اعتاد المراقبون والمهتمون والقراء في العالم أجمع معرفة شخصية وزير الخارجية الأمريكي، باعتباره صاحب المنصب الأرفع في دبلوماسية البلد المهيمن علي مفاصل النظام العالمي القائم.. في حقبة الرئيس دونالد ترامب، بما تتسم به من سمات وخصائص وأداء مغاير في جوانب كثيرة عما سبقها من إدارات، قد يبدو الوضع مختلفاً بعض الشيء، فالعالم بات يعرف المبعوثة الأمريكية لدي الأممالمتحدة أكثر من وزير الخارجية الأمريكي، فالقليل فقط يعرفون ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي الحالي، ولكن الكثيرين باتوا يعرفون جيداً نيكي هايلي التي اختارها الرئيس ترامب لتعبر عن سياسته في الأممالمتحدة. برزت هايلي بشكل لافت للمرة الأولي عندما تحدثت أمام نحو 18 ألف مشارك في مؤتمر »ايباك» السنوي، معلنة انطلاق ما وصفته بالعهد الجديد في المنظمة الأممية (الأممالمتحدة) حيث تكون الولاياتالمتحدة حليفا بلا حرج وبلا لبس لإسرائيل، ووعدت بأن استخدام »الفيتو» من جانب الإدارة الأمريكية ضد أي مشروع قرار دولي ينتقد الاستيطان الإسرائيلي »لن يحدث مرة أخري»، وأن الولاياتالمتحدة لن تقوم بمهاجمة أفضل صديق ديمقراطي لها في الشرق الأوسط مرة ثانية. وأن عهد »التمييز» ضد إسرائيل في الأممالمتحدة قد انتهي، وأن »زمن مصارعة إسرائيل قد انتهي».. الواضح أن هايلي تنتمي إلي نفس مدرسة ترامب في الشعبوية السياسية، حيث تستطيع مخاطبة عواطف الجمهور واستمالته عبر اللعب علي وتر الألفاظ والعبارات. هايلي، لمن لا يعرف أربعينية من أصول هندية، تولت سابقاً منصب حاكم ولاية ساوث كارولينا، وولدت لأبوين من السيخ، كما سبق لها أن كانت نائبة بمجلس النواب بالكونجرس الأمريكي عن ولايتها. وربما اختيرت لهذا المنصب بناء علي أسلوبها الصادم في التعبير عن مواقفها وآرائها!! وكان لها تعليق شهير في لقائها مع »أيباك» حين قالت تعبيراً عن سبب ارتدائها لحذاء بكعب عال أنها »تنتعله» ليس من قبيل الموضة، ولكن »لأني إذا رأيت الخطأ سأركلهم مرة أخري». نجحت هايلي، حتي الآن، في الضغط علي الأمين العام للأمم المتحدة مرتين، في الأولي تراجع عن قرار تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة في ليبيا، وفي الثانية قام بسحب تقرير لجنة »الأسكوا» (لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا) الذي ندد بإسرائيل ووصفها بالدولة التي تمارس الفصل العنصري، وهو التقرير الذي تسبب في استقالة المديرة التنفيذية للجنة ريما خلف من منصبها احتجاجاً علي سحب التقرير. ويبدو أن قوتها وصرامتها والدعم القوي لها من جانب اللوبي اليهودي يؤهلانها للترقي بشكل سريع في عالم السياسة الأمريكية، فقد وجدنا توقعات ترشحها لأن تكون مرشحة للحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية خلال السنوات المقبلة، وتحديداً في انتخابات 2024،. وهايلي حتي الآن حادة وقوية ولكنها لا تمتلك خبرة سياسية كافية تؤهلها لطرح حلول وبدائل مبتكرة في التعامل مع ملفات معقدة مثل الملف النووي الإيراني، وحتي الملف الكوري الشمالي، فهي عادة ما تكتفي بالهجوم والتشدد البالغ والضغط علي الخصوم ولكن من دون إظهار إشارات علي رؤية استراتيجية مبتكرة للتعامل مع ما تعتبره الولاياتالمتحدة وحلفاؤها مصادر تهديد استراتيجي. صقور جدد في الإدارة الأمريكية ولكنهم يختلفون تماماً عن صقور اليمين خلال فترة ولاية الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، فليس لدي الصقور الجدد التوجهات والقناعات ذاتها، ولكنهم يمتلكون النزعة ذاتها نحو الرد بصرامة واستخدام القوة العسكرية.