يمثل طرح مطار الغردقة الدولي أمام القطاع الخاص، نقطة انطلاق جديدة في قطاع الطيران المصري، قد يعيد رسم خريطة إدارة وتشغيل المطارات ويمهد لتجربة موسّعة تطال باقي المطارات في المستقبل القريب، وذلك بعد أن وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم السبت ببدء طرح الغردقة الدولي للشراكة مع القطاع الخاص قبل نهاية عام 2025. ويأتى مطار الغردقة كبداية لهذا التحول كونه أحد أكثر المطارات المصرية حركة ونمواً ويخدم منطقة البحر الأحمر ذات الجذب السياحي الكبير، حيث يعد ثاني أكبر مطارات مصر بعد مطار القاهرة من حيث عدد الرحلات والركاب، وينتظر أن يشكل طرح المطار نموذجاً أولياً لتقييم آليات الشراكة واختبار جدوى تطبيقها على مطارات أخرى مثل شرم الشيخ والأقصر ومطارات في صعيد مصر. ويأتي توجيه الرئيس، ضمن خطة وطنية طموحة لإشراك القطاع الخاص في تشغيل وتطوير عدد من المطارات الحيوية في مصر، ويعد الأمر توجيه رئاسي لتحفيز الشراكة و ذلك خلال اجتماع موسع بمدينة العلمين الجديدة ضم رئيس الوزراء وعددًا من الوزراء والمسؤولين. كما شدد الرئيس السيسي على ضرورة تسريع إجراءات إشراك القطاع الخاص في إدارة المطارات ووجه الرئيس ببدء تجربة أولى من خلال طرح مطار الغردقة كنموذج تطبيقي قبل نهاية العام الجاري، وكلف الرئيس الحكومة بسرعة الانتهاء من إعداد الاستراتيجية الوطنية لإدارة وتشغيل 11 مطارًا مصريًا بالشراكة مع القطاع الخاص بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية IFC التابعة للبنك الدولي على أن يتم الإعلان عنها رسميًا قبل نهاية صيف 2025. تعظيم العائدات وزيادة الاستثمارات وحول ذلك أكد اللواء طيار جاد الكريم نصر رئيس الشركة المصرية للمطارات سابقا أن المطارات المصرية كانت تعمل بكفاءة وفق معايير الجودة الدولية إلا أن التوجه نحو إشراك القطاع الخاص جاء لتعظيم العائدات وزيادة الاستثمارات وتحسين الخدمات التشغيلية من خلال نموذج الشراكة في تأجير وتشغيل المطارات والذي أعد بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية بصفتها المستشار الاستراتيجي لوزارة الطيران المدني لتطوير أحد عشر مطارا في مقدمتها مطار الغردقة الدولي . اقرأ أيضًا| تعاون بين «الطيران المدني» وشركات عالمية لتطوير البنية التحتية والخدمات الذكية وأوضح أن الدولة سبق لها تنفيذ تجربة مصغرة لهذا النموذج من خلال شراكات إدارية في عدد من المطارات تضمنت الجانب المالي والتجاري وعمليات التشغيل دون التنازل عن الملكية وكانت التجربة قد طُبقت في مطارات شرم الشيخوالغردقة والأقصر وأسوان وأبو سمبل بالإضافة إلى مطار القاهرة الدولي وقد حققت هذه الشراكات نجاحا واضحا في تحسين جودة الخدمات وتعظيم العائد الاقتصادي . الارتقاء بتجربة المسافر وأشار اللواء جاد الكريم في تصريحات خاصة إلى "بوابة أخبار اليوم" إلى أن الاستعانة بالخبرات الدولية يُعد خطوة ناجحة في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وذلك عبر عقود إيجار طويلة المدى تضمن استقرار التشغيل وتطبيق أفضل الممارسات العالمية وأكد أن الهدف الرئيسي من هذه الشراكات ليس فقط تحسين الأداء التشغيلي بل أيضا الارتقاء بتجربة المسافر عبر تطبيق الأنظمة الإلكترونية الحديثة وتيسير جميع مراحل السفر. والوصول بما يشمل سرعة الإجراءات وربط الحقائب بالركاب لضمان متابعتها إلكترونيا منذ لحظة تسليمها وحتى استلامها وأضاف أن الرؤية الجديدة تهدف أيضا إلى تحويل مباني الركاب إلى مراكز خدمات متكاملة تشبه المدن المصغرة بما يشمل الأسواق الحرة والمطاعم والمحلات التجارية لتوفير تجربة مريحة وممتعة للمسافرين خاصة خلال فترات الترانزيت . اقرأ أيضًا| مصر للطيران تتقدم 20 مركزًا ضمن الأفضل عالميًا وأكد أن تطبيق هذا النموذج في مطار الغردقة يمثل فرصة قوية لدعم سياحة الترانزيت باعتبارها من الأنماط الجاذبة للركاب والتي يمكن أن تدر عوائد ضخمة بالعملة الصعبة كما يسهم في توزيع الحركة الجوية اليومية على مدار اليوم بما يخفف من التكدسات ويحقق انسيابية داخل صالات السفر والوصول. وأشار إلى أن الشركات الكبرى المتخصصة في إدارة المطارات العالمية تمتلك علاقات مباشرة مع شركات الطيران الدولية وهو ما يساعد على جذب مزيد من الرحلات والمشغلين السياحيين الأمر الذي ينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني ويرفع من تنافسية المطارات المصرية. دعم دولي من مؤسسة التمويل الدولية : كما تم توقيع اتفاق بين الحكومة المصرية ومؤسسة التمويل الدولية (IFC) في مارس الماضي فى إطار هذه المبادره تقوم بموجبه المؤسسة بدور المستشار الفني والاستثماري لوزارة الطيران المدني وتشرف على إعداد الدراسات الاقتصادية والترويج للمشروع واختيار الشركاء المؤهلين من القطاع الخاص. وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز كفاءة التشغيل وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمسافرين وجذب الاستثمارات الخاصة في قطاع الطيران دون تحميل الموازنة العامة أعباء مالية إضافية ومن المقرر أن تنجز الحكومة الاستراتيجية الكاملة لإشراك القطاع الخاص قبل نهاية صيف 2025 حيث سيتم طرح مطار الغردقة أمام الشراكة رسمياً في الربع الأخير من العام الجاري يلي ذلك فتح الباب لتقديم العروض ثم تقييمها تمهيدًا لاختيار الشريك الاستراتيجي . أهداف اقتصادية وتشغيلية: تأتي هذه الخطوة ضمن خطة الدولة لتعظيم الاستفادة من أصولها ورفع كفاءة الخدمات في المطارات في إطار رؤية "الجمهورية الجديدة" التي تهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمطارات المصرية إلى 100 مليون راكب سنوياً بحلول عام 2030 و تطبيق أحدث النظم التكنولوجية والإدارية الدولية و تعزيز تنافسية المطارات المصرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. و زيادة العائد الاقتصادي من المطارات دون التفريط في ملكيتها. ورغم أن هذه الخطوة لا تمثل خصخصة للمطارات بالمعنى الكامل فإنها تعكس تحولاً جذرياً في فلسفة الإدارة والتشغيل إذ تسعى الدولة إلى الاستفادة من الخبرات الخاصة دون التخلي عن السيطرة أو الأصول بما يضمن تحقيق أعلى كفاءة بأقل تكلفة.