٫ شهدت منظومة حقوق الإنسان تطورا كبيرا في العديد من مناطق العالم بعد مرور عشرين عاما علي إعلان ڤيينا الذي تم علي إثره إنشاء المفوضية الدولية لحقوق الإنسان والتابعة للأمم المتحدة ومن هذا المنطلق عقد المكتب الإعلامي للمنظمة الدولية بالقاهرة مائدة مستديرة لبحث التطورات التي طرأت علي حقوق الإنسان في المنطقة العربية بعد عقدين من انعقاد مؤتمر ڤيينا لمناقشة الإنجازات التي تحققت في هذا النطاق والتحديات الماثلة أمام نشر ثقافة حقوق الإنسان وآفاق المستقبل الرامية إلي تحقيق تقدم مستمر في هذا المضمار. وقد أوضح المشاركون في المائدة المستديرة الذين طرحوا أفكارهم وتوصياتهم بأن المنطقة العربية شهدت علي مدار السنوات الماضية حركة كثيفة في المصادقة علي الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وفي إنشاء المؤسسات الوطنية لدعم هذه الحقوق ووضع خطط وطنية لها مع التأكيد علي أهمية استقلال هذه المؤسسات والخطط عن السلطة التنفيذية حتي لاتبدو في بعض الحالات كوسائل للعلاقات العامة والدعاية. كما أشارت التوصيات الصادرة عن المائدة المستديرة بأن المنطقة العربية شهدت أيضا تقدما نسبيا في تطوير التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة. وأشاد المشاركون في الندوة بالمكسب الذي تحقق من خلال وضع ميثاق عربي لحقوق الإنسان مؤكدين أهمية إيجاد آليات لحماية هذه الحقوق وأهمية السماح للمجتمع المدني بالمشاركة في مداولات واجتماعات جامعة الدول العربية في هذا المجال وعلي كافة الأحوال أوضح المشاركون أن المنطقة العربية شهدت تقدما كبيرا في نشر ثقافة حقوق الإنسان مقارنة بالأوضاع بما قبل مؤتمر ڤيينا. تحديات ماثلة مائدة الحوار الإقليمية لبحث تطورات حقوق الإنسان في المنطقة العربية في ذكري مرور عشرين عاما علي إعلان ڤيينا لحقوق الإنسان كانت مجالا ثريا لتبادل الأفكار بين ممثلي حقوق الإنسان في العديد من البلدان العربية ومن بينها بلدان الربيع العربي وقد قام فتحي الدبابي مدير المركز الإعلامي للأمم المتحدة بالإنابة بتنظيمها وشارك فيها عبد السلام سيد أحمد الممثل الإقليمي لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالشرق الأوسط والعديد من نشطاء وخبراء حقوق الإنسان في المنطقة العربية ومن بينهم الدكتور راجي الصوراني مدير المنظمة العربية لحقوق الإنسان والدكتور كامل مهنا المنسق العام لشبكة منظمات المجتمع المدني العربية من لبنان ودكتورة عائشة الحجي من ليبيا وغيرهم من الشخصيات المهتمة بقضايا حقوق الإنسان في تونس والأردن واليمن والبحرين ومن ثم فإن هذا التنوع في المشاركة أثري المناقشات التي ترمي في النهاية إلي تطوير منظومة حقوق الإنسان بما يحقق دعم الحريات والحياة الكريمة للشعوب العربية. ومن خلال المناقشات أوضح المشاركون أنه لاتزال حقوق الإنسان في المنطقة تشهد فشلا في بعض المناطق لاسيما فيما يتعلق بمستوي تمكين الشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير. ومن ناحية أخري هناك حاجة ماسة لتمكين منظمات المجتمع المدني من المشاركة في صياغة القرار فيما يتعلق بحقوق الإنسان كما أكد الحاضرون أهمية دعم استقلال السلطة القضائية من أجل تكريس دولة القانون والمؤسسات علي مستوي المنطقة العربية.. ومن أهم التحديات الماثلة أيضا فإن حقوق المرأة في العديد من البلدان العربية تشهد تهديدات جدية قد تؤثر علي ماتم إنجازه في هذا الصعيد رغم تواضعه. وأوضح المشاركون أن المأساة التي يعيش فيها الشعب السوري في ظل أوضاع التهجير واللجوء هي مأساة وكارثة إنسانية بكل معاني الكلمة فهناك الآن 3 ملايين طفل سوري خارج منظومة التعليم. ومن ناحية أخري فإن أهداف التنمية للألفية في المنطقة لم تتحقق كما كان مأمولا ولا تزال منقوصة وغير متساوية بين بلدان المنطقة وكذلك بين مختلف المناطق داخل البلد الواحد. ثلاثة محاور وفي حقيقة الأمر فإن المناقشات في إطار المائدة المستديرة قد تمحورت حول محاور ثلاثة وهي محور دولة القانون والانتقال الديمقراطي والمحور الثاني يتعلق بالتنمية القائمة علي حقوق الإنسان وأهداف التنمية لما بعد 2015 والمحور الثالث يرتكز علي ثقافة حقوق الإنسان. وعلي صعيد المحور الأول أوصي المشاركون بضرورة الأسراع في إجراءات العدالة الانتقالية لدعم الاستقرار في بلدان ثورات الربيع العربي وبأهمية النهوض بثقافة منع التعذيب ومكافحة الفساد وتأمين الحماية القانونية للمدافعين عن حقوق الإنسان وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني علي المستوي الوطني والإقليمي وتم دعوة الدول العربية التي لم تنشئ هيئات وطنية لحقوق الإنسان بالعمل علي تأسيس هذه الهيئات. وأكد المشاركون أن حقوق الإنسان في الإعلام العربي يتم تناولها بصفة سياسية أكثر منها قانونية مما يجعل قضية حقوق الإنسان خاصعة للأجندات السياسية الضيقة. التنمية وحقوق الإنسان بعد عشرين عاما من إعلان ڤيينا لحقوق الإنسان وإنشاء المفوضية الدولية لهذه الحقوق مازالت الدول الغنية لم تلتزم بتعهداتها للمساعدة علي إنجاز أهداف التنمية للألفية.. ومن هذا المنطلق أكد المشاركون في المائدة الإقليمية ضرورة الخروج من النظرة القائمة علي اعتبار المساعدة علي التنمية نوعا من الصدقة باعتبار الحق في التنمية حقا أصيلا من حقوق الإنسان وفي الوقت نفسه مسئولية وطنية ودولية تقوم بالدرجة الأولي علي الحكومات. وأكد المشاركون أنه لا يمكن للدولة أن تتخلف أو تتهاون في القيام بمسئولياتها في تأمين الحق في التنمية لمواطنيها ولايمكن الفصل بين حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأن هذه الحقوق تتبادل التأثير والتأثر. مكافحة الفقر والتهميش يجب أن تعطي الأولوية ضمن خطط التنمية ولابد من تكريس الحق في العمل والأجر اللائق في التشريعات العربية. عملية مستمرة وقد أشار بعض المشاركين في المائدة المستديرة إلي أهمية التفاؤل بمستقبل نشر ثقافة حقوق الإنسان في المنطقة.. مشيرا إلي أنه حتي في الدول الديمقراطية العريقة هناك انتقادات لبعض الممارسات المناهضة لحقوق الإنسان وأوضح هؤلاء أن حقوق الإنسان والتطور الذي تشهده المنطقة هي عملية مستمرة وبالتالي فإن نشر هذه الثقافة لابد أن يبدأ مع الأطفال في المدارس وفي الأسرة منذ الصغر. وأوضح المشاركون في توصياتهم أنه لابد أن تقوم منظمات المجتمع المدني بدورها في نشر هذه الثقافة وتم دعوة المفوضية السامية لحقوق الإنسان بأهمية توفير الوثائق القانونية التي تنهض بثقافة حقوق الإنسان لأنه لايزال هناك اتجاه سائد في المنطقة العربية في تناول حقوق الإنسان تناولا سياسيا أكثر منه تناولا قانونيا. وأوضح العديد من المشاركين بأنه عند التحدث عن حقوق الإنسان لابد أيضا أن يدرك أفراد المجتمع بأنه طالما أنهم يتمتعون بالعديد من الحقوق فإن عليهم أيضا واجبات لابد أن يلتزموا بها تجاه مجتمعاتهم ودولهم فالحق دائما يقابله واجب لابد أن يلتزم به كل فرد تجاه مجتمعه. وأخيرا فإن رسالة المائدة المستديرة للمنطقة العربية بعد عشرين عاما عن إعلان ڤيينا كان مضمونها أن مسيرة حقوق الإنسان تسير نحو الأمام في المنطقة العربية وبالرغم من شعور البعض بالإحباط من عدم إحراز تقدم ملموس في بعض جوانب حقوق الإنسان في المنطقة لكن المشاركين في المائدة أكدوا أهمية الابتعاد عن مشاعر التشاؤم وعدم الانغماس فيها بل علي العكس هناك إنجازات قد تحققت وإنجازات سوف تتحقق لاحقا وعلينا تغلب مشاعر التفاؤل لأن المستقبل سوف يكون أفضل ولن تتراجع مسيرة حقوق الإنسان.