ يقول نائب مدير أمن سوهاج اللواء أحمد شاهين: حماس جزء لا يتجزأ من جماعة الإخوان وخاصة أنهم أعلنوا من قبل أنهم تحت أمر الإخوان مؤكدين إنتماءهم للطاعة والولاء ، وهم بالفعل قاموا بتهديد الأمن القومي بما فعلوه خلال أحداث ثورة 25 يناير2011 من الهجوم علي السجون وتهريب المنتمين إليهم وللإخوان وحزب الله في قضايا متعددة وذلك بالاشتراك مع عدة دول لإحداث الفوضي بالبلاد، كما قاموا بقتل الأبرياء من الشعب لذلك لابد من تنفيذ هذا الحكم لحماية الأمن القومي المصري.؛ ويضيف حكمدار سوهاج: مقرات جماعة الإخوان هي مقرات حركة حماس، أما أنشطتها فهي تدعي أنها تقوم بعمل مشروعات خيرية ومنظمات مجتمع مدني مثل ادعاءات الإخوان الكاذبة فحماس ومثل هذه الحركات اعتادوا علي العمل في سرية تامة وتحت الأرض فلا يمكن أن يكشفوا عن حقيقتهم لكن أجهزة المعلومات تقف لهم بالمرصاد وتكشف كل ما وراءهم، والضربات الناجحة من قبل القوات المسلحة والشرطة سوف تقلص العمليات الإرهابية وسيتم القضاء علي هذا الأمر قريباً.؛ ويوضح مساعد أول وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني اللواء حسين فكري أن أي دولة من حقها منع أي نشاط ضار علي أرضها، وهذا الحكم يراعي مصلحة مصر وذلك يؤكد علي سيادة الدولة المصرية فالحكم يعتبر كاشفاً لفضائح وجرائم حركة حماس وليس مقرراً، فعدم الاستقرار في مصر ارتبط في أذهان المصريين بذكر اسم حماس، وهذا الحكم لا يقلل من حب وتعاطف المصريين مع القضية الفلسطينية، مشيراً إلي أن حركة حماس أذكي من أن تقوم بعمليات إرهابية لإثبات غضبهم أو للانتقام رداً علي هذا الحكم لأنهم إذا فعلوا ذلك فهم يؤكدون ويثبتون أكثر أنهم يقومون بعمليات إرهابية.؛ ويكشف وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق اللواء محسن النعماني أن الرئيس المعزول محمد مرسي وافق خلال عام حكمه علي إنشاء مقر لحركة حماس بمنطقة المعادي، مشيراُ إلي أنه يعتقد أن الإخوان أنشأوا لحماس مكتباً داخل مقر الإرشاد بالمقطم وذلك لحضور الاجتماعات التي تكون ذات طابع سري، نافياً ما أثير حول أن القيادي الحمساوي محمود الزهار أكد عدم وجود مقار أو أنشطة لحماس في مصر لأن الزهار أحد القادة البارزين في الحركة ولا يمكن أن يقول ذلك فقد يكون الكلام علي لسان قائد آخر ولكن نسب إليه التصريح.؛ ويضيف اللواء النعماني: من الأخطاء التي ارتكبتها حماس هو دخولها في معارك مع فتح الحركة الأم للمقاومة الإسلامية، لكن تبقي مصر علي دعمها الكامل للحقوق المشروعة للفلسطينيين فمصر تعتبر هذه القضية قضيتها وليست قضية جوار وتحملت ضغوطا كثيرة من أجل هذه القضية.؛ وعن اختصاصات محكمة الأمور المستعجلة وطبيعة عملها يوضح عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة والخبير الأمني اللواء شوقي صلاح أنها تختص بالحكم في المسائل التي يخشي عليها من فوات الوقت، باتخاذ إجراء عاجل لا يفصل في أصل الموضوع، وبهذا فإن المحكمة تتصدي لأمر يتطلب اتخاذ إجراء تحفظي أو وقائي، ووفقاً لنص المادة 45 من قانون المرافعات وأحكامها أنه لا تحوز قوة الأمر المقضي به أمام محكمة الموضوع والفصل في الدعوي المستعجلة لا يحسم موضوع الخصومة، حيث يستند فيه القاضي علي ظاهر الأوراق ليتحسس منها سبيل الصواب في الإجراء الذي يحكم به ولعل وجه العجلة في الحكم محل البحث هو مخاطر الجرائم التي يتصدي لها المجتمع وما تم الكشف عنه من تورط عناصر من حركة حماس في العديد من الجرائم التي وقعت خلال السنوات الثلاث الماضية، كما تأوي حماس العديد من العناصر الإرهابية في غزة ، فالحركة لها ارتباط عضوي وعقائدي مع تنظيم الإخوان .؛
ويتابع اللواء صلاح: الحكم واجب النفاذ بقوة القانون، حتي مع الطعن عليه أمام الاستئناف، فالحكم الصادر في دعوي مستعجلة لا يتوقف تنفيذه علي قابلية الطعن عليه، والحالة التي توقف تنفيذ الحكم مؤقتاً هي الإشكال في تنفيذه، ويتعين علي الصادر ضده الحكم عند تقدمه بإشكال لوقف التنفيذ أن يبني إشكاله علي أسباب جديدة لم يتمكن من إبدائها أمام المحكمة، لذلك ألزم القانون صاحب الإشكال بتقديم مستندات أو أدلة جديدة ظهرت بعد صدور الحكم، والقاعدة التي تنص عليها المادة الثالثة من قانون المرافعات أنه لا تقبل أي دعوي كما لا يقبل أي طلب استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصحابه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون ، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشي زوال دليله عند النزاع فيه ، وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها في أي حالة تكون عليها الدعوي بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين، وقد أشار الحكم إلي المادة 59 من الدستورالحالي ، والتي تلزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ، وأن صاحب الدعوي مواطن مصري له كافة الحقوق والحريات ، ومن ثم فإن إقامة الدعوي جاء وفقاً لصحيح القانون.؛ وحول الجدل الذي أثير بشأن الحكم الصادر باعتبار حماس حركة إرهابية يوضح الخبير الأمني أن الحكم قضي بحظر أنشطة منظمة حماس مؤقتًا داخل مصر، وما ينبثق منها من جمعيات أو جماعات، أو منظمات أو مؤسسات تتفرع منها أو منشأة بأموالها، أو تتلقي دعما ماليا منها، أو نوعا من أنواع الدعم ، وذلك لحين الفصل في الدعوي الجنائية المنظورة أمام جنايات القاهرة باتهامها بالتخابر واقتحام السجون، وبهذا فقد تجنب الحكم الإعلان الصريح باعتبار الحركة إرهابية، فالحكم المستعجل لا يجوز له أن يفصل في الموضوع، لذا ركز فقط علي اتخاذ إجراءات تحفظية مؤقتة هدفها درء مخاطر محدقة بالبلاد، لها شواهد واقعية عديدة، وللأسف فقد ذهبت العديد من وسائل الإعلام إلي القول بأن المحكمة قضت باعتبار حماس منظمة إرهابية وهو ما لم يقض به الحكم ، ولعل هذا الخلط إن تجاوزنا عن مسألة توافر القصد فيه من عدمه مصدره ما نشر من مقاطع وردت بصحيفة دعوي المحامي الذي رفع الدعوي أمام محكمة الأمور المستعجلة، حيث ورد بصحيفة دعواه طلبات منها اعتبار حماس تنظيماً إرهابياً. ؛ ويري اللواء صلاح أن تصريح أحد قيادات حركة حماس بعد صدور الحكم المشار إليه بعدم وجود مقرات رسمية للحركة بمصر صحيح، ولعلنا نذكر في هذا السياق ما طرحه الرئيس المعزول محمد مرسي من رغبته فتح مكتب سياسي لحماس بالقاهرة! ولكن الحكم حظر النشاط، وبهذا فأي مكان في مصر تمارس فيه الحركة أو أي تنظيمات تابعة لها أنشطتها بصرف النظر عن تسميتها فإنه بهذا يخضع لإجراءات تحفظية لارتباط ذلك بالنشاط الذي حظره الحكم.؛