في عالم الطب، لا تُقاس الريادة بعدد العمليات فقط، بل بالقدرة على تغيير المفاهيم وفتح آفاق جديدة للعلاج الآمن والإنساني. ويُعد دكتور ياسر النحاس واحدًا من الأسماء البارزة التي أحدثت نقلة نوعية في جراحات القلب، بعد أن أدخل جراحة القلب بالمنظار إلى مصر والوطن العربي منذ عام 2014، في وقت كانت فيه عملية القلب المفتوح هي الخيار الجراحي الوحيد تقريبًا أمام معظم المرضى. منذ أكثر من عقد، كان المريض الذي يحتاج إلى جراحة بالقلب يستعد لشق جراحي كبير، وآلام ما بعد العملية، وفترة نقاهة طويلة، ومخاوف نفسية وجسدية عديدة. لكن مع تطور العلم، وظهور تقنيات التدخل المحدود، برزت جراحة القلب بالمنظار كحل متقدم يحقق نفس نتائج عملية القلب المفتوح، مع تقليل كبير في الألم والمضاعفات. وكان دكتور ياسر النحاس من أوائل من تبنوا هذا النهج المتقدم، ليس فقط بالتطبيق، بل بالتطوير والتدريب ونقل الخبرة. جراحة القلب بالمنظار تعتمد على فتحات جراحية صغيرة بدلًا من الشق الكامل لعظمة الصدر، مع استخدام كاميرات دقيقة وأدوات متطورة تسمح للجراح برؤية القلب وإجراء العمليات بدقة عالية. هذه التقنية أحدثت فرقًا حقيقيًا في حياة المرضى، حيث تقلل من فقدان الدم، وتخفض نسب العدوى، وتسرّع التعافي، وتُعيد المريض إلى حياته الطبيعية في وقت أقصر بكثير مقارنة بجراحة القلب المفتوح التقليدية. ومن أهم فوائد جراحة القلب بالمنظار أنها مناسبة لشريحة واسعة من المرضى، خاصة كبار السن، ومرضى السكر، والسمنة، وأصحاب الأمراض المزمنة، الذين كانوا يُصنفون سابقًا كحالات عالية الخطورة عند إجراء عملية القلب المفتوح. كما أن النتيجة التجميلية الأفضل لها أثر نفسي إيجابي كبير، لا يقل أهمية عن النجاح الطبي للعملية. تميّز دكتور ياسر النحاس في هذا المجال لم يأتِ من فراغ. فهو يجمع بين الخبرة الجراحية العميقة، والتدريب المتقدم، والاطلاع المستمر على أحدث ما توصل إليه العلم عالميًا. وقد أجرى مئات العمليات الناجحة باستخدام المنظار في إصلاح وتغيير صمامات القلب، وجراحات الشرايين التاجية المختارة، بالإضافة إلى حالات معقدة كانت تُجرى سابقًا فقط من خلال عملية القلب المفتوح. ما يميز دكتور ياسر أيضًا هو فلسفته الطبية التي تضع المريض في قلب القرار العلاجي. فهو يؤمن بأن لكل مريض خطة علاجية خاصة، وأن جراحة القلب بالمنظار ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة بأقل تدخل جراحي آمن. لذلك لا يتردد في اختيار عملية القلب المفتوح عندما تكون هي الخيار الأفضل طبيًا، وهو ما يعكس أمانته العلمية وخبرته الواقعية. ولم تقتصر مساهماته على غرفة العمليات فقط، بل امتدت إلى نشر الوعي الطبي بين المرضى، وتبسيط المفاهيم المعقدة، وتصحيح الأفكار الخاطئة عن جراحات القلب. وقد ساهم هذا الدور التثقيفي في زيادة ثقة المرضى في التقنيات الحديثة، وتقليل الخوف المرتبط بكلمة "عملية قلب". اليوم، يُنظر إلى دكتور ياسر النحاس كأحد رواد جراحة القلب بالمنظار في المنطقة، ونموذج للجراح الذي استطاع أن يواكب التطور العالمي، ويُطبّقه محليًا بمعايير عالية، دون أن يفقد البعد الإنساني للمهنة. وبينما تستمر عملية القلب المفتوح كخيار أساسي في بعض الحالات، تظل جراحة القلب بالمنظار إنجازًا طبيًا مهمًا، كان لدكتور ياسر النحاس دور رائد في إدخاله وتطويره، خدمةً لمرضى القلب في مصر والوطن العربي.