أكرر مرة أخرى. أنا مع القصاص. ومع العدل أيضا. وكنت أول من طالب فى مصر ليلة حادث بورسعيد (نعم أول من طالب على الهواء مباشرة فى برنامج العاشرة مساء) بإقالة مدير الأمن، وإقالة المحافظ، وإقالة مجلس الاتحاد، وإقالة مجلس المصرى، ومنع اللعب باستاد بورسعيد خمس سنوات.. وخروج مسئول من الحكومة أو الدولة فورا لإعلام الناس بما جرى كما يحدث فى كوارث الدول كلها.. فلا مجال من أحد للمزايدة الآن، وقد كنت حاضرا حين غاب الحاضرون اليوم.. مفهوم؟! لكنه مجتمع مصاب بالشيزوفيرنيا. مجتمع منفصم، منقسم، مختصم. فالذين يوافقون على اقتحام الألتراس مقر اتحاد الكرة أو ملعب مباراة السوبر، بسبب القصاص للشهداء، أو رفضا لوجوه فى الاتحاد. عليهم تأييد اقتحام عشرات الألوف مقرات حكومية وعامة وتمثل سلطات الدولة، من أجل القصاص لألف من شهداء الثورة. وسيكون هذا الاقتحام تطهيرا لتلك المؤسسات من الفساد والفاسدين. إلا أنه عندما تواجه أحد هؤلاء المزايدون والمتاجرون بذلك يكون رده هو الصمت المطبق. لهؤلاء أقول: ما هو الفارق؟ كيف توافقون على اختراق القانون لأى سبب، وترفضون فى الوقت نفسه تكرار اختراق القانون لنفس السبب؟ ماذا تسمون أنفسكم. من أنتم بالضبط.. هل هناك قانون يجب أن يحترم، فى أركان الدولة، فيكون التظاهر والاعتداء على المنشآت العامة جريمة، ولا يوجد قانون فى كرة القدم، باعتبارها لعبة أو ساحة تستباح فيها منشآتها وملاعبها؟ ليست المسألة هى رزق العاملين فى مجال الرياضة، فهذا تسطيح آخر، فهناك ملايين فى مصر لا يعملون فى كرة القدم ويعانون بشدة بسبب الأوضاع الاقتصادية. القضية هى هيبة الدولة والقانون وكيف يطبق، وكيف نواجه الانفلات، وكيف نواجه فرض مجموعة قليلة منظمة لرأيها على أغلبية بالملايين تتمنى عودة الحياة الطبيعية دون أن تغفل حق القصاص. وهو القصاص للشهداء جميعهم. العجيب أن الذين يطالبون بإيقاف نشاط كرة القدم من اجل القصاص والحداد، تراهم يذهبون إلى السينما، ويضحكون، ويحضرون حفلات غنائية ويطربون. والمدهش أنهم يرون أن هذا النشاط يقتصر على الدورى والمباريات المحلية. بينما هم لا يرون فى مباريات الأهلى والزمالك الإفريقية نشاطا، ويبررون موافقتهم، واحتفالاتهم بفوز الأهلى وبأهدافه، وبأهداف أبوتريكة أنهم يخشون عقوبات الاتحاد الإفريقى. وتعليقى هو: «طوز» فى عقوبات الاتحاد الأفريقى والفيفا، إذا كان الأمر يتعلق بالقصاص لشهداء وضحايا. والعجيب أن الذين يرفعون رايات الجهاد فى ساحات الرياضة ويركبون الموجة، أراهم يعملون، ويبدون رأيهم فى موضوعات وأحداث رياضية، ويحللون، ويكتبون مقالات فكيف يفعلون ذلك؟.. أليست الكتابة فى الرياضة أو فى كرة القدم خرقا لفكرة توقف النشاط؟.. أم أن النشاط يقصد به فقط برامج التليفزيون والملاعب والمباريات المحلية بينما ملاعبهم هم مسموح بها ومن حق أى منهم أن يرتع فيها على أى صفحة؟