تواجه الإدارة الأمريكية أزمة سياسية داخلية غير مسبوقة تهدد بتمزيق النسيج الجماهيري لحركة "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" (ماجا)، حيث يتصاعد الجدل حول التكتم على تفاصيل قضية رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين. وفي تطور مثير، هاجم الرئيس دونالد ترامب مؤيديه بعنف ووصفهم ب"الضعفاء" السذج، مما يشير إلى تصدع خطير في العلاقة بين القائد والقاعدة. في منشور مطول على موقع التواصل الاجتماعي الخاص به "تروث سوشيال"، شن ترامب هجوماً شرساً على ناخبيه يوم الأربعاء، متهماً إياهم بالانخداع بما وصفه بخدعة "اليسار الراديكالي". وحسب ما نقلته صحيفة الجارديان البريطانية، كتب ترامب: "خدعتهم الجديدة هي ما سنطلق عليه إلى الأبد خدعة جيفري إبستين، ومؤيدوي السابقون اشتروا هذا الهراء بالكامل". وأضاف بلهجة غاضبة: "لم يتعلموا درسهم، وربما لن يتعلموا أبداً، حتى بعد أن خدعهم اليسار المجنون لمدة 8 سنوات طويلة". وفي تصعيد للخلاف، تابع ترامب قائلاً: "دع هؤلاء الضعفاء يواصلون المضي قدماً ويقومون بعمل الديمقراطيين، لا تفكر حتى في الحديث عن نجاحنا المذهل وغير المسبوق، لأنني لا أريد دعمهم بعد الآن!" وفي مقابلة مع شبكة "ريال أمريكاز فويس" اليمينية المتطرفة التي أسسها ستيف بانون، ضاعف ترامب من موقفه وطالب مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتحقيق فيما أسماه "خدعة جيفري إبستين" كجزء من مؤامرة إجرامية ضده. اقرأ أيضًا: «الديون ورسوم ترامب».. ملفات ساخنة على طاولة اجتماع مجموعة العشرين بجنوب إفريقيا نظريات المؤامرة تهز الأسس الجماهيرية للحركة تشير الجارديان إلى أن إحدى أكثر النظريات إثارة للجدل المتداولة بين أنصار ترامب هي أن إبستين، الذي قتل نفسه في عام 2019 أثناء احتجازه الفيدرالي، قد قُتل على يد شخصيات نافذة لإخفاء أدوارهم في جرائمه الجنسية. وقد ضغط الناخبون والسياسيون الجمهوريون على ترامب للإفراج علناً عن الوثائق المتعلقة بالقضية، والتي أصبحت تُعرف باسم "ملفات إبستين". وخلال حملاته الانتخابية، غذى ترامب العديد من نظريات المؤامرة من قبل حركته، بما في ذلك أن البلاد كانت تحت سيطرة نخب "الدولة العميقة" الغامضة، مما تسبب في جنون عظيم بين قاعدته، التي تشكك الآن، بشكل غير معتاد، في زعيمها بشأن جدل إبستين. غضب المؤيدين وتصدع في الصفوف استجاب عدة مستخدمين على "تروث سوشيال" لمنشور ترامب بردود فعل غاضبة، مطالبين إياه بالإفراج عن المزيد من المعلومات، وكتب أحد المنشورات: "أنت تخسر أكثر أتباعك إخلاصاً وأصواتهم سيد الرئيس"، بينما قال منشور آخر: "لماذا تحمي المتحرشين بالأطفال؟". وقد ركز الحلفاء المحافظون للرئيس غضبهم على المدعية العامة بام بوندي، التي كانت تقود القضية، حيث قالت سابقاً إن قائمة عملاء إبستين "تجلس على مكتبي الآن للمراجعة". كما دعا العديد من المحافظين البارزين الآخرين ترامب لإعلان كل ما هو معروف عن إبستين علناً. حتى كنته لارا ترامب، مذيعة شبكة فوكس نيوز، انتقدته قائلة: "أعتقد أنه يجب أن تكون هناك شفافية أكبر في هذا الأمر". تراجع وتغيير في الموقف الرسمي تمثل هذه الهجمة الغاضبة من ترامب تحولاً جذرياً عن محاولاته السابقة لتهدئة مؤيديه. فيوم الثلاثاء، حاول صرف الانتباه بوصف التحقيق بأنه "ممل" لكنه قال إنه يؤيد الإفراج عن أي ملفات "موثوقة"، دون تحديد ما تعنيه. وقال ترامب للصحفيين: "لا أفهم لماذا قد تكون قضية جيفري إبستين محل اهتمام لأي شخص، إنها أشياء مملة جداً". وفي يوم الثلاثاء، دعا مايك جونسون، رئيس مجلس النواب، وزارة العدل لإعلان الوثيقة، منفصلاً عن ترامب في لحظة نادرة من الاحتكاك بين الحليفين. وقال جونسون في مقابلة مع بيني جونسون، مقدم البودكاست اليميني: "إنه موضوع حساس جداً، لكن يجب أن نضع كل شيء في العلن ونترك الناس يقررون". موقف وزارة العدل والتحقيقات الفيدرالية أعلنت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأسبوع الماضي أن مراجعة ملفات القضية أكدت أن إبستين قتل نفسه، وأنه لا توجد قائمة بعملائه لإعلانها للجمهور، وفقاً لما نقلته الجارديان. وتكافح الإدارة لاحتواء هذه الأزمة السياسية داخل حركة "ماجا" بسبب الشكوك حول إخفاء الإدارة لتفاصيل جرائم إبستين لحماية النخبة الثرية المرتبطة به، والتي تشمل ترامب نفسه.