1- قرأت ما كتبه القيادى الإخوانى المستقيل هيثم أبو خليل فى جريدة «البديل» تحت عنوان «الشاطر المفترِى والمفترَى عليه». شخصيا لم أخرج بانطباع سيئ عن المهندس خيرت الشاطر، لكننى خرجت عنه بانطباع عن زعيم يتضخم داخل الجماعة وخارجها. والزعماء فى طور التضخم لا يحبون إلى جوارهم أحدا ذا شخصية قوية. ببسيط العبارة: رئيسك القادم لن يكون شخصا قادرا على طرح رؤية للبلد، بل شخصا مطحونا بين المؤسسة العسكرية من جانب، وإخوان الشاطر من جانب آخر. وأبشرك من الآن بأننا -إذ يفشل هذا الرئيس فى القيادة- لن نقول هذا ما جنته المؤسسة العسكرية، ولا هذا ما جناه الإخوان، ولا هذا ما جنيناه على أنفسنا باختياراتنا، بل سنقول: آدى اللى خدناه من الثورة. الشلل الذى نعيشه ليس فقط بسبب هذا الزعيم المتضخم الذى يمهد الأجواء لنفسه، بل أيضا بسبب الاتفاق الذى تم بينه وبين عمر سليمان. بعد أن تقرئى ما كتبه أبو خليل لن يصير الحديث عن هذا الاتفاق رجما بالغيب، بل حدث موثق بالتاريخ وبالأسماء. مطلوب الآن توضيح من المرشح الرئاسى د.عبد المنعم أبو الفتوح. هل فعلا حدث ما رواه هيثم أبو خليل فى مقاله؟ هل علم الدكتور أبو الفتوح بلقاء سرى بين إخوانيين محسوبين على خيرت الشاطر وبين عمر سليمان تم من خلف ظهر مجلس شورى الجماعة؟ هل صحيح أنه -أبو الفتوح- اعترض على ذلك، وخرج من الاجتماع غاضبا؟ لا أظن أنه سيتحدث، فلعله لا يزال متعلقا بأهداب الأمل بأن تغير الجماعة موقفها، لا يعرف بأن غيرة أبناء الكار أضخم من غيرة الأغيار. وأخشى أن صمته لن يورثه إلا الرقص على السلم. فلا هو سيضمن له رضا الإخوانجية، ولا هو كافٍ لتطمين غير الإخوانجية الذين يشكون فى أن أبو الفتوح «مقموص مؤقتا»، وسرعان ما ستعود المياه بينه وبين الجماعة إلى مجاريها لو صار رئيسا. 2- فى ضوء حرب الزعامات تلك، ليس غريبا أبدا تعمد صحف قومية إبراز الأخبار الغريبة عن مرشحى رئاسة من المغمورين، فى صدارة الصفحة الأولى. هذه هى الترجمة الصحفية التعبيرية للجملة الخالدة: «آدى اللى خدناه من الثورة». الجملة التى استخدمها فلول مبارك منذ الأسبوع الأول بعد تنحيه. والقصد أن هذا ما تأتى به الديمقراطية، هؤلاء من يظنون أن بيدهم تحمل مسؤوليتكم، قارنوا بينهم وبين من قدمته لكم المؤسسة العسكرية من قبل، ومن ستقدمه الآن، وشاهدوا الفرق. 3- واستكمالا للمشهد فإن المؤسسة نفسها لا تقدم فقط رؤساء «أفاضل»، بل تقدم للمواطنين زيتا وجبنا، علبة الزيت بسبعة جنيهات ونصف بدلا من عشرة ونصف، وعبوة الجبنة البيضاء ب27 جنيها بدلا من أربعين. هذا إن كنت سعيد الحظ ومررت بميدان الجيزة (أو غيره) وقت وجود مركز التوزيع المتحرك هناك. والبيع والشراء يتم تحت إشراف رتب من «أبناء الشعب»، مش كده وكده يعنى. مَنًّا وسلوى. فما بالكم لا تطيعون المؤسسة التى تمنحكم إياها، وتتبعون من ليس عنده إلا البقل والقثاء والثوم والعدس والبصل؟! طبعا، لن تطلب من الشعب الصبور الودود المهاود أن يسأل المؤسسة من أين لك هذا؟ ولا أن يفهم أن تلك البضائع متوافرة لرعايا المؤسسة من العسكريين على مدار السنة بهذه الأسعار، وأن كل ذلك من ميزانية الدولة. لكن «هى الدولة إيه والمؤسسة إيه؟ ما الدولة هى المؤسسة والمؤسسة هى الدولة». 4- كل ما سوى المؤسسة لا يملك من أمره شيئا، حتى الأستاذ كمال الصلاحيات نفسه. وانزلوا شوارع مصر لو كنتم تشكون فى كلامى، وشاهدوا طوابير السيارات أمام محطات الغاز، وشاهدوا الإضرابات والاحتجاجات، من عمال النقل العام، إلى الشركات إلى الأطباء. حتى تحولت حكومة كمال الصلاحيات إلى «ملكمة» معلقة من سقف الغرفة لكى يتدرب الشعب عليها، وينفس فيها عن غضبه. فلا يوجه الغضب نحو المؤسسة العسكرية، الحاكم الحقيقى للبلد، ولا نحو الأغلبية البرلمانية التى انتخبها الشعب لكى تصير القوة التنفيذية، فإذا بها تختار أن تكون قوة تنفيسية. أغلبية بطموح المعارضة. وكأن قوى الأغلبية تلك لم تعد الشعب قبل انتخابها بأن هذا أسرع طريق لانتقال السلطة. السلطة المصابة ب«مشش الركب» لن تنتقل إلا فى المشمش. هذا إن انتقلت.