بدون شك يعتبر وحيد حامد هذا السيناريست العبقري هو نجم التليفزيون هذا العام بالنسبة للأعمال الدرامية.. وذلك بمناسبة النجاح الساحق الذي حققه مسلسل »الجماعة« وهذا ليس بغريب علي وحيد حامد السيناريست الجريء الذي لم يعرف قلبه الخوف.. فحين يجلس ليكتب عملا لايتوقف عن الكتابة بسبب الرقابة.. فهو الجندي المقاتل المدافع عن أعماله ومبادئه بكل ما أوتي من سياسة وقوة وجرأة. ❊❊❊ كنت أول ناقدة أكتب عن وحيد حامد الذي أصبح الآن ملك الدراما.. وكان ذلك في عام 1977 حينما قدم فيلمه الأول »طائر الليل الحزين« أي منذ 23 عاما وتوقعت لهذا الكاتب المبدع مستقبلا حافلا بالنجاح.. وحدث ماتوقعت .. فهو يختلف عن أي كاتب سيناريو .. له مدرسته الخاصة به في الكتابة للإذاعة والسينما والتليفزيون .. وهي المدرسة التي تعكس مشاكل الواقع وهموم العصر الذي نعيشه. وهو الكاتب الجريء الذي يقدم لك أعقد المشاكل في ثوب من حرير.. وهو السياسي المحنك والصحفي الجريء الذي لايتنازل أبدا عن أفكاره. كتبت يومها عن فيلم »طائر الليل الحزين« في مجلتي »آخر ساعة« »إن وحيد حامد لم يحقق النجاح بالصدفة ففيه القصة الجيدة التي جذبت ألوف المستمعين حين قدمها مسلسلا في الإذاعة.. وحقق الكثير من النجاح حين قدمها للسينما.. إنها قصة عازف الموسيقي البريء »محمود عبد العزيز« الذي اتهم ظلما في جريمة قتل.. فيهرب من العربة التي أقلته إلي السجن ليحاول إقناع القاضي »محمود مرسي« الذي أصدر عليه حكما بالإعدام.. وتكون مفاجأة للقاضي عندما يجد المتهم الذي أصدر عليه حكما بالإعدام في الصباح ينتظره في شقته عند عودته في المساء ليقدم له دليل براءته.. ففي هذه الليلة التي ارتكب فيها الجريمة كان في مكان آخر في فراش امرأة هي »شويكار« وهي شاهد الإثبات الوحيد. أقول هذا لأنه كان بداية سلم النجاح الذي صعد به وحيد حتي وصل إلي القمة قلت أيضا أن قصة وحيد حامد في أول فيلم له ضمنت للفيلم التشويق المثير والجاذبية الشديدة بفضل السيناريو المحبوك الجيد والحوار الذكي القصير البعيد عن الثرثرة.. والكاميرا التي صورت التعبيرات والصراع داخل الشخصيات.. والفيلم ليست فيه توابل السينما التجارية المعروفة.. وهو بعيد عن موضة الميلودراما التي عادت للظهور.. ولا أقول إنني اكتشفت وحيد حامد كسيناريست للسينما.. فقد كان قادرا علي اكتشاف نفسه.. وجمهوره .. لكنه إنسان متواضع.. كان يعطيني أحيانا بعض سيناريوهاته لأقرأها وأقول رأيي فيها. وأنسي أنني ناقدة حينما أقرأها فاتخيل كل مشهد .. وأخرج بسيناريو يظل في ذاكرتي حتي قبل أن يبدأ التصوير وتحقق ماتوقعته لهذا الكاتب الكبير. ووحيد الذي نشأ في إحدي القري هو الفلاح البسيط الماكر أحيانا.. القادم من القرية إلي المدينة ليحقق مايريد.. بداية من »طائر الليل الحزين« وحتي »الأولة في الغرام« مرورا »باللعب مع الكبار« و»نور العيون« و»رغبة متوحشة« و»الإرهاب والكباب« و»المنسي« وكشف المستور و»طيور الظلام« والنوم في العسل وأضحك الصورة تطلع حلوة وسوق المتعة ومحامي خلع ودم الغزال.. كان كل فيلم من هذه الأفلام يعتبر درجة للصعود في القمة حتي أصبح ملك الدراما.. قدم أفلاما سياسية اجتماعية لم يجرؤ كاتب علي الاقتراب منها.. وصاغها في نسيج من الحرير ليقدم هذه الموضوعات التي تعكس هموم الوطن.. وكشف أخطاء السلطة ومراكز القوي واستخدام الدين كنوع من الإرهاب.. كما جاء في مسلسل »العائلة« الذي حقق نجاحا كبيرا.. وتقديمه الآن لمسلسل »الجماعة« الذي يعتبر منظومة شعرية تحكي تاريخ الإخوان المسلمين.. وتنتظره الجماهير كل يوم.. إن وحيد حامد ليس السيناريست الذي يبحث عن المال فهذا سهل جدا بالنسبة له.. لكنه انفرد بالأعمال المهمة الجريئة التي تسجل لتاريخ مصر. ❊❊❊ إن وحيد حامد هو الجندي المقاتل المدافع عن أعماله.. والذي يربك الرقابة التي يتميز كل واحد منهم بتفكير وفكر معين مثل المحب للسينما ذي العقلية المتحررة.. والعكس صحيح.. وهناك من يأخذ الكلمة حرفيا.. ومن يتمسك باللفظ.. لكن بصراحة فوجئت بالرقابة هذا العام بإجازة مسلسل »الجماعة« هذا العمل المتميز الذي يحكي تاريخ الإخوان المسلمين الذي تطور إلي التشدد والتعصب والإرهاب. وهو عمل يتميز بالتشويق.. لم ينجح بالصدفة فقد ظل وحيد سنوات حياته يرجع إلي الراجع وهو إنسان صادق مع نفسه ومع الناس فقد كتب اسماء أصحاب هذه المراجع. وأعرف أنه تابع المسلسل أثناء التصوير والممثلين الذين أثبت كل منهم أنه نجم بدوره.. وبذلك انتصر علي مفهوم النجم الأوحد بالتمثيل الجماعي. ❊❊❊ وقد قدم لنا وحيد حامد ابنه »مروان حامد« الذي اكتسب منه حبه للسينما ولكنه اتجه للإخراج. وحين جلسنا لنتابع فيلم »عمارة يعقوبيان« أول فيلم من إخراج مروان.. قلت لوحيد لماذا لا تشترك في عمل واحد مع مروان؟ رد وحيد بابتسامته الطيبة لأنه لايقتنع برأيي في بعض الأحيان. أن أفلام وحيد حامد تؤرخ لتاريخ مصر بصدق وبدون أي تنازلات ليفلت من الرقابة.. ولذلك تعتبر أفلامه نقطة تحول في تاريخ السينما. ونحن نتمني لوحيد حامد الكثير من النجاح بالتعايش مع المجتمع وهمومه.. وأيضا بأفكاره وأحلامه. شكرا وحيد حامد..