بخطابات هادئة، وإن كانت بنبرة صاخبة وقوية، اختار الرئيس محمد مرسى نوعية الخطاب الذى يخرج به على المصريين فى أول أيامه رئيساً للجمهورية، مفضلاً الخطابات التى لا تُغضب أحداً، وكان لافتاً أنه اتبع سياسة «إرضاء الجميع». فى أول خطاب له على شاشة التليفزيون المصرى، بعد ساعات من إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة بفوزه بمنصب رئيس الجمهورية، بدأ «مرسى» بكلام عام، وتحدث عن أنه رئيس لكل المصريين، والمصالحة مع جميع الأطراف، وذكر أسماء جميع المحافظات المصرية وأغلب فئات المجتمع من سائقى «التوك توك» إلى الأطباء والمهندسين وحاول أن يذكر الجميع وألا ينسى أحداً، لكن «جل من لايسهو». وفى خطابه الثانى للثوار فى ميدان التحرير، فى جمعة «الإخلاص للثورة»، حاول «مرسى» إرضاء الثوار، وهتف معهم «ثوار أحرار هنكمل المشوار»، وذكر المحافظات التى نسيها فى خطابه الأول، وأعلن عن تبنيه لمطالب الثورة والقصاص للشهداء وعودة مجلس الشعب مرة أخرى، وانتزاع صلاحياته الدستورية وهاجم المجلس العسكرى وسط هتافات «يسقط حكم العسكر». وأمام المحكمة الدستورية العليا التى حكمت بحل مجلس الشعب الذى يرفض «مرسى» حله، عبر بعد أداء اليمين عن احترامه للأحكام القضائية وقدسيتها، ووجه التحية لقضاة المحكمة، وفى خطابه الثالث أمام أعضاء مجلس الشعب والقوى السياسية وشباب الثورة، وجه «مرسى» خطابه بأن البرلمان سيعود وأنه لن يتنازل عن ذلك ووجه للمجلس العسكرى رسالة بالعودة إلى ثكناته وعدم التدخل فى الحياة السياسية. وفى احتفال القوات المسلحة بتسليم السلطة أعلن «مرسى» عن رغبته فى بقاء الجيش ليحمى الأمن الداخلى للبلاد، ووعد قادة القوات المسلحة، بحفل تكريم على دورهم خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما أغضب الثوار الذى يتهمون المجلس العسكرى بالتورط فى قتل شباب الثورة فى أحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، المحلل السياسى فى مركز الأهرام الاستراتيجى، إن خطابات الدكتور مرسى، رئيس الجمهورية، تسعى لإرضاء المحفل العام، فعندما ذهب للمحكمة الدستورية العليا تحدث عن احترامه الشديد للقضاء واستقلاله، وأمام أعضاء مجلس الشعب تغاضى عما قاله قبلها بأقل من ساعة وأعلن عن عودة قريبة لمؤسسات الدولة المنتخبة، وعندما ذهب لميدان التحرير هاجم المجلس العسكرى بشدة وتعهد بمحاسبة الجميع، ومع أول زيارة له إلى المجلس العسكرى، مدح أعضاءه وأعلن عن تكريم قياداته واحتياجه للقوات المسلحة، متناسياً الساعات القليلة التى هاجمهم فيها. وأكد «هاشم» أن محاولة «مرسى» إرضاء الجميع حتى الآن ستُغضب الجميع، وتجعلهم لا يثقون فى خطاباته، خصوصاً أن تلك الخطابات بها ما يتعارض مع ما يقوله فى الخطابات التى تسبقها.