كانت معركة «الطالية» فى جنوبالإسماعيلية من أكبر وأصعب معارك حرب أكتوبر المجيدة وأروعها فى تحقيق النصر الذى كان يتابعه الرئيس السادات مع قادة حرب أكتوبر فى غرفة العمليات، وبطل هذه المعركة العميد الشهيد شفيق مترى سيدراك قائد اللواء الثالث مشاة من الفرقة 16 بالجيش الثانى الميدانى الذى كان أول لواء يعبر قناة السويس ليخوض معركة خالدة فى مواجهة چنرال إبراهام أدان وچنرال أريئيل شارون من الجانب الإسرائيلى، ولصعوبة المعركة وخطورتها والضربات المصرية المُوجعة أطلق عليها العدو «حرب الطالية»، وكانت تلك المعركة ما بين كر وفر وسيطرة مُتبادلة بين الجانبين، رئيس وزراء العدو جولدا مائير كانت تراهن على انتصار قواتها فى تلك المعركة، والرئيس السادات على ثقة تامة بأن البطل شفيق مترى سيدراك سينتصر بقواته ويعطى للعدو درساً لا ينساه واعتبر معركة «الطالية» مواجهة تحدى مع جولدا مائير، وفهم البطل شفيق مترى سيدراك الرسالة المُشفرة التى تلقاها من القادة بغرفة العمليات والتى يبلغه فيها الرئيس السادات بضرورة حسم المعركة بأى ثمن، فهم البطل سيدراك أن رسالة الرئيس تقصده شخصياً بعبارة «بأى ثمن» خاصة وأنه خطب فى قواته قبل العبور بما ألهب حماسهم عندما قال لهم : «إن كل الأعلام المصرية التى سترفعونها على المواقع العسكرية الإسرائيلية ستكون موضع اعتزاز وتقدير من شعب مصر العظيم، والنسور المصرية الكاسرة التى عبرت فوقنا وسبقتنا للعبور جواً تؤكد أن النصر لنا وتذكروا قوله تعالى: «ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون».. ووصل البطل شفيق مترى بقواته بعد العبور لأبعد مسافة وصلت إليها قوات مصرية بعمق 15 كيلومتراً داخل سيناء، ودمرت قواته 75 دبابة إسرائيلية وصمدت أمام 96 غارة جوية إسرائيلية ووصف كبار قادة الجيش الإسرائيلى معركة «الطالية» بالأعنف براً وجواً فى القرن العشرين! وتنفيذاً للرسالة المُشفرة التى تلقاها العميد شفيق مترى سيدراك أبلغ مساعده العقيد محمد الكسار بأنه سيخرج بنفسه 9 أكتوبر 1973 على رأس قواته لحسم معارك «الطالية» بأى ثمن كما طلب الرئيس، فطلب منه العقيد الكسار أن يخرج هو بدلاً منه، ابتسم البطل سيدراك وهو يقول : «لقد فهمت رسالة الرئيس لوزير الحربية ورئيس العمليات بضرورة حسم معركة «الطالية» بأى ثمن.. وعارف إنى هاموت بكرة، مش مهم أنا، المهم كرامة جيش مصر والرئيس، خللى بالك من ولادى فى اللواء يا محمد.. انت المسئول عن اللواء بعد منى.. ولو أنا فشلت بكرة تتعلم من أخطائى فى الهجوم عشان لما تهجم عليهم تنجح.. «الطالية» لازم تتحرر بأى ثمن زى ما قال الرئيس وأنا عمرى ما خذلت مصر، ما تبكيش عليا، أنا فخور بيك وبجنودى ولو هاموت بكرة هاموت وأنا أسبق قواتى فى أبعد نقطة داخل سيناء وهرفع رأس بلدنا.. ولو قابلت الرئيس بعد النصر قل له العميد سيدراك بيقول لك: «بدمه.. تمام يا فندم». نال البطل شفيق مترى سيدراك الشهادة فى اليوم الرابع للحرب وهو يتقدم قواته لمسافة 15 كيلومتراً فى عمق سيناء عندما أصُيبت سيارته بدانة مدفع إسرائيلى أثناء عملية تحرير النقطة 57 جنوب «الطالية» قبل وصوله لعمق الممرات، وبعد تحقيق النصر التقى العقيد محمد الكسار قائد اللواء بالرئيس السادات وقال له بعيون دامعة : «العميد الشهيد شفيق سيدراك بيقول لسيادتك بدمه تمام يا فندم»، فبكى الرئيس السادات وأصدر قراراً بترقية العميد أركان حرب شفيق سيدراك لرتبة لواء، وكرم اسمه فى الجلسة التاريخية بمجلس الشعب بمنحه جميع الأوسمة والنياشين التقليدية والدورية والاستثنائية وأعظمها وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى وتم إطلاق اسمه على الدفعة 75 حربية التى هى من أفضل خريجى الكلية الحربية.