تسير التطورات على الجبهة اللبنانية نحو منعطف خطير، بعدما صعّدت إسرائيل من لهجتها العسكرية والسياسية في آنٍ واحد، واضعة لبنان أمام خيارين وُصفا بأنهما "مصيريان"، «إما اتفاق برعاية أمريكية، أو مواجهة عسكرية واسعة النطاق». وبينما تكثّف تل أبيب غاراتها الجوية على الجنوب اللبناني تحت مبرر "استهداف بنى حزب الله التحتية"، تتزايد المؤشرات على أن المنطقة تقترب من واحدة من أخطر موجات التصعيد منذ نهاية حرب 2006، وسط فشل المساعي الدولية في احتواء التوتر المتصاعد. اقرأ أيضًا| تل أبيب تلوّح بضرب بيروت وتنفّذ أوسع هجوم جوي على الجنوب اللبناني إسرائيل تلوّح بالتصعيد وتضع "معادلة الخيارين" قصف إسرائيلي على الجنوب اللبناني بذريعة ضرب مواقع حزب الله، وبيروت تتحرك دبلوماسيًا لتثبيت وقف إطلاق النار تقرير: نادية الهاني pic.twitter.com/3h8da06Fdc — التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 6, 2025 أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية للقناة 12 العبرية أن المؤسسة الأمنية في تل أبيب باتت تعتبر أن الوقت يضيق أمام لبنان، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية وضعت خيارين أمام بيروت:- ◄ الأول هو التوصل إلى اتفاق جديد تحت مظلة أمريكية يضمن ضبط أنشطة حزب الله على الحدود، والثاني هو العودة إلى القتال الشامل إذا استمر الحزب في تعزيز مواقعه العسكرية. وتشير التسريبات إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية أعدّت بالفعل خططًا ميدانية للتحرك داخل العمق اللبناني، حال فشل المسار الدبلوماسي الجاري عبر واشنطن وباريس. تقديرات إسرائيلية.. حزب الله يستعد للرد في المقابل، تُجمع التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية على أن حزب الله لن يقف مكتوف الأيدي في حال اندلاع مواجهة جديدة، بل سيسعى إلى استهداف المواقع الخمسة التي تقول بيروت إنها أراضٍ لبنانية لا تزال تحتلها إسرائيل، إضافة إلى إطلاق رشقات صاروخية على المستوطنات في الجليل الأعلى. وتعتبر إسرائيل أن الحزب يمتلك اليوم قدرات نيرانية مضاعفة مقارنة بما كانت عليه عام 2006، وأن أي حرب جديدة ستكون أكثر تعقيدًا من الناحية الميدانية والتكنولوجية. وأظهر تقرير صادر عن مركز "ألما" الإسرائيلي للدراسات الأمنية، أعدّه مدير الأبحاث تال باري، أن حزب الله يعمل منذ أشهر على إعادة بناء هيكله العسكري بشكل شامل. ووفق التقرير، فإن الحزب يركّز على تحديث خططه العملياتية وبناء شبكة دفاعية أكثر تعقيدًا. كما أشار التقرير إلى أن الحزب يجمع بين تصنيع الأسلحة الخفيفة والصواريخ قصيرة المدى وبين تطوير منظومات متقدمة مثل الصواريخ الدقيقة والمضادة للدبابات، إضافة إلى وسائل حرب إلكترونية. "شمال الليطاني".. مركز ثقل جديد للحزب وبيّن التقرير أن حزب الله نقل مركز ثقله العسكري إلى الشمال من نهر الليطاني، وهي المنطقة التي أصبحت اليوم "العمق الآمن" لقياداته ومستودعاته. وتنتشر هناك، بحسب التقرير، مخازن الذخيرة وأنظمة الإطلاق والبنى التحتية الدفاعية، ما يجعلها منطقة محورية في أي صراع مقبل مع إسرائيل. اقرأ أيضًا| الصحة اللبنانية: سبعة جرحى في الغارة الإسرائيلية على سيارة في بنت جبيل جنوبي لبنان الموقف اللبناني وفي المقابل، أعلن الرئيس اللبناني، جوزيف عون أن بلاده ملتزمة باتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل، الذي وُقّع قبل عام بوساطة أمريكية وفرنسية. لكنه أوضح في تصريحات صحفية أن إسرائيل لم تلتزم ببنود الاتفاق، إذ كان من المفترض أن تنسحب كليًا من الجنوب خلال 60 يومًا من توقيعه، بينما لا تزال تحتل خمس تلال لبنانية وتواصل اعتداءاتها الجوية شبه اليومية. وأكد عون أن لبنان "لن يكون ساحة لحرب جديدة"، مشددًا على ضرورة التزام المجتمع الدولي بضغطٍ فعلي على تل أبيب لوقف انتهاكاتها واستفزازاتها العسكرية. خلفية الاتفاق ومآلات التصعيد يُذكر أن اتفاق وقف الأعمال العدائية دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، إلا أن إسرائيل لم تلتزم به فعليًا، إذ أبقت قواتها في خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية، مع استمرار الغارات شبه اليومية على الجنوب. ويخشى مراقبون أن يتحول الوضع الحالي إلى مقدمة لمواجهة أوسع، خصوصًا في ظل تصلب المواقف من الجانبين، وغياب أي بوادر لتسوية دبلوماسية حقيقية. في ظل التهديدات المتبادلة، تبقى الحدود اللبنانية الإسرائيلية على حافة الاشتعال، وبين "اتفاق محتمل" و"مواجهة وشيكة"، يظل لبنان عالقًا في معادلة صعبة، عنوانها: «التهدئة المؤقتة أو الانفجار الكبير».