من المركز إلى الهامش، ومن قلب الأضواء إلى الأطراف، حيث عشوائيات مصر المحروسة والمناطق النائية، وكتل تصويتية لا تقل عن مليونى صوت انتخابى، إما مهدرة وإما مستغلة لصالح الفلول ودعاة الإخوان المسلمين، تحت تأثير المال أو التخويف من عذاب الآخرة والبحث عن الجنة! الصورة داخل هذه الأماكن.. أحشاء مصر فى القاهرة الكبرى، تشير إلى أنه ليست وحدها الخدمات الأساسية هى الغائبة دومًا، ولكن أيضا إمكانية الحلم والتحرر من الحاجة والثقة بالثورة والثوار. فمن الباطنية إلى نزلة السمان إلى عزبة خير الله إلى سوق السلاح كانت الصورة تقريبا واحدة. فقرٌ مدقع فى الشوارع والبيوت من المياه والكهرباء والصحة والسكن.. وأمام اللجان شراء أصوات مباشرة أو غير مباشرة فى شكل مندوبين وأنصار.. ماكينة الأموال تعمل لصالح الفلول وماكينة الانتشار والوعظ الدينية تعمل لصالح الإخوان. وتراجع شديد لدعاية مرشحى الثورة. فى نزلة السمان والبطران التى رسخ اسمهما فى أذهان المصريين مرتبطة بموقعة الجمل الشهيرة، انقسم قاطنوها بين تأييد شفيق والانحياز لمرسى.. وكأن الثورة لم تصل إلى هناك فى مناطق نزلة السمان والبطران وكفر الجبل وأبو الهول، نفس الطوابير وتحركات المندوبين بينما غابت الرشاوى المباشرة أمام اللجان وظواهر التصويت الجماعى، وحل بدلا منها حملات شراء المندوبين لصالح شفيق وموسى، وسبقتها حملات شراء التوكيلات مقابل 150 جنيها. أما الإخوان فقد اعتمدوا على الدعاية الدينية «ماتنتخبش حد من النظام.. انتخب اللى فيه الخير وهيطبق شرع ربنا»، كما امتدت اللجان الإرشادية أمام مداخل اللجان الانتخابية طوال يوم أمس، وهى فى ظاهرها توفر خدمة الإعلام عن مكان اللجنة وفى باطنها تحمل دعاية مباشرة لمرسى. فى الباطنية، معقل تجارة المخدرات، هى وما جاورها من حوارى سوق السلاح ودرب الأتراك ودرب الأنس والسعادة، غابت المخدرات وحضرت مخالفات شفيق، حيث شهدت لجانها الانتخابية فى اليوم الأول من الانتخابات الرئاسية تجاوزات صارخة من أنصار المرشح أحمد شفيق. والمفارقة أنه كان الوحيد الذى مارس أنصاره المخالفات بشتى الطرق من توجيه للناخبين أمام اللجان، وبعيدا عنها داخل الحوارى والأزقة، حيث كانوا يتجولون بالموتوسيكلات الطائرة يدعون الناخبين لاختيار أحمد شفيق. أما فى عزبة خير الله.. المحرومون من كل الخدمات حتى اللجان الانتخابية كان السلفيون يحشدون الأصوات لأبو الفتوح.. ولافتات مرسى تغرق شوارع العزبة الضيقة.. وترددت أنباء من الأهالى عن شراء أصوات لصالح موسى مقابل 100جنيه للصوت. فى منشأة ناصر التصويت للرجالة والخناق لأنصار شفيق.. كانت هذه محصلة اليوم الأول للانتخابات الرئاسية التى شهدت حضورا ضعيفا للغاية فى لجان انتخاب السيدات فى مدرسة عمر بن الخطاب التى لم يتجاوز عدد الناخبات فيها -حتى مثول الجريدة للطبع- 550 من أصل عشرة آلاف صوت، وفقا للقضاة المشرفين على الانتخابات.