إلى هذا الحد ليس لديهم شىء جديد؟ إلى هذا الحد هم مسخرة أكثر من كل المدى الذى وصلته سخريتنا منهم؟ عمر سليمان..؟ إلى هذا الحد.. النظام ميت، ولا تخرج منه إلا كائنات ميتة؟ إلى هذا الحد هم يشبهون ما نتخيله عنهم.. مجرد ديناصورات تصارع من أجل البقاء؟ إنهم يشعرون بالارتباك وقِلَّة الحيلة إلى درجة أنهم يدفعون باختيارهم المستحيل. نعم عمر سليمان اختيار صعب، كأنك تمسك بندقية ليس فيها إلا رصاصة واحدة. عمر سليمان مغامرة العاجز. الرجل الذى انتظرته مصر سنوات وهى عاجزة ضعيفة مستضعفة، وانكشف فى أقل من 5 أيام عندما ثارت مصر، وكسرت حاجز الخوف، وحطمت الأقفاص التى كان عمر سليمان نفسه أحد صناعها. الرجل الذى قال إن الديمقراطية ليست من ثقافتنا يريد أن يقفز على أكتافنا بالديمقراطية. الرجل الذى قال «عودوا إلى دياركم» يخرج الآن من داره التى اختبأ بها خوفًا من محاكمته كمجرم سلطة أقام حربًا ضد الشعب ليضعهم رهن طاعة سيده الذى حكم مصر 30 عاما. عمر سليمان هو صانع الأقفاص ومروِّض شعوب، يأتى بعد أن تمرد الشعب وخرج من القمقم. لماذا يعود؟ لأنه يريد الدفاع عن نفسه وعن نظامه الذى فشلت محاولات ترميمه ويلعب الآن لعبة «الموت والحياة» بلاعب عجوز.. كان من المفروض أن تتم محاكمته بعد الثورة. عمر سليمان ليس أقل من مجرم تستعين به ليحمى بيتك من لص عابر فيطردك أو يحوِّلك إلى خادم لدى أسياده. هذا هو العبث الذى يتحول إلى واقع فعلى. مَن كان يتخيل أن عمر سليمان سيظهر بعد أن أصبح «الراجل اللى واقف وراه» أشهر منه؟ مَن كان يتخيل عودة رمز عهد الاستبداد ليكون أول رئيس بعد الثورة؟ ظهر عمر سليمان بعدما تحول الإسلاميون إلى فزَّاعة فعلا.. لم تحتج الأجهزة الأمنية إلى شىء إضافى لتؤكد لكل فرد عادى أن البلد سيخطفه قطَّاع طرق يرفعون راية «شرع الله».. يكذبون، ويكذِّبون، ويقولون إنهم أنبياء جدد، أو هم مبعوثو الخلافة الإسلامية؟ هناك طبعا قطاعات فى المجتمع ستقول لنفسها ما دمت سأُخطف تحت حكم قاطع طريق.. فلماذا أجرِّب الجديد والقديم حىٌّ يُرزَق وفيه الروح؟ قطاعات أخرى ستضمن عودة مصالحها، ودوران عجلة الفساد من جديد بعد تشحيمها بكل ما لدى عمر سليمان من وصفات قديمة، وتجمُّع للاعبين الذى اختفوا من الواجهة بعد الثورة لكنهم يلعبون بأموالهم لتحويلها إلى «سلعة» متداوَلَة بين الجميع. لهذا تعامل عمر سليمان على أن الثورة يتيمة فى سوق الذئاب وأعلن أن ترشيحه هو استكمال للثورة أو انتصار لها.. وهذا ما يثير الغثيان لأن هذا يعنى أنه ما زال يتصور أن الشعب ساذج ويمكن الضحك عليه. عمر سليمان ابن الذعر. ابن الدولة الأمنية التى لم يعد لديها مندوبون علنيون سواه هو وتوفيق عكاشة ومصطفى بكرى. يتصورون أن الخوف من طالبان يمكن أن يقودنا إلى القبول بحارس الفرعون الأخير. خروج عمر سليمان من جحره ليس مصلًا لكنه محفِّز لتطوير جهاز المناعة ضد كل القوى الساعية لبناء جمهورية وصاية، سواء على طريقة الشاطر وإخوته ومنافسيه، أو عبر إعادة إحياء الديناصور الذى مات وشبع موتًا. عمر سليمان.. هو إحياء ميت.. أو انتظار الإنقاذ من قاتلك. الشعب فى الحقيقة خائف من أمراء قندهار وإسلام المانيفاتورة.. لكنه خوف المنتظر للموت فيختار الانتحار