منذ عدة سنوات وعلي ما اعتقد ابان الحكومة التي كان يرأسها الدكتور عاطف عبيد في نهاية الألفية الثانية قمت بحملة صحفية في مقالاتي بصحيفة الأخبار حول كارثة المدفن الصحي الذي كان قد اقيم بالقرب من مدينة الحمام بالساحل الشمالي في الكيلو 50 في اتجاه مرسي مطروح. ادي وجود هذا المدفن الذي اقامته شركة فرنسية تعمل لحساب محافظة الاسكندرية الي نشر موجات من الذباب الشرس الذي هاجم كل القري السياحية بالساحل الشمالي. الحقيقة فان الرئيس الاسبق حسني مبارك اهتم بهذه القضية وأعطي تعليماته الي رئيس الحكومة والوزارات المسئولة ومحافظة الاسكندرية بسرعة التحرك لحل المشكلة.. كان لهذا التكليف فعل السحر حيث صدرت التعليمات بوقف استخدام هذا المدفن وهو ما كان له الفضل في توقف الهجوم الذبابي الذي نغص حياة سكان المنطقة والمواطنين المصيفين بجميع طبقاتهم بما في ذلك السياح العرب والاجانب. تضمن هذا الحل الاخذ باقتراح نقل هذا المدفن الي عمق الصحراء الشاسعة في المنطقة المحيطة. ما حدث في هذه الفترة عاد ليتكرر هذه الايام بطول الساحل الشمالي وبطريقة أشرس. كان من نتيجة ذلك حرمان المصيفين الذين هرعوا الي الشواطئ هربا من الحر من متعة قضاء اجازة العيد في راحة وسلام.. لم تنفع استغاثتهم لكل المسئولين من هجوم الذباب والناموس الذي اتسم »بالرزالة» والاصرار علي اثارة الأعصاب وتهديد الصحة. جري ذلك علي مشهد من جميع المسئولين عن المنطقة سواء في محافظتي الاسكندرية أو مطروح وكذلك وزارات الزراعة والبيئة والصحة. عندما وصلتني هذه الاستغاثات تليفونيا من بعض الاصدقاء سألت أحد الخبراء عن أسباب تفاقم هذه الظاهرة؟ اخبرني ان وراء ذلك قيام العديد من القري السياحية - وللاسف - الموجودة علي الساحل بري زراعاتها بمياه الصرف الصحي دون المعالجة الثلاثية التي تجعلها صالحة لهذا الغرض. يضاف إلي ذلك عدم الاهتمام باتخاذ الاجراءات اللازمة لصرف المخلفات الصحية. بالطبع فإن مسئولية رقابة هذه التصرفات تقع علي عاتق وزارتي البيئة والصحة وجهاز القري السياحية الذي يتولي اصدار موافقات اقامة هذه القري السياحية. ان ما يؤسف له حقا ان المسئولين في هذه الاجهزة اختاروا ببلادة شديدة الا يستجيبوا لهذه الاستغاثات ويتعاملون معها »بودن من طين واخري من عجين» كأن الامر لا يعنيهم من قريب او بعيد. سألت رئيس اتحاد الشاغلين في احدي القري السياحية الرئيسية الكبيرة بالساحل الشمالي عما فعلوه لحل هذه المشكلة.. قال لي انهم لجأوا الي وزارات الزراعة والصحة والبيئة لطلب مساعدتهم الفنية لمواجهة هذه الكارثة. ولكن لا حياة لمن تنادي. الغريب ان معظم هذه القري لاتهتم بمقاومة جحافل الذباب والناموس رغم آلاف الجنيهات التي تتقاضاها من ساكنيها لتوفير هذه الخدمات. كم ارجو من رئيس الوزراء ومن الوزراء الثلاثة المسئولين ان يتقوا الله بايجاد حل لمواجهة جيوش الذباب والناموس التي تهدد صحة سكان المنطقة وزوارها. ان هذا الخطر اصبح نقطة سوداء تشوه سمعة اجمل بقعة سياحية في العالم أراد الله ان تملكها مصر المحروسة. لابد من استجابة هؤلاء المسئولين لهذه الاستغاثات في اطار مسئولياتهم وواجباتهم..