ذات ليلة ممطرة شديدة البرودة، وبينما الناس في بيوتهم خوف البرد والمطر، كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدور في طرقات المدينة، لعل هناك من يحتاج إلي خدمات أمير المؤمنين، وأثناء تجواله سمع حوارا بين أم وابنتها، البنت ترفض طلب أمها أن تخلط اللبن الذي تبيعه للناس بالماء وعندما تقول لها الأم: إن أمير المؤمنين لن يراك! ترد الابنة: ولكن رب عمر يرانا فما كان من عمر بن الخطاب إلا أن وضع علامة علي هذا البيت، وفي الصباح ذهب وطرق الباب، وخطب هذه البنت لابنه عاصم.. وكانت أم عاصم بنت عاصم ابن الخطاب هي أم عمر بن عبدالعزيز، الذي ولد في المدينةالمنورة سنة62ه. ويشاء القدر أن يتولي عمر بن العزيز الخلافة عامين وعدة شهور (99 101ه).. نشر فيها العدل والمساواة بين الناس حتي ظهرت أسطورة تقول إنه في عهد عمر بن عبدالعزيز كانت الشاه ترعي بجانب الذئب دون أن يهاجمها! وكانت جينات العدل التي ورثها عن جده العظيم سببا في أن يشعر الناس جميعا في مختلف أرجاء العالم الإسلامي بالرخاء، بجانب الأمن والأمان، حتي قيل إن عمال الصدقات لم يجدوا من يحتاج إلي الصدقة. ولم تجر فتوحات في عهده، فقد آثر خامس الخلفاء الراشدين أن يحرص علي نشر حضارة الإسلام بين ربوع البلدان المفتوحة، وكان هو قدوة حسنة في أخلاقياته وسلوكه مما جعل الكثيرين يدخلون في الإسلام، وجعل الخارجين علي بني أمية من الشيعة والخوارج لا يكدرون صفو الدولة، لأنهم رأوا في الخليفة العدل مجسدا في شخصيته وتصرفاته وحرصه علي الصالح العام.. وقيل إن بعضهم عندما رأي الذئاب تهاجم الغنم، عرفوا أن الخليفة قد رحل عن الدنيا!! ورحل عمر في أواخر شهر رجب سنة 101 تاركا تراثا حيا خالدا لا يموت. من أقوالهم: إن من الزكاء ألا تنتصر في الجدال، وإنما من الذكاء ألا تدخل في الجدال. جبران خليل جبران