في مشهد يبدو اعتياديًا منذ بدايته، إذ تحول إعلان ولادة طفل في مستشفى ألماني إلى مادة مثيرة وجدل قانوني وإعلامي واسع، بعد أن اكتُشف أن الاسم الذي أطلق على المولود يحمل دلالات سياسية وأمنية شديدة الحساسية بالنسبة لدولة الاحتلال الإسرائيلي. القصة نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية لتسلط الضوء على التوتر المتصاعد بين حرية الأفراد في تسمية أبنائهم وبين الذاكرة السياسية والأمنية المرتبطة بأسماء شخصيات تثير الجدل في دولة الاحتلال. الطفل "يحيى السنوار" في تمام الساعة 3:34 من صباح يوم الإثنين، وُلد طفل في مستشفى جامعة لايبزيغ شرقي ألمانيا، ونشر المستشفى كعادته على حسابه الرسمي في "إنستغرام" إعلان الولادة مزينًا بثلاثة قلوب حمراء ورسوم لقنديل بحر وصدفة وسلحفاة بحرية، إلا أن ما لم ينتبه له الموظفون، حسبما نقلت "يديعوت أحرونوت"، هو أن اسم المولود "يحيى السنوار"، وهو الاسم الكامل للزعيم الراحل لحركة "حماس" في غزة. عقب موجة من الانتقادات التي أشعلتها دولة الاحتلال في الخارج والمنظمات اليهودية في الداخل، سارعت إدارة المستشفى إلى حذف المنشور واعتذرت رسميًا عن نشره، لكن الاعتذار لم يُنهِ الجدل، بل فتح بابًا أوسع حول مدى قانونية إطلاق مثل هذا الاسم على طفل في ألمانيا، خاصة عندما يكون مرتبطًا بشخصية يحي السنوار. قانوينة التسمية بحسب القوانين الألمانية، يُسمح للآباء باختيار أسماء أطفالهم بحرية، لكن بشروط محددة، مثل: عدم استخدام أسماء مسيئة أو قد تسبب أذى اجتماعيًا للطفل، وأن يكون الاسم مُحددًا لجنس الطفل، وألا يجوز استخدام أسماء عائلات كأسماء أولى (مثل "مولر")، إذ تم رفض أسماء سابقة مثل "شيطان" أو "ماكدونالد" في سجلات المواليد. لكن حتى الآن، لا يوجد مانع قانوني واضح يمنع استخدام اسم "يحيى السنوار"، رغم خلفيته السياسية والأمنية. وأعلنت هيئة السكان في مدينة لايبزيغ مؤخرًا، وهي المسؤولة عن تسجيل أسماء المواليد، أن الأسماء التي تحمل دلالات "متطرفة" أو ذات محتوى "عنيف" أو تتعارض مع الدستور الألماني، سيتم استبعادها من سجلات المواليد. هذا التصريح فُهم على أنه إشارة إلى رفض اسم "يحيى السنوار"، لكن في حال أصر الوالدان على الاسم، فمن المرجح أن يصل الخلاف إلى المحكمة، التي ستضطر للفصل بين النصوص القانونية الجامدة والحساسية الاجتماعية والسياسية المرتبطة بالاسم. "يحيى" اسم يتزايد في أوروبا أشارت الصحيفة العبرية إلى أن اسم "يحيى" أصبح أكثر شيوعًا في أوساط المواليد الجدد المسلمين في أوروبا، وتحديدًا بعد تصاعد الصراع في غزة، ففي إنجلترا وويلز، سُجل 583 طفلًا بهذا الاسم في عام واحد، ليقتحم لأول مرة قائمة أكثر 100 اسم شيوعًا في بريطانيا. فما بدأ كحدث عائلي بسيط تحول إلى جدل قانوني واجتماعي واسع، يسلط الضوء على التوتر القائم بين حرية التسمية الفردية والذاكرة الجماعية المرتبطة بالأسماء والشخصيات المثيرة للجدل، وبينما تستعد المحاكم الألمانية لبحث هذه القضية، يبقى اسم "يحيى السنوار" عنوانًا لصدام محتمل بين القانون والرمزية السياسية.