في تصعيد غير مسبوق، شنّت إسرائيل هجومًا جويًا مركّزًا على أهداف حيوية داخل الأراضي الإيرانية، ما فجّر موجة من التحليلات حول تداعيات هذا التحرك الجريء. وبين التصعيد العسكري والصمت الدولي الحذر.. تُطرح التساؤلات، بشأن العواقب التي قد تترتب على الضربة الإسرائيلية لإيران وهل تغير موازين القوى في الشرق الأوسط؟، وسط ثلاث نتائج خطيرة بدأت في التكوّن. اقرأ أيضًا| الضربات الإسرائيلية لإيران تفتح «صندوق التلوث النووي».. ما مدى خطورته؟ عداوة تاريخية تتصاعد إلى نقطة الانفجار في عام 1936، كتب رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق والكاتب البريطاني، ونستون تشرشل في سيرة دوق مارلبورو أن "المعارك الكبرى تُعيد تشكيل العالم وتفرض أجواءً وقيمًا جديدة لا يمكن تججاوزها". واليوم، يبدو أن هذا الوصف بحسب مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية ينطبق بدقة على الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد إيران، والذي لا يُمكن اعتباره فقط غارة جوية، لكنها.. لحظة تحول في ميزان القوى الإقليمي. وفقًا للمجلة الأمريكية ذاتها، الصراع بين إسرائيل وإيران لم يولد من فراغ، بل هو نتاج عداوة أيديولوجية ممتدة. من تفجيرات، إلى صواريخ انطلقت من لبنانوإيران نفسها خلال السنوات الأخيرة، ظلت طهران حاضرة في معادلة تهديد وجودي لتل أبيب، لكن الضربة الإسرائيلية لإيران الأخيرة من قبل تل أبيب تجاوزت المعهود.. حيث دمجت أساليب الاغتيال والتخريب والهجمات الجوية عالية الدقة، مما شكل تطورًا نوعيًا غير مسبوق.. العاقبة الأولى| أسلوب حرب جديد يُغيّر قواعد اللعبة أظهرت الضربة الإسرائيلية لإيران الأخير نموذجًا حربيًا يجمع بين العمليات الخاصة والضربات الدقيقة بشكل متزامن. ووفقًا لللمجلة الأمريكية، نجحت فرق الموساد الإسرائيلية في تنفيذ عمليات نوعية شلت قدرات الدفاع الإيرانية، واستهدفت كبار قادة البرنامج النووي الإيراني. وهذا النموذج بحسب «ذا أتلانتيك» قد يتحول إلى مرجع عالمي في الحروب المستقبلية، لكنه يطرح أيضًا تساؤلات حول هشاشة الدفاعات التقليدية أمام مثل هذا التكتيك المتطور. اقرأ أيضًا| بلا تصريح وبغطاء أمريكيّ.. كيف بنت إسرائيل ترسانة نووية كاملة؟ العاقبة الثانية| إيران تخسر موقعها الإقليمي.. والنظام يهتز منذ هجوم الفصائل الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 على الداخل الإسرائيلي، تدهورت قوة إيران الناعمة والصلبة في المنطقة. وفقدت طهران الكثير من نفوذها في بعض الدول الأخرى كلبنان وسوريا، ومع الضربة الإسرائيلية لإيران الأخيرة التي طالت قلب نظامها الأمني والعلمي، اهتز النظام الإيراني الداخلي بعد اغتيالات عدد كبير من القادة الإيرانيين. ويُرجّح بعض المحللين بحسب المجلة الأمريكية، أن يشهد النظام الإيراني تغيرًا جذريًا، قد يعيد تشكيل سياستها الخارجية بالكامل. العاقبة الثالثة| ترامب يدخل على الخط.. وتوازن الردع يترنح في لحظة كانت فيها واشنطن تحاول أن تبدو بعيدة عن التصعيد بين إسرائيل وإيران، فاجأ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب العالم بتصريحات نارية على منصته للتواصل الإجتماعي "تروث سوشيال"، ملوّحًا باستهداف المرشد الإيراني علي خامنئي نفسه، ومُشيدًا باستخدام القنابل الأمريكية في الضربة الإسرائيلية لإيران. رغم المعارضة من بعض أنصاره مثل تاكر كارلسون ومارجوري تايلور جرين، إلا أن ترامب مضى في تبني الحملة ضد إيران، بل وبدأ في الحديث بصيغة "نحن" عند الإشارة إلى الهجمات. ولم يكن ذلك مُجرد خطاب، بل تحوّل في المزاج السياسي الأمريكي، فالبيت الأبيض، تحت إدارة ترامب، بات أقرب إلى دعم الضربة الإسرائيلية لإيران الاستباقية ضد البرنامج النووي الإيراني، وربما يُفكر في إسقاط القنابل الخارقة للتحصينات على منشأة "فوردو" النووية، ما يعني أن العالم أمام احتمال انفجار مواجهة مفتوحة، أو بداية صفقة كبرى. ووأشار بعض القادة الأوروبيين، مثل المستشار الألماني، فريدريش ميرز، إلى أن الغرب يجب أن يكون ممتنًا لإسرائيل لأنها قامت بكبح إيران، وهو اعتراف ضمني بأن تل أبيب كانت رأس الحربة في مواجهة تهديد نووي داهم. وفي الخلفية، يتحرك ترامب ليضع توقيعه السياسي على المشهد، ليس باعتباره منقذًا محتملًا فقط، لكن كصانع لصفقة كبرى تنهي الصراع كما يُطلق على نفسه دائما بأنه رجل الصفقات. وهكذا كان الهجوم الإسرائيلي على إيران رسالة استراتيجية بثلاثة أبعاد، «ابتكار عسكري جديد، وتآكل النفوذ الإيراني، وتحول أمريكي جريء بقيادة ترامب». اقرأ أيضًا| إلى متى تستطيع إسرائيل مواجهة إيران دون ذخائر أمريكا؟