شهدت العقود الأخيرة نموًا متسارعًا فى الإنتاجية الزراعية على الصعيد العالمى قاده التقدم التكنولوجى حتى أصبح يشكل ثلثى النمو فى القطاع الزراعى العالمى. هذا وتتعدد صور التكنولوجيات الحديثة فى الزراعة. فهناك الأصناف النباتية الجديدة عالية الإنتاجية والجودة وذات مدة مكث قصيرة فى التربة وذات احتياجات مائية أقل ومقاومة لظروف التغيرات المناخية والإجهاد البيئى كالحرارة والجفاف والرطوبة والملوحة والأمراض والحشرات. وهناك الممارسات الزراعية الجيدة كتسوية الأراضى الزراعية بالليزر والزراعة بالشتل والتسطير وعلى مصاطب والتحميل والرى المحسن والحديث والإدارة المتكاملة لمكافحة الآفات الزراعية والميكنة الزراعية والطاقة النظيفة. وهناك الزراعة المحمية والزراعة العضوية والزراعة المائية. وهناك السلالات الحيوانية والداجنة الجديدة عالية الإنتاجية. وهناك التحسين الوراثى لحيوانات اللبن واللحم من خلال التلقيح الاصطناعى ونقل الأجنة. وفى إنتاج الدواجن هناك المزارع المغلقة وتطبيق شروط الأمان الحيوى. وفى إنتاج الأسماك هناك الطرق الحديثة للاستزراع السمكى. وهناك الأمصال واللقاحات البيطرية وهناك الزراعة الرقمية والذكية والدقيقة وتطبيقات النظم الخبيرة والذكاء الاصطناعى فى الزراعة. وقد أوضح العديد من الدراسات الاقتصادية أن لهذه التكنولوجيات الحديثة فى الزراعة آثار إيجابية كثيرة بالمقارنة بالزراعة التقليدية على مواجهة التحديات وتخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة الإنتاجية وتحسين الجودة وزيادة الدخول الصافية للمزارعين وعلى تعزيز النمو والاستدامة وتحقيق الأمن الغذائى. ولا يقتصر تطبيق التكنولوجيات الحديثة فى الزراعة على الدول المتقدمة فحسب وإنما تبذل الدول النامية الكبرى المتقدمة نسبيًا أيضا جهودًا كبيرة فى هذا المجال. مثل الهند (فى الرقمنة والوصول إلى المزارعين). والبرازيل (فى بناء مؤسسات بحثية قوية وتوسيع الابتكار التطبيقى). والصين (ميكنة زراعية تقودها الدولة وتحول رقمى سريع). وتركيا (ميكنة تقليدية مع تبنى تدريجى للتقنيات الرقمية). وفى مصر تبذل الدولة أيضًا جهودًا لتطبيق التكنولوجيات الحديثة فى الزراعة والاستفادة من نتائجها. وللتوسع فى تطبيق التكنولوجيات الحديثة فى الزراعة المصرية والاستفادة من نتائجها بدرجة أكبر فإن الأمر يتطلب تحفيز البحث العلمى الزراعى والتكنولوجيا والابتكار. وتعزيز دور الإرشاد الزراعى التقليدى والرقمى فى تعريف المزارعين بتلك التكنولوجيات وإقناعهم بها وتدريبهم عليها. وتفعيل دور التعاونيات الزراعية وتحديث التشريعات الزراعية، وتطبيق آليات الإنذار المبكر ونظام التكافل أو التأمين الزراعى، وتوفير الائتمان الزراعى. وبناء قواعد للمعلومات وسبل الاتصال. كما أن الأمر يتطلب تحديث مناهج وطرق التدريس بكليات الزراعة والثروة السمكية فى مصر بما يضمن إكساب الخريجين المعارف والمهارات والسلوكيات المرتبطة بالزراعة الرقمية والذكية والدقيقة وتطبيقات النظم الخبيرة والذكاء الاصطناعى فى الزراعة. أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة