الجهد المصرى لإنهاء الانقسام الفلسطينى لم يتوقف يوماً طوال السنوات الماضية، لكنه الآن يكتسب أهمية مضاعفة، فالتحديات الهائلة التى تواجهها القضية الفلسطينية لم تعد تقبل إضاعة الوقت واستمرار الانقسام فى الصف الوطنى على الإطلاق. اجتماع القُوى والفصائل الفلسطينية الذى استضافته القاهرة كان خطوة ضرورية لابد من استكمالها فى أقرب وقت.. فالأحداث لا تنتظر، والمهمام المطلوبة لمواجهة المخاطر، تفرض أن تكون المصلحة الوطنية فوق كل الخلافات. اجتماع القاهرة حقق التوافق على اللجنة الفلسطينية المؤقتة للإدارة المؤقتة فى غزة، على أن تعود الفصائل لاجتماع قريب لإنجاز المهمة الأساسية، وهى استعادة الوحدة الوطنية، بعد أن أثبتت التجربة المريرة لسنوات الانقسام، كم كان الثمن فادحاً، وكم سيكون الثمن أفدح، لو لم تُدرك كل الفصائل والقُوى الوطنية، أن شعب فلسطين لن يسمح أبداً لأى فصيل، بأن يُعلى مصلحته الخاصة على مصلحة الوطن. شعب فلسطين هو الذى دفع ثمن الانقسام، وهو الذى قاتل وقدَّم أغلى التضحيات على كل الجبهات، وهو الذى صمد على أرض الوطن، وقدَّم للعالم نموذجاً عظيماً لشعبٍ يحب الحياة ويفتدى فلسطين، ويقهر كل الصعاب، ويفضح همجية العدو، وينتزع حقه الكامل فى الحرية والاستقلال، والدولة الفلسطينية التى أقر العالم كله بوحدة أراضيها فى غزة والضفة والقدس، رغم أنف الاحتلال، ورغم مؤامرات التقسيم أو الانقسام!! لا نريد بالقطع إلا المصلحة الفلسطينية، لكننا ندرك حجم المخاطر، وندرك أنه لا مجال لتسجيل المواقف الفصائلية، أو الوقوف عند التفاصيل الصغيرة. الموقف الآن يتطلب التوافق الكامل على موقف وطنى واحد يلتف حول شرعية فلسطينية، لا خلاف عليها لكى نُحصِّن أولاً ما تحقق من إجماع دولى لمناصرة الحق الفلسطينى، والاعتراف بالدولة الفلسطينية على كامل حدودها. ولكى نضمن أن يكون الحل فى غزة محكوماً بأن يكون خطوة على الطريق الفلسطينى إلى الدولة الفلسطينية الموحدة والمستقلة. نحن فى أوقات فارقة. وحدة الصف الفلسطينى استحقاق لا يقبل التأجيل أو المراوغة.. المعركة واحدة، والهدف واحد، والكل دفع ثمن الانقسام.. فليكن الجميع على قدر التحديات، وليتحمل الجميع المسئولية بقدر ما تحملها شعب فلسطين وهو يواجه العدو، ويواجه معه تَبعات سنوات الانقسام(!!)