فى ليلة من ليالى مصر التى لا تُنسى، أضاءت الألعاب النارية سماء الجيزة بألوان الحضارة والتاريخ فى الحفل الأسطورى لافتتاح المتحف المصرى الكبير، الحدث الذى تابعه الملايين فى الداخل والخارج.. وراء هذه المشاهد المبهرة يقف الفنان أحمد عصام، مصمم الألعاب النارية والخدع البصرية، الذى تحدث إلى «الأخبار» عن كواليس التجهيز، وحكاية العرض الذى جمع بين التاريخ والتكنولوجيا، والحلم والعمل الجماعي. فى البداية سألته: كيف جرى اختيار وتنفيذ فكرة العرض النارى فى حفل الافتتاح؟ قال: من أول لحظة كنا عايزين نحكى قصة مصر من خلال النور والموسيقى، بدأنا ب «الستورى بورد» نرسم الفكرة خطوة بخطوة، ونحط كل تفصيلة فى مكانها، واشتغلنا على إن الألوان تبقى متناغمة مع روح الحضارة المصرية: الذهبى والأزرق فى البداية، رموز الملوك والخلود، وبعدها الأخضر اللى بيمثل النيل والخصب، وختامًا لوحة مليئة بالألوان الزاهية اللى بتعبر عن الفرح والنهضة، وكل مرحلة من العرض كانت تحكى فصلًا من قصة مصر، من ميلاد الحضارة إلى حاضرها المزدهر. وأضاف: الموضوع مش مجرد ألعاب نارية، ده مشروع كامل، وإحنا من البداية قمنا بمعاينة المكان أكثر من مرة، ودرسنا اتجاهات الرياح، والمساحات، ونقاط الإطلاق، وكنا بنروح المتحف ونرجع، ونراجع التصميمات، لحد ما حددنا المكان المثالى لكل جزء، والتحضير استمر شهور طويلة، وكان فى كل زيارة بنكتشف تفصيلة جديدة تضيف للعرض، والتأجيلات اللى حصلت بسبب الظروف العالمية، بالعكس كانت فرصة لنا نذاكر أكثر ونطوّر تكنولوجيا التنفيذ. وردا على سؤالى حول العلاقة بين الألعاب النارية والموسيقى التصويرية، قال: «أنا بترجم المزيكا للنور»، والموسيقى هى اللى بتحركني، وأنا بحاول أخلّى الناس تشوفها بعيني، والموسيقى كانت مبنية على مراحل القصة المصرية: من البداية والنشأة، مرورًا بالنوبة، لحد لحظة المجد اللى بتجمع التاريخ بالحاضر. وكل انتقال موسيقى بيقابله تغيير فى اللون، وكل تصاعد فى الإيقاع بيقابله انفجار ضوء أكبر، كأن النور بيغنى مع المزيكا فى مشهد واحد. وأشار أحمد عصام إلى أن العمل كله كان فى تناغم تام بين كل العناصر، اشتغلنا تحت مظلة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بقيادة محمد السعدي، اللى كانت عنده رؤية شاملة قائمة على أن المتحف نفسه هو بطل الحكاية، مش مجرد خلفية. ومن هنا جت فكرة الربط بين الهرم والمتحف رمزين للحضارة القديمة والجديدة من خلال خط بصرى وموسيقى واحد، كل عنصر فى العرض، من الإضاءة إلى الديكور إلى الأوركسترا، كان بيكمّل التانى فى جملة واحدة. ويضيف أن التكنولوجيا كانت سلاحنا الأساسى بعد ما تكتمل الفكرة والموسيقى، بنبدأ مرحلة البرمجة الرقمية الدقيقة لكل ومضة وشرارة، بحيث تبقى متزامنة مع الإيقاع تمامًا، واستخدمنا أحدث أنظمة التحكم فى الفايروركس والليزر والإضاءة، اللى بتسمح لنا بالتحكم فى آلاف النقاط الضوئية فى أجزاء من الثانية، وكنت حريصا طوال الوقت على السفر وحضور المعارض الدولية لمتابعة الجديد فى المجال ده، لأن التطوير المستمر هو اللى بيحافظ على تميزنا، وهنا محتاج أكد ان اهم حاجة الفكرة مش التكنولوجيا، خاصة أنه ممكن تتوافر كل التكنولوجيا المتطورة ولكن بدون فكرة لم يكن لها فائدة. وحول الصعوبات التى واجهته خلال العرض قال إن الصعوبة الأكبر إن عندى ثلاث فئات من الجماهير فى وقت واحد: الجمهور الأول الحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى ورؤساء وملوك العالم الذين يتابعون على الطبيعة، والثاني.. الجمهور العربى والعالمى على الشاشات، والثالث الجمهور الشعبى اللى بيتابع من الشوارع والجبال حوالين الهرم، والتحدى كان إن لابد أن الثلاث فئات يحسّوا بنفس النبض والانبهار، والحمد لله ده حصل، وده بفضل التخطيط الدقيق، وروح الفريق اللى اشتغلت بحب وإخلاص، هى السبب الأساسى فى النجاح، وأول دقيقة فى العرض كانت أصعب لحظة فى حياتي، لأن فيها مفتاح النجاح كله، لكن أول ما بدأت الشرارة الأولى، حسّيت إن كل حاجة فى مكانها، وإن ربنا كتب لها التوفيق. ويشير إلى أن أجمل تعليق سمعته بعد الحفل لما الناس اللى بتحضر معايا معظم شغلى قالولي: «إحنا بنحضر كل حفلة ليك، طب السقف فين المرة الجاية؟»، وكان ردى عليهم ببساطة: «السقف عند ربنا»، لأن النجاح رزق، ومهما خططت واجتهدت، التوفيق من عنده سبحانه وتعالى، والناس فى المنطقة المحيطة بالجيزة وأكتوبر كانوا بيصوروا من بعيد، فرحانين، بيحتفلوا، حاسين إنهم جزء من الحدث، وده أجمل إحساس ممكن توصله كفنان. ويقول: فريقى مكوّن من 150 شخصا، كلهم بيشتغلوا بحب وإخلاص كأنهم فى بيت واحد، ومن غير الفريق ده مكنش أى عرض هيطلع بالشكل ده، وحابب أوجه الشكر لكل زمايلى اللى تعبوا معايا ليل ونهار، وبالأخص أخويا محمد عصام اللى كان دايمًا جنبى وبيتابع كل تفصيلة من أول يوم.