حوادث الطرق السريعة لا تتوقف، آخرها حادث الطريق الدائري الإقليمي في محافظة المنوفية، الذي راح ضحيته فتيات أبرياء في عمر الزهور، ليستمر نزيف الأسفلت فى حصد عشرات الآلاف من أرواح الضحايا الأبرياء فضلًا عن المصابين. ◄ الضبع: تفعيل قانون المرور الجديد ضرورة.. مختار: 80% ترجع إلى العنصر البشري ◄ العلايلي: إدارة الطريق أولوية.. الدمنهوري: غرس القيم الدينية والأخلاقية "أخبار السيارات" فتحت ملف حوادث الطرق في مصر، للتعرف على أسباب وقوع تلك الحوادث المتكررة، والحلول المقترحة لخفض معدلات وقوعها والحد منها، من خلال الاستعانة بآراء الخبراء والمتخصصين في هذا الشأن. ◄ مشكلة عالمية في البداية أكد اللواء أيمن الضبع، خبير السلامة المرورية واستشارى تخطيط وهندسة المرور، أن "مُصادمات الطرق" تعد مشكلة عالمية تعانى منها كل دول العالم ولا تقتصر على مصر فحسب، مشيرًا إلى أن تلك الدول لديها استراتيجيات واضحة للتعامل مع تلك المشكلة والحد منها، وبالرغم من ذلك تؤكد التقارير الصادرة عن الأممالمتحدة أن "مُصادمات الطرق" تحتل حاليًا المركز التاسع عالميًا كأحد مسببات الوفاة، ومن المقرر أن تصل إلى المركز الخامس بحلول عام 2030، وذلك بالرغم من اتخاذ تلك الدول لجميع الإجراءات الاحترازية للحد من تلك الأزمة، مضيفًا أن منظمة الصحة العالمية أكدت أيضًا أن حوادث الطرق أو "التصادمات على الطرق" تعد أحد أبرز مسببات الوفاة أو كما يشبهونها بالقاتل المزمن، كونها تتساوى فى خطورتها مع الأمراض المزمنة التى تؤدى إلى الوفاة. وأوضح الضبع، أن "تصادمات الطرق" هو الاسم العلمي لحوادث الطرق ويرجع حدوثها إلى عوامل عدة هى: "المركبة"، و"الطريق"، و"العنصر البشرى"، بالإضافة إلى "الضوابط والمحددات" أي التشريعات والقوانين والقواعد، وإذا تناولنا كل عنصر من تلك العناصر الأربعة بالتفصيل، سنجد أن المركبة تعد سببًا رئيسيًا فى وقوع تلك الحوادث أو التصادمات، حال حدوث مشكلات بها سواء في الفرامل أو الإطارات أو التعليق أو الإضاءة أو التصميم، وكذلك الطريق يعد هو الاخر عاملًا أساسيًا في وقوع تلك الحوادث إما لوجود عيوب هندسية، أو عيوب فى التخطيط أو سوء تخطيط الطرق، أو سوء الصيانة، أو عدم وجود معاملات الأمان والسلامة الكافية، كما يعد العنصر البشري المتمثل فى قائد المركبة من أهم مسببات التصادمات على الطرق، لذا ينبغى الاهتمام به وتدريبه وتأهيله، بالإضافة إلى ختباره ثم إجازته ثم خضوعه للرقابة والمتابعة، أما فيما يتعلق بالضوابط والمحددات والتشريعات فهى تضم جميع ما سبق، وهى منوطة بوضع المعايير والمواصفات لجميع العوامل السابقة من تحديد مواصفات كل من: الطريق، والمركبة ومعاملات الأمان والعنصر البشرى، بالإضافة إلى مواصفات الاختبار. وطالب الضبع، بخروج قانون المرور الجديد إلى النور وتفعيله، حيث مازال معروضًا على مجلس النواب ولم يصدر لعدم التصديق عليه حتى الآن من قبل المجلس، وبمجرد التصديق عليه سيتم تنفيذه على الفور. ◄ اقرأ أيضًا | اللواء مدحت قريطم: عبور المشاة العشوائي وراء حوادث الطرق ◄ حملات توعية فيما أوضح المستشار سامي مختار، رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم وخبير السلامة على الطرق، أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تتسبب فى وقوع حوادث الطرق ألا وهى: المركبة، والطريق، والعنصر البشرى، وفيما يتعلق بعامل الطريق سنجد أن التصميم الخاطئ له ووجود بعض الأخطاء الهندسية مثل وجود منحنيات مصممة بزوايا خاطئة أو حدوث هبوط أرضى، بالإضافة إلى عدم صيانة الطريق بشكل دوري، كلها مسببات فى تكرار وقوع تلك الحوادث، ولكن فى المقابل لا أحد يستطيع أن يغفل التطوير الذى شهدته شبكة الطرق بمصر فى عهد عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح لدينا أفضل شبكة طرق، الأمر الذى أدى إلى خفض معدلات حوادث الطرق بصورة ملحوظة، كما انخفض تصنيف مصر بعد ما كانت تحتل المركز 118 لتصل إلى المركز 18 فيما يتعلق بترتيبها العالمى فى وقوع حوادث الطرق، أما عامل المركبة أو السيارة فتعد سببًا فى وقوع حوادث الطرق جراء عدم صيانتها بصفة دورية، أو انفجار أحد إطاراتها. وأشار إلى أن الدولة لعبت دورُا هامًا في تطوير المركبات خلال الأعوام الماضية، حيث عملت على تطوير السيارات كما أقدمت على مشروعات ضخمة مثل مبادرة تحويل السيارة العاملة بالوقود الأحفوري أو "البنزين" إلى العمل بالغاز الطبيعى، وكذلك مبادرة إحلال السيارات المتقادمة التى مر عليها أكتر من 20 عامًا بأخرى جديدة، ومساعدة مُلاكها فى الحصول على تمويل بنكى ليتمكنوا من إحلال واستبدال سياراتهم القديمة بنظيرتها الحديثة داخل تلك المبادرة، أما العنصر البشرى فيعد العامل أو السبب الرئيسي فى وقوع حوادث الطرق، وذلك وفقًا لمنظمة الصحة العالمية التى أكدت أن 80% من أسباب وقوع حوادث الطرق ترجع إلى العنصر البشرى، سواء كان السائق أو الراكب أو أحد المشاة على الطريق، فمنهم من يتعاطى المواد المخدرة، ومنهم من يتحدث فى الهاتف المحمول لينشغل به عن الطريق، أو منهم من يعانى أزمة صحية ما تفقده القدرة على التركيز أو تحد منه، أو عدم ارتداء حزام الأمان، كل تلك العوامل تعود للعنصر البشرى، مشددًا على ضرورة رفع الوعى بالسلامة على الطريق لدى قائدى السيارات، وهو أحد البرامج الهامة بالجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم، التى تسعى من خلاله للتوصل إلى حلول جذرية لحوادث الطرق المتكررة. ◄ فوضى عارمة من جانبه، أشار الدكتور سامح العلايلى، أستاذ الارتقاء العمرانى بكلية التخطيط العمراني- جامعة القاهرة، إلى أن الأهم من هندسة وتخطيط الطريق هو كيفية إدارة الطريق، بمعنى أن يكون هناك سيطرة تامة لما يشهده الطريق، مؤكدًا أن الطرق تشهد فوضى عارمة من قبل سائقي مختلف أنواع المركبات، سواء سيارات "النقل" أو الشاحنات أو الميكروباص أو سيارات الركوب "الملاكى"، مؤكدًا أن رجال المرور بوزارة الداخلية هم المسئولون فى المقام الأول عن إدارة الطريق والحد من حوادث الطرق، لذا يرى أن وزارة الداخلية في حاجة إلى إعادة تنظيم إدارة الطريق بشكل جيد كما يحدث فى العالم، موضحًا أنه لا أحد يستطيع أن يمنع وقوع الحوادث لأنها تحدث فى جميع أنحاء العالم، ولكن يمكننا التقليل أو الحد من وقوعها. وأضاف العلايلي، أن الطريق يعد أحد العوامل الرئيسية فى وقوع الحوادث المتكررة، نظرًا لوجود عيوب به تتطلب إصلاحها وإعادة تخطيطها، ولكن العامل الأساسى فى وقوع تلك الحوادث هو العنصر البشرى المتمثل في سلوكيات قائد السيارة، الذى إما لا يملك رخصة قيادة وبالتالي يقود سيارته بكل رعونة وعدم التزام لقوانين وقواعد المرور أو تحت تأثير تناول المخدرات، من هنا نجد أن المتسبب الرئيسى في وقوع حوادث الطرق وخلق حالة من الفوضى العارمة على الطريق هو قائد السيارة ذاته وما يرتكبه من سلوكيات خاطئة، وينسحب ذلك على سائقى الأتوبيس، والميكروباص، والأجرة "التاكسي"، والنقل و"الملاكى"، أى جميع وسائل النقل. ◄ سلوكيات خاطئة أما الدكتورة سهير الدمنهورى، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب- جامعة حلوان، فأكدت أن انتشار حوادث الطرق أو أى ظواهر أخرى تطرأ على المجتمع لابد وأن يكون لها جذور وأساس وبناء اجتماعى رصين، مشيرة إلى أن العنصر البشرى يعد أحد أهم أسباب وقوع حوادث الطرق، إن لم يكن العامل الرئيسى فى وقوعها، فنجد أن قائد السيارة غير مؤهلًا منذ البداية للقيادة، حيث لم يذهب إلى الأماكن المخصصة لتعليم القيادة على غرار الإدارة المختصة فى المرور المنوطة بالتعلم والقيادة، وإقدامه على أماكن غير موثوقة، فضلًا عن تعاطيه المواد المخدرة التى من شأنها أن تفقده التركيز والانتباه تمامًا أثناء القيادة، ما ينجم عن ذلك وقوع كثير من حوادث وتصادمات الطرق. وأرجعت الدمنهورى، أسباب تلك السلوكيات الخاطئة والمنتشرة لدى سائقى السيارات التى أدت إلى وقوع حوادث الطرق وأودت بحياة كثير من الضحايا الأبرياء، إلى الأسرة كونها تعد المنظومة الأولى للبناء الاجتماعى الذى يعد أساس كل المجتمعات الإنسانية، ونظرًا لغياب دور الأسرة الفعال وغياب التنشئة الاجتماعية والتربية السليمة، نظرًا لمعاناة مختلف الأسر من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وتخلى الآباء عن أدوارهم الرئيسية تجاه أبنائهم، جراء انشغالهم بكسب الرزق وجمع الأموال لتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم، الأمر الذى أحدث خللًا واضحًا فى التربية وفى شخصيات الأبناء، ما أدى إلى خلق نشء جديد غير ملتزم ولا يبالى وغير قادر على تحمل المسؤلية، فضلًا عن سلوكياته غير المنضبطة التى تدفعه لارتكاب الحوادث على الطريق بكل رعونة، لذا فإن التنشئة الاجتماعية والتربية السليمة هى أساس بناء الفرد ومن ثم الارتقاء بالمجتمع، هذا جنبًا إلى جنب الدور المؤثر الذى تلعبه المؤسسات التعليمية مثل المدرسة والجامعة، وكذلك المجتمع الخارجى والبيئة المحيطة فى بناء شخصية الفرد.