في عالم يسابق الزمن نحو الرقمنة، كشف الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» في تقريره السنوي عن ملامح التحول الأكبر في تاريخ تجربة السفر الجوي، حيث يواصل المسافرون تبني التكنولوجيا بوتيرة متسارعة، مع تزايد الاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام الهوية الرقمية لتسهيل رحلاتهم من لحظة الحجز وحتى استلام الحقائب. التقرير الجديد، المستند إلى آراء أكثر من 10 آلاف مسافر من أكثر من 200 دولة، يقدم صورة دقيقة عن المسافر الحديث الذي يريد كل شيء في جيبه — «رحلة ذكية.. بلا أوراق». كشف «إياتا» في نتائجه عن اتجاهين رئيسيين يشكلان مستقبل السفر: الاعتماد المتزايد على الهواتف الذكية في إدارة كل مراحل الرحلة، والتوسع السريع في استخدام تقنيات القياسات الحيوية لتسريع الإجراءات وتحسين الأمان. وأوضح نيك كيرين، النائب الأول لرئيس الاتحاد للعمليات والسلامة والأمن، أن المسافرين يرغبون في إدارة رحلاتهم بالطريقة ذاتها التي يديرون بها حياتهم اليومية عبر الهاتف الذكي، مشددًا على ضرورة أن يكون الأمن السيبراني محور التحول الرقمي في قطاع النقل الجوي. اقرأ أيضًا| «إياتا»: استخدام الهوية الرقمية بالسفر يحقق مكاسب ضخمة لقطاع الطيران وأكد التقرير أن الهواتف الذكية أصبحت القلب النابض لتجربة السفر الحديثة؛ إذ أظهر المسح أن 54% من المسافرين يفضلون التعامل المباشر مع شركات الطيران عبر تطبيقات الهواتف، بينما تراجعت نسبة الحجز عبر المواقع الإلكترونية إلى 31% مقارنة ب37% العام الماضي. كما ارتفعت نسبة استخدام تطبيقات الويب إلى 19%، مقابل 16% في 2024، يقودها المسافرون الأصغر سنًا بنسبة 25%. وفي ما يتعلق بوسائل الدفع، أشار التقرير إلى تحوّل واضح نحو الخيارات الرقمية، إذ انخفض اعتماد المسافرين على البطاقات الائتمانية والخصم المباشر من 79% إلى 72%، بينما ارتفع استخدام المحافظ الرقمية من 20% إلى 28%، ووسائل الدفع الفوري مثل «إياتا باي» من 6% إلى 8%. كما عبّر 78% من المسافرين عن رغبتهم في استخدام هاتف ذكي يجمع بين المحفظة الرقمية وجواز السفر الرقمي وبطاقات الولاء، فيما ارتفعت نسبة استخدام بطاقات الأمتعة الإلكترونية من 28% إلى 35%. أما على صعيد التقنيات الحيوية، فقد أظهر التقرير أن 50% من المسافرين استخدموا القياسات الحيوية في إحدى مراحل الرحلة، بزيادة عن 46% في 2024، وأبدى 85% منهم رضاهم الكامل عن التجربة. كما أبدى 74% استعدادهم لمشاركة بياناتهم البيومترية لتسهيل المرور عبر نقاط التفتيش دون الحاجة لإبراز الجواز أو بطاقة الصعود، فيما قال 42% من غير الراغبين إنهم سيعيدون النظر إذا ضُمنت حماية بياناتهم. وأكد كيرين أن اعتماد الحكومات لجوازات السفر الرقمية والاعتراف بها عبر الحدود سيُحدث نقلة نوعية في السفر الدولي، موضحًا أن هذه الخطوة ستعود بالنفع على المسافرين وشركات الطيران والحكومات معًا من خلال تجربة أكثر أمانًا وسلاسة. وشمل التقرير تحليلاً لاتجاهات السفر في مختلف المناطق الجغرافية: ففي إفريقيا، يظل التفاعل الإنساني أساس تجربة الحجز رغم ارتفاع مستويات الرضا. وفي آسيا والمحيط الهادئ، يتصدر المسافرون المشهد الرقمي عالميًا باستخدامهم الواسع للمحافظ الإلكترونية والتطبيقات، بينما يميل الأوروبيون إلى الحذر والاعتماد على الطرق التقليدية. أما في أمريكا الشمالية، فيبحث المسافرون عن الراحة والسرعة، لكنهم من الأقل رضا عالميًا بسبب مخاوف الخصوصية. وفي أمريكا اللاتينية والكاريبي، يفضل المسافرون التعامل الشخصي لكنهم يظهرون استعدادًا قويًا لتبني التكنولوجيا. في حين يُعد مسافرو الشرق الأوسط من الأكثر ولاءً لشركات الطيران والأكثر حماسًا للتجارب الرقمية الجديدة. ويخلص تقرير «إياتا» إلى أن العالم يتجه بخطى ثابتة نحو رحلة رقمية متكاملة، يكون فيها الهاتف الذكي المفتاح لكل خطوة، والهوية الرقمية جواز العبور إلى تجربة أكثر أمانًا وراحة وكفاءة.