يبدو أن وزارة الداخلية، وضعت يدها على مفتاح جديد لإعادة الانضباط إلى الشارع المصرى، أسلوب أكثر جدية، ونهج أكثر حزمًا، ورسالة لا تحتمل التأويل: لن يُسمح لأحد بتجاوز القانون أو العبث بأمن الناس وكرامتهم. فالأحداث التى تابعها الرأى العام تكشف عن تحول حقيقى فى سرعة ضبط الجُناة فى كل واقعة، شهاب سائق التوكتوك الذى أرهب المواطنين وأثار الفوضى، لم يعد يسرح ويمرح، بل وجد نفسه فى مواجهة حكم بالحبس، ومجموعة شباب استسهلوا الاعتداء على الناس وضربهم من فوق دراجة بخارية، صاروا عبرة لغيرهم بعدما تمت ملاحقتهم وضبطهم، وكذلك السيدة التى هددت جيرانها، أدركت سريعًا أن القانون حاضر ولا يرحم، وكذلك الشاب المنحرف الذى تجرأ على ضرب فتاة تجاهلت معاكسته، لم تمر فعلته مرور الكرام، فقد كان القبض عليه وتحويله إلى العدالة أسرع مما تصور. كان للسوشيال ميديا دور محورى فى نشر الوقائع مصورة بالصوت والصورة، لتتحول إلى بلاغ علنى يضع المتهمين أمام أعين الرأى العام وأجهزة الأمن فى وقت واحد.. وهنا كان أداء الداخلية لافتًا للنظر؛ كالفهد القناص تتابع كل ما يتم نشره، تلتقط الخيوط بدقة، وخلال ساعات قليلة يكون الجُناة قد وقعوا فى قبضة العدالة. والمفارقة أن مَن كانوا يتوهمون أنهم «أبطال» لحظيون على السوشيال ميديا، بمجرد نشر فيديوهاتهم وهم يستعرضون بلطجتهم، يتحولون عند القبض عليهم إلى «أبطال من ورق»، يسقط قناع القوة المصطنعة، وتبقى صورة حقيقية واحدة: متهم يُواجه تسجيلًا مصورًا لا يرحم، يُثَبِّت جريمته فى لحظة ارتكابها. هذا النهج الجديد حقق أثرًا مباشرًا وسريعًا فى نفوس الناس، المواطن الذى كان يخشى أن يتعرض لموقف بلطجة بالشارع دون أن يجد نصيرًا، بات اليوم مُطمئنًا أن حقه محفوظ، وأن القانون حاضر بقوة، أصبح يرى بعينيه أن العدالة تتحرك بسرعة، وأن المجرم مهما حاول لن يفلت.. الأهم أن هذه السياسة لا توقف فقط الجرائم الفردية، لكنها تهدم ثقافة كاملة من الاستقواء على الغير والاستهانة بالقانون، فالمجرم الذى كان يتخيل نفسه «أسدًا» يُخيف الناس، يكتشف فجأة أنه مجرد «فأر صغير» أمام عدسات الكاميرات وقبضة العدالة.. اليوم يُمكننا أن نقول بثقة: لا بلطجة بعد اليوم، لا خوف فى الشارع، ولا مجرم فى مأمن، وكله هيتصور صوت وصورة.