19 زهرة من زهرات مصر تم قطفها فى لحظة واحدة بسبب رعونة سائق استسهل الأمر وقرر أن يختصر الطريق ويسير عكس الاتجاه بسرعة كبيرة، ليقطف فى غمضة عين حياة 19 فتاة كل ذنبهن فى الدنيا أنهن خرجن للعمل حتى يكفين أنفسهن عناء مد اليد. حادث مصرع فتيات قرية كفر السنابسة مركز منوف، يضعنا من جديد أمام مأساة تتكرر كل فترة يروح ضحية لها زهرات من الشباب والفتيات والأطفال، بسبب رعونة سائق قرر أن يسير على الطريق فاقداً الوعى بما حوله سواء نام على الطريق أو كان تحت تأثير المخدر، لكن هذا يضعنا أيضاً أمام سؤال ملح: من المسئول؟. هل هو سائق التريلا الذى قرر أن يخالف القانون فسار عكس الاتجاه فى طريق سريع حيوى يربط محافظات الوجه البحرى فى مصر، أم إدارة المرور التى تغافلت عن هذا الفعل، أم أن الأمر من بدايته كان مشوباً بالخطأ عندما حصل هذا السائق على رخصة قيادة من دون أن يتم التأكد من أهليته لأن يقود سيارة نقل كبيرة على طرق سريعة الخطأ فيها يكلف أرواحاً بريئة لا ذنب لها. 19 فتاة ما بين طالبات جامعيات قاربن على التخرج، وفتيات يكدحن على أنفسهن ليحمينها من الانزلاق إلى دوامة العوز والفاقة، ذهبن جميعا نتيجة التغاضى منذ البداية عن إعمال القوانين، فكانت الفاجعة. لم يكن هذا الحادث هو الأول الذى يروح ضحيته زهرات مازالت فى طور التفتح تبحث عن المستقبل الذى ضاع فى غمضة عين، ولن يكون الأخير، لكن هل سنظل دائماً نبكى على اللبن المسكوب بعد كل كارثة؟. فقبل عدة سنوات راح أكثر من 20 طالباً كانوا فى طريقهم إلى مدرستهم بسبب رعونة سائق قرر أن يتحدى قوانين الطبيعة وقوانين المرور ويعبر مزلقاناً للسكة الحديد، فى لحظة قدوم القطار معتقداً أنه يمكنه أن يتجاوزه فى اللحظة المناسبة ضارباً عُرض الحائط بكل قوانين الفيزياء والطبيعة؛ ليدهس القطار الأتوبيس بكل من فيه وفى النهاية كان اللوم على عامل المزلقان الذى قيل وقتها إنه كان نائماً ولم يقم بمهمته الموكلة إليه بغلق المزلقان فى وقته. ولا ننسى حادثًا آخر راح ضحيته فتيات التراحيل اللاتى غرقت بهن السيارة التى كانت تحملهن بعدما أهمل السائق وضع السيارة بشكل جيد على المعدية فانزلقت إلى النيل بكل من فيها ليروح ضحيتها عدد كبير من زهرة شباب مصر. حادث فتيات كفر السنابسة يضعنا من جديد أمام ملف نزيف الدماء على الأسفلت، فرغم كل ما تبذله الدولة فى تطوير الطرق وجعلها تتوافق مع المعايير العالمية للطرق، يأتى شخص قرر أن يعطى ضميره إجازة مفتوحة ليخالف القوانين والأعراف فى سبيل مكاسب رخيصة تكون نتيجتها كارثة وراء الأخرى. وأنا هنا أطالب إدارات المرور فى كل أنحاء المحروسة بالتشديد فى تطبيق قوانين المرور وعمل لجان على كل الطرق السريعة للكشف عن المخدرات وتقليل مدة رخص القيادة بالنسبة لسائقى النقل الثقيل ليتم التجديد كل عام وليس كل ثلاثة أعوام، وإلزامهم بالكشف الدورى كل ثلاثة أشهر وإجراء تحليل مخدرات، ومن لا يلتزم يتم سحب رخصته بمراحل متدرجة حتى يصل إلى منعه من القيادة إذا لزم الأمر، كما أطالب بتطبيق نفس القواعد على سائق الميكروباص خاصة الذين يقودون على الطرق السريعة وطرق السفر. المسئولية عن نزيف الأسفلت تضامنية، تقع على عاتق عدة أطراف ويجب على الجميع أن يقوموا بما هو منوط بهم للحفاظ على أرواح الناس، حتى لا نصحو كل حين وآخر على خبر ضياع أرواح شبابنا.