تشهد الساحة المسرحية العربية نشاط كبير وتجدّدًا إبداعيًا على خشبات مصر ودول الخليج، في ظل تنظيم مهرجانات متخصصة، وإطلاق عروض مسرحية متنوعة، وزيارات فرق وإنتاجات محلية وعربية من دول متعددة. وتعكس هذه الحركة جهودًا متكاملة لتعزيز حضور المسرح كأحد أهم الفنون التعبيرية في المنطقة. تنطلق في يناير القادم 2026 الدورة السادسة عشرة من مهرجان المسرح العربي في القاهرة في الفترة من 10 إلى 16 يناير 2026، وتنظمه الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، بمشاركة فرق وعروض من نحو 10 دول عربية، في خطوة تؤكد على التنافس الإبداعي والمحوري بين المدارس المسرحية المختلفة. وفي تصريحات صحفية لالهيئة العربية للمسرح ، أكّد المسرحي الكبيرالأمين العام للهيئة إسماعيل عبد الله على أن "المسرح هو وسيط ثقافي قادر على تسليط الضوء على هموم الجماعة العربية بكل أبعادها الاجتماعية والسياسية، وأنه أداة تربوية وفنية في وقت واحد، لا يمكن إغفالها في أي مشروع ثقافي طموح". وأضاف إسماعيل عبد الله أن الموسم المقبل للمهرجان سيسعى إلى إبراز توصيفات فنية جديدة لمقاربات العرض المسرحي في سياق العصر. كما احتضنت مصر خلال السنوات الماضية مجموعة من المهرجانات المسرحية المهمة منها مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والذي شهد مشاركة ما يقرب من 20 عرضًا مسرحيًا من نحو 13 دولة، مع تقديم عروض عربية تتناول قضايا فكرية واجتماعية بأساليب غير تقليدية. وفي الخليج أيضًا، تتعزز الحركة المسرحية من خلال مهرجانات متعددة، مثل المهرجان العربي لمسرح الطفل في الكويت الذي عادت دورته بعد انقطاع، مقدمًا عروضًا بارزة من الكويتوالإمارات والعراق، ما يدل على اهتمام متزايد بالفن المسرحي في المنطقة ومدارسه المتنوعة. أبرز العروض والفرق المسرحية في مصر والخليج شهدت السنوات الأخيرة تنوعًا في العروض المسرحية التي جذبت الجماهير للمسرح من أطفال وشباب وكبار . في مصر: فرقة المسرح القومي – من خلال عروضها المنتظمة في خشبات القاهرة، التي تطرح قضايا اجتماعية معاصرة. فرقة المسرح الطليعة – تقدّم عروضًا كلاسيكية وحديثة تجمع بين التجربة الإبداعية والنصوص القوية. عرض "مش روميو وجولييت" – إنتاج بارز تناول الصراع الإنساني والعلاقات الاجتماعية. فرقة مسرح القاهرة للعرائس – قدمت عروضًا مثل "ذات والرداء الأحمر" التي جمعت بين المؤثرات البصرية وجمهور العائلات والأطفال. عرض "الملك لير" لمسرح القاهرة القومي اقتباس متميز من مسرحية شكسبير الخالدة، يعكس التماهي بين النص الكلاسيكي والجمهور العربي المعاصر، من خلال أداء تمثيلي متقن وإخراج يركز على الصراع الإنساني والسلطة والخيانة، وقد نال العرض إشادات نقدية واسعة لجمعه بين الأصالة المسرحية ومرونة الأداء المحلي. في الخليج والعربي: عرض "أمنية مفقودة" – من الكويت، فاز في مهرجان المسرح العربي لمسرح الطفل. عرض "سيرك الغابة" – من الإمارات، تقدّم تجربة مسرحية موجهة للأطفال بأسلوب سلسل ويجذب الاطفال اليه. منتدى الشارقة التاسع عشر للمسرح العربي يستضيف عروضًا وورشًا نقدية حول مستقبل المسرح. مستقبل المسرح العربي: نحو مزيد من التفاعل الفني يرى نقاد مسرحيون أن ما يحدث اليوم في مصر والخليج من نشاطات يعكس مرحلة نضج وتجديد في المسرح العربي، تتطلب دعمًا أكبر من المؤسسات الثقافية، وتوسيع وضع المسرح في المناهج التعليمية والأطر الفنية لدعم جيل جديد من المؤلفين والمخرجين والممثلين. كما يشدد المسرحيون على أهمية الحوار بين المسرح الكلاسيكي والمعاصر، وإعطاء مساحة أكبر للعروض التي تتناول قضايا المجتمع الحية، وتحفيز الإنتاج المشترك والتبادل الفني بين الدول العربية لتحقيق مزيد من الرؤية الموحدة للمسرح كفن عريق ومتجدد في وقت واحد.