مافيش أكل فى البيت ..قررت تطلب أوردر أكل دليفرى ، ساعة ويكون الأكل عندك ساخن وجاهز، الدوا خلص .. رسالة صغيرة على الواتس آب للصيدلية وخلال دقائق يكون عندك العلاج دليفري، فى كل مرة نضغط فيها على زر طلب الطعام أو الدواء أو أى طلب يأتى حتى باب البيت دليفرى ، وكأنه عفريت مصباح علاء الدين . مع ابتسامة عابرة على وجه شخص لا نعرفه. نفتح الباب، نتناول الأكياس، نغلقه سريعًا، ونعود إلى حياتنا. وكثيرًا ما ننسى أن وراء هذه الدقائق القليلة رحلة طويلة من المشقة والعناء قام بها هذا الإنسان الذى حمل إليك طلبك. عامل الدليفري... هذا الشخص الذى لا نعرف اسمه ولا نهتم غالبًا بقصته، هو عصب صامت لحياتنا اليومية. يخوض سباقا بدراجته بين زحام السيارات وخطر الطريق، يقف فى طوابير الاستلام، ينتظر بحزم وصبر، ثم يقطع المسافات ليوفر علينا الوقت والجهد. ربما نراه مجرد شاب عادى وسيط بيننا وبين وجباتنا، لكن الحقيقة أنه إنسان زينا تمامًا، له حلم مؤجل، أو مسئولية تثقل القلب، أو أمنية بسيطة بالراحة والأمان. ربما هو أب يكدح ليؤمّن مصاريف المدرسة لأولاده، أو شاب يطارد حلمه الجامعى فى ظل ظروف قاسية، أو رجل ضاقت به السبل فاختار هذه المهنة ليحفظ كرامته.. ودائما هو شخص ذو كرامة قبل هذا العمل حتى لايسأل الناس أعطوه أم منعوه. لا نرى وجهه إلا لثوانٍ، وغالبًا ننشغل بعد النقود أو التوقيع أو التقييم، وينسى الكثير منا أن يمنحه كلمة شكر صادقة. والحقيقة التى لا يراها الكثير من الناس ، أن وراء كل مشوار توصيل طلب قصة تعب، وحر الصيف، وبرد الشتاء، ومواقف لا تحصى من زبائن لم يروا فيه سوى "عامل خدمة". لكن الحقيقة أن الإنسانيه لا تقاس بما ندفعه من مال، بل بما نُظهره من تقدير. إن كلمة بسيطة مثل "تسلم إيدك" أو "ربنا يوفقك" قادرة على تحويل مسار يوم كامل من المشقة والتعب إلى يوم مبهج، فى قلب إنسان لا ينتظر منا أكثر من الاحترام ، والمعاملة الكريمة. لنجعل بيننا وبينهم مساحة من الإنسانية وياريت نتعلم كيف نقول "شكرًا»... لأنك هنا.