1- الاستقالات الأخيرة فى حزب الدستور أقلقت مؤيديه المحتملين. كاتب هذه السطور بعيد عن أوساط حزب الدستور ولا يعرف ماذا حدث لكى يستقيل الأستاذ وائل قنديل من صفة المتحدث باسم الحزب، وأن يقلل الدكتور علاء الأسوانى من دوره ويصرح بأنه استشارى فقط. لكن كلا القرارين، بغض النظر عن الأسباب، فى مصلحة الحزب. لماذا؟ لأن وجود شخصيات عامة كبرى، اكتسبت احترامها بين الجماهير من تعبيرها عن رأيها الشخصى، كالأستاذ والأديب، يضعف قدرة الحزب على المناورة بدلا من أن يقويها. ويأسِر الحزب فى سجن الرأى الشخصى لهاتين الشخصيتين المؤثرتين، بدل أن يستخدم ثقل تأثيرهما لتعزيز رؤية الحزب والانتقال بها إلى جمهورها المستهدَف. الأسوانى وقنديل، كلاهما، اعتاد على التعبير عن آرائه الذاتية، كدأب من يعمل بمهنة كمهنتيهما، ولا يمكن أن نتوقع أن يتنازل أحدهما عن ذلك نزولا على رأى الحزب، أو تنسيقا للأداء الحزبى، إو إعلاء لقيمة الالتزام الحزبى. فى وقت عسير ومتوتر سياسيا كالذى نعيش فيه، التغريد خارج السرب الحزبى كارثة لأى حزب، لأن عزف النغمة الخطأ يقطع الوتر المشدود أصلا بين الحزب وبين الجمهور وبينه وبين الأحزاب السياسية الأخرى، 2- بوستر الحزب يظهر تركيز الحزب على الكفاءة فى الإدارة، ويعكس اهتمام القائمين عليه بهذه النقطة، وتلك إيجابية كبرى. فما تحتاجه مصر الآن فى السلطة التنفيذية ليس نقاشا أيديولوجيا، ولا سعيا لإرضاء مصالح المقربين عقائديا، مع بعض فئات هنا وهناك لذر الرماد فى العيون. ما تحتاجه مصر الآن هو إدارة سياسية وطنية أولوياتها هو ما يلتقى عليه الجميع: تحسين ظروف المعيشة. وهذا لا يتحقق إلا بفكرة الإدارة الرشيدة، وليس بتحول السلطة التنفيذية إلى طرف فى النقاش السفسطائى. هذا الجانب الإيجابى للفكرة. وهى مناسبة جدا، وسوف تنال قبول الكتلة الأساسية من مؤيدى البرادعى، من أبناء الطبقة الوسطى وشباب الياقات البيضاء. لكن، وانتبهى إلى ما بعد لكن، هل فكر الحزب فى رسالة بسيطة يفهمها آخرون خارج هذا النطاق. رسالة تحمل نفس المعنى، ولكن بلفظ مختلف يناسب طبقات مختلفة مثل «حزب الدستور- مصالح الناس». 3- لا ينفصل عن هذا أن الحزب، وزعيمه حتى الآن، الدكتور محمد البرادعى، يجب أن يستعدا لموجة من الهجوم المنظم من جماعات احتكار الجماهير المتحالفين معا حاليا. وقد بدأها الشيخ الذى تاه فى جلباب أبيه، وعزفت على عزفه آلة الدعاية الإخوانية، التى كانت قبل أيام تدلس على الناس بتسريب أخبار باحتمال أن يكون البرادعى رئيسا للوزراء. (كذب الإسلامجية حيرنى وأعجزنى عن التفسير). أبرز صفات البرادعى، الترفع، محتاجة إلى الموازنة بأسنان حادة للآلة الدعائية للحزب. فالواقع يقول إن الوسط السياسى الحالى لا يمتلك الحد الأدنى من الحياء. وإلا لما جرؤ شيخ تعلم الملايين أنه لم يقل كل الحقيقة بخصوص أمه، وتخاذل فى اعتصامات دعا إليها، أن يخرج أمام تلك الملايين متمسحا مسوح الداعية الدينى والزعيم السياسى فى آن. فسقطاته السابقة لو كانت فى مجتمع مستقيم أخلاقيا، يأنف الكذب وينفر منه، لكانت شيْنا وعارا دفع أقلُّ منها سياسيين إلى الانتحار خجلا. لكن من يستطع أن يروج جهل «البيبسى» يستطع أن يفعل أى شىء، والجمهور الذى يتقبل جاهلا -ولا أقول كذابا- زعيما، يمكن أن يتقبل أى شىء. 4- بقى أن حزب الدستور أمامه الكثير لكى يصير واعدا. والحقيقة أن الأخبار التى ترد من داخل أروقة الحزب حتى الآن مقلقة. قيادة الحزب عاجزة حتى الآن عن تعميم لغتها وفهمها الإداريين إلى من حولها. سيظل هذا مصدرا لسوء فهم متكرر. كلمة السر: الشباب، ونخبة جديدة من السياسيين لا تنتمى إلى الوجوه التى اعتادها الناس منذ عقود.