الدورة الحادية والأربعون من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط ، التي تنطلق الخميس القادم، برئاسة الناقد الأميرأباظة، تشهد منافسة قوية في مسابقة الفيلم المتوسطي الطويل، بمشاركة عشرة أفلام تعكس تنوعاً جغرافياً وثقافياً يمتد من شمال أفريقيا إلى أوروبا وغربها ، وصولا إلي شراكات إنتاجية عابرة للحدود. اذا نظرنا إلي قائمة الأفلام المشاركة نجد انها تضم أعمالاً بارزة: «الحي» تونس – فرنسا، «ممثلة ثانوية» إسبانيا، «حيث الحب لا يوجد ظلام» فرنسا، «ما وراء الابتسامة» كرواتيا – الولاياتالمتحدة، «كارتابيستا-كرنفال فانو» إيطاليا، «المنبر» مصر- السعودية، «العربة اليدوية» مصر- السويد- المملكة المتحدة - الولاياتالمتحدة، «تشتيت» قبرص، «قطرة ماء» ألبانيا، و«لبس» المغرب. وتكشف القائمة عن خريطة إنتاجية واسعة، حيث تمثل بعض الأفلام شراكات عابرة للحدود مثل «الحي» الذي يجمع تونسوفرنسا، و«العربة اليدوية» الذي يوحّد أربع دول في إنتاج واحد، إضافة إلى «المنبر» الذي يعكس تعاوناً مصرياً سعودياً،هذه الشراكات لم تعد خياراً ثانوياً، بل أصبحت وسيلة رئيسية لتمويل الأفلام وضمان وصولها إلى منصات عرض دولية. أما عناوين الأفلام المختارة فنجد أنها تعكس اهتمامات سينمات المتوسط المعاصرة، فمثلا الفيلم الفرنسي «حيث الحب لا يوجد ظلام» فيطرح رؤية شاعرية عن الحب والاغتراب في قالب فلسفي وينفتح على قضايا المهاجرين وصراعات الهوية، بينما يذهب «الحي» إلى استكشاف تحولات المجتمعات الحضرية وتناقضاتها. في المقابل، يقدّم «كارتابيستا – كرنفال فانو» الإيطالي نموذجاً مختلفاً بالعودة إلى الطقوس الشعبية والاحتفاء بالتراث كوسيلة لمقاومة الاندثار، فيما يقدّم الفيلم الإسباني "ممثلة ثانوية" موضوعاً عن موقع المرأة داخل صناعة السينما وصراعها مع الأدوار الصغيرة، أما الفيلم الفرنسي«حيث الحب، لا يوجد ظلام» فيطرح رؤية شاعرية عن الحب والاغتراب في قالب فلسفي. ومن كرواتيا وأمريكا يأتي فيلم «ما وراء الابتسامة» ليتناول الجانب الخفي وراء المظاهر الاجتماعية، بينما يوثق الفيلم الإيطالي "كارتابيستا: كرنفال فانو" العلاقة بين الفن الشعبي والذاكرة الجمعية من خلال متابعة أحد أشهر الكرنفالات الإيطالية، وتشارك مصر بفيلمين في هذه المسابقة الاول المنبر" (مصر- السعودية) الذي يناقش الخطاب الديني ودوره في الحياة العامة والثاني العربة اليدوية" (مصر- السويد- المملكة المتحدة- الولاياتالمتحدة) الذي يتناول قضايا الهجرة والهامش الاجتماعي وصراع البقاء ويقدّم الفيلم القبرصي "تشتيت" صورة عن الانقسام والارتباك النفسي في مجتمع يعيش حالة انقسام جغرافي وثقافي،أما الفيلم الألباني "قطرة ماء" فيركز على صراع الإنسان مع الطبيعة وشحّ الموارد، ويأتي الفيلم المغربي«لبس» ليفتح نقاشاً حول المظاهر الاجتماعية والازدواجية بين ما هو ظاهر وما يُخفى. ورغم اختلاف البيئات الإنتاجية، تتقاطع الأفلام في عدد من الثيمات الكبرى أولها تيمة ، الهجرة والهوية ويظهر هذا المحور في أفلام مثل «حيث الحب لا يوجد ظلام» (فرنسا) و«قطرة ماء» (ألبانيا)، حيث تُطرح أسئلة حول الانتماء ومعنى الجذور في عالم مفتوح على التنقل والحدود، والثانية تيمة "المدينة والهامش الاجتماعي: «الحي» (تونس – فرنسا) يعكس ديناميات التحولات الحضرية، ويضع الضوء على حياة المهمّشين داخل فضاءات مدينية متحوّلة، والثالثة تيمة الفن والذاكرة الشعبية: «كارتابيستا: كرنفال فانو» (إيطاليا) يحتفي بالطقوس الشعبية، ليطرح أسئلة حول صمود التراث في مواجهة العولمة ، والخامسة تيمة "التجريب والاشتباك مع الراهن" ، في أفلام مثل «العربة اليدوية» و«تشتيت» (قبرص) تكشف عن نزعة لتجريب اللغة السينمائية ومساءلة القضايا الراهنة من خلال بناء سردي غير تقليدي. تظهر من طبيعة الأفلام المشاركة ملامح توجه نحو السرديات الهجينة التي تقترب من أسلوب الوثائقي، حيث تسعى السينما المتوسّطية إلى إعادة صياغة الواقع من خلال شخصيات هامشية، وكاميرات تنغمس في تفاصيل اليومي، بعيداً عن القوالب الكلاسيكية. اقرأ أيضا|عرض خاص لفيلم «فيها إيه يعني» بالسعودية