حمدى كامل - عبد الرحمن عبد الحليم فى خطوة تعد نقلة نوعية غير مسبوقة فى مجال تجديد الخطاب الدينى، أطلقت وزارة الأوقاف منصتها الرقمية الكبرى، كمشروع وطنى يجسد الرؤية الجديدة للجمهورية الحديثة نحو بناء الإنسان الواعى والمستنير. تأتى المنصة لتكون الذراع التكنولوجية للفكر الوسطى المستنير، الذى تتبناه الدولة المصرية فى مواجهة تيارات التطرف والانغلاق، الدينى أو اللادينى، حيث تعتمد على أسلوب تفاعلى حديث يواكب متطلبات العصر، ويستثمر أدوات الذكاء الاصطناعى والدردشة التفاعلية لخدمة رسالة الدين فى صورتها الحضارية. مشروع رقمى عملاق لا يقتصر على كونه منصة نشر إلكترونية، بل يمثل تحولًا فكريًا ومعرفيًا شاملًا، تتكامل فيه الجوانب الدعوية والعلمية والثقافية، فى إطار مؤسسى مدروس. المنصة تعد الأكبر من نوعها عالميًا، وتقدم محتوى علميًا آمنًا، متنوعًا معتمدًا من علماء الأزهر الشريف، وتُسهم فى دعم رسالة مصر العالمية كمنارة للعلم والدين والحضارة. ومن خلال أقسامها المتعددة ومبادراتها النوعية، تدعم المنصة جهود الدولة فى ترسيخ الوعى الصحيح، وتحقيق الأمن الفكرى، وبناء مجتمع قادر على مواجهة التحديات بسلاح العقل والإيمان. اقرأ أيضًا | مصر «الدعامة الكبرى» لفلسطين.. وموقف الإمام الأكبر تاريخى انطلقت فى حضور د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء بمقر مجلس الوزراء ومشاركة عدد من المسئولين، من بينهم د. نظير عياد مفتى الجمهورية، والمهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وعدد من الوزراء. خطاب دينى بأسلوب عصرى أكد د. أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، أن إطلاق المنصة الرقمية الكبرى للوزارة يُعد لحظة تاريخية ونقلة نوعية غير مسبوقة فى مسار تجديد الخطاب الدينى بأسلوب عصرى تفاعلى، مشددًا على أن هذه المنصة تمثل ثمرة رؤية وطنية شاملة لبناء الإنسان المصرى الواعى، المؤمن، العاقل، القادر على التمييز، وصناعة الحضارة.. وأوضح أن المشروع يأتى تتويجًا لجهد شاق ومتواصل استمر لعدة أشهر، منذ لحظة توليه مسئولية الوزارة، مؤكدًا أن هذه المنصة لا تُعد مجرد وسيلة تكنولوجية لنشر المحتوى الدعوى، بل هى مشروع حضارى متكامل، يُخاطب العقل والوجدان معًا، ويُعيد تقديم صورة الإسلام الحقيقية فى إطارها الأخلاقى والإنسانى الرشيد. وقال الأزهرى إن اختيار توقيت الإطلاق ليتزامن مع اليوم الدولى لمكافحة خطاب الكراهية لم يكن محض صدفة، بل هو رسالة صريحة من الدولة المصرية للعالم أجمع، تؤكد من خلالها أن مواجهة العنف والتطرف والكراهية، سواء أكان دينيًا أو لا دينيًا، يتطلب فكرًا رشيدًا، متوازنًا، قائمًا على الحوار واحترام الآخر، ينطلق من أرضية علمية رصينة تستند إلى مقاصد الشريعة وروح الإسلام السمح. وأشار وزير الأوقاف إلى أن المنصة تُعد حاليًا الأكبر من نوعها على مستوى العالم من حيث حجم المحتوى وتنوعه، إذ تضم فى مرحلتها الأولى أكثر من 60 ألف صفحة علمية ومعرفية موثقة، تمت مراجعتها بعناية، على أن يتوسع هذا المحتوى ليبلغ ملايين الصفحات بحلول عام 2027 مع اكتمال المرحلتين الثانية والثالثة من المشروع.. وأضاف أن المنصة ستكون واجهة حضارية لمصر، تعكس رسالتها العالمية فى تصدير الخطاب الدينى الوسطى، المنبثق من مدرسة الأزهر الشريف، إلى العالم كله. وكشف الأزهرى أن المنصة ستشهد خلال المراحل المقبلة إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعى، وتفعيل أدوات الدردشة التفاعلية الآمنة، من أجل تعزيز التواصل المباشر والفعّال مع المستخدمين، خاصة من فئة الشباب الذين باتت التكنولوجيا لغتهم الأولى.. وأوضح أن هذه الأدوات لن تكون شكلية، بل ستُبنى على محتوى علمى وفكرى آمن، متوازن، مؤتمن على مقاصد الشريعة، ويُقدَّم بلغة معاصرة، بعيدة عن الجمود والتعقيد، وتُخاطب الواقع بروح المسئولية والمعرفة. وأشار وزير الأوقاف إلى أن المنصة تضم عشرات الأبواب المتخصصة، التى تغطى مختلف المجالات الدينية والفكرية والثقافية، ومنها: الفقه، الفلسفة الإسلامية، التاريخ والحضارة، الأخلاق والقيم، قضايا الدولة والعالم، الأديان والمذاهب، المواسم والمناسبات، الأسرة والمجتمع، اللغة العربية وبلاغتها، بالإضافة إلى أقسام متخصصة فى القرآن الكريم وعلومه، الحديث الشريف وعلومه، السيرة النبوية، سير الأعلام، والرد على الشبهات، والتصوف، والعقيدة، والموضوعات الشائعة، كما توفر المنصة خدمات معرفية عن الوزارة وتاريخها ومؤسساتها المختلفة، مما يجعلها مرجعًا شاملاً ومتاحًا للجمهور.. وأضاف الأزهرى أن من بين أقوى الأدوات التى ستعتمد عليها المنصة فى مرحلتها الأولى مبادرة «صحّح مفاهيمك»، التى وصفها بأنها مشروع علمى استراتيجى يستهدف إعادة تشكيل الوعى من الجذور، من خلال إحياء المفاهيم الصحيحة وتفكيك المفاهيم المغلوطة التى ترسخت فى الوعى العام عبر الزمن.. وأكد أن المبادرة، التى تنطلق الأسبوع المقبل تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، ستتناول قضايا شديدة الأهمية تمس الواقع اليومى للمواطن، مثل الاحتيال المالى، إدمان مواقع التواصل، التراجع القيمى والسلوكى، وذلك فى إطار منظومة معرفية تُسهم فى بناء مواطن حر ومسئول، قادر على حماية نفسه ومجتمعه من مظاهر الانحراف والتشويه.. وشدد الأزهرى على أن وزارة الأوقاف ملتزمة بمواصلة البناء والتطوير فى هذا المشروع الرقمى العملاق، بما يتناسب مع مكانة مصر، ودورها التاريخى فى نشر النور والمعرفة، وتقديم الإسلام فى صورته الحضارية المتوازنة. وأكد أن المنصة الجديدة تُعد انطلاقة لمرحلة جديدة من العمل الدعوى المؤسسى، القائم على التخصص والعلم والاحترافية، وأنها ستُسهم فى تعزيز موقع مصر كمنارة للفكر الدينى الوسطى، القائم على الرحمة والعدل والوعى، فى ظل قيادة سياسية تُؤمن بأهمية الكلمة، ودور الثقافة والدين فى بناء المستقبل. «الأخبار» حصلت على تفاصيل دقيقة عن محتوى المنصة الرقمية وآلية عملها.. المنصة الجديدة لا تكتفى بدور النشر التقليدى، بل تسعى إلى أن تكون المرجعية الرقمية الأولى فى العالم الإسلامى، من خلال محتوى موثوق وعالى الجودة يخاطب العقل والوجدان، ويستجيب لاحتياجات الجمهور المعرفية، سواء اللحظية منها أو طويلة المدى. فهى تتفاعل مع أسئلة الناس اليومية، وتغرس فى الوقت ذاته مفاهيم كبرى تشكل وعى الإنسان وتدفعه نحو الإبداع وصناعة الحضارة. وتستهدف شرائح متعددة من الجمهور، من العلماء والباحثين وطلاب العلم، إلى المعلمين والوعاظ، وصولًا إلى عموم الناس من شباب ونساء وأسر، وتقوم منهجيتها على الجمع بين ما يشغل الناس الآن وما يحتاجونه لبناء وعى راسخ متجدد، فى صيغة سهلة وعصرية وموثوقة. الصفحة الرئيسية للمنصة صُممت لتكون واجهة فكرية قبل أن تكون إخبارية أو إدارية، حيث تتصدرها أقسام تعكس رسالتها المركزية، من بينها قسم للمواسم والمناسبات الدينية، وآخر لخطبة الجمعة، إضافة إلى مبادرة «صحح مفاهيمك» التى تُعنى بتفكيك المفاهيم المغلوطة، وصفحات تُعالج الموضوعات الشائعة وتقدم موسوعات معرفية ثرية.. كما تعبر «المحاور الاستراتيجية» عن الرؤية العامة التى تنطلق منها المنصة لخدمة الوطن والدين معًا. أبواب المنصة المنصة تحتوى على أبواب معرفية متخصصة، تهدف إلى تعزيز الوعى الدينى الوسطى، ومواجهة الأفكار المتطرفة، وتقديم محتوى دينى معاصر يناسب عقل الإنسان الحديث. يتصدر هذه الأبواب باب العقيدة، الذى يناقش الأسئلة الوجودية الكبرى ويواجه موجات الإلحاد، بأسلوب علمى وعصرى، كما يقدّم باب القرآن الكريم تلاوة صحيحة وتفسيرًا مبسطًا يربط النصوص بالواقع، بينما يعزز باب الحديث الفهم النقدى للنصوص النبوية ويفكك تأويلات المتطرفين.. وفى باب السيرة النبوية، تُعرض السيرة كمنهج حياة عملى، أما باب سير الأعلام فيبرز نماذج واقعية من الشخصيات المؤثرة فى تاريخ الأمة، فيما يعيد باب الأخلاق والقيم الاعتبار للأخلاق كركيزة للنهضة، ويواجه دعاوى الانحلال باسم الحرية.. ويتناول باب الحضارة والعمران سؤال النهوض، من خلال ربط الإيمان بالعلم والابتكار، بينما يعالج باب الدولة والعالم المفاهيم السياسية من منظور إسلامى وسطى، ويقدم باب الإرهاب والتطرف تحليلًا عميقًا للجذور الفكرية للعنف، ويفضح مناهج الجماعات المتشددة.. كما تُخصص المنصة أبوابًا للفقه، والأسرة والمجتمع، والأديان والمذاهب، فى معالجة متكاملة لقضايا الحياة اليومية، مع الإعداد لإطلاق بابى الطفل والمرأة فى المرحلة المقبلة.. بهذه الأبواب، ترسّخ المنصة موقعها كمرجعية معرفية معاصرة، تسعى لبناء وعى دينى رشيد، وتحقيق التوازن بين ثوابت الدين وتحديات العصر. 4 محاور استراتيجية طرحت وزارة الأوقاف عبر منصتها الرقمية أربعة محاور استراتيجية تمثل رؤية متكاملة لمواجهة التطرف، وبناء الإنسان، وصناعة الوعى، وتعزيز القيم.. يركز المحور الأول على مواجهة التطرف الدينى، من خلال تفكيك أفكار الجماعات المتشددة، وكشف انحرافاتهم عن صحيح الدين، وبناء خطاب دينى رشيد يجمع بين الأصالة والتجديد. أما المحور الثانى فيعالج التطرف اللادينى، الذى يظهر فى مظاهر مجتمعية كالإلحاد والانحلال، والغش، والعنف الأسرى، وتواجه المنصة هذه الظواهر بالعقل والحجة، لا بالانفعال، سعيًا لتعزيز الثقة فى الدين وربطه بالتقدم.. -ويعنى المحور الثالث ببناء الإنسان، من خلال تنمية الوعى، وتشكيل شخصية متوازنة فكريًا وأخلاقيًا، قادرة على مواجهة التحديات، والتمييز بين الغلو والتسيب، فى ظل غياب القدوات والانفجار المعرفى. أما المحور الرابع فيركز على صناعة الحضارة، باعتبارها رسالة إيمانية وعملية، تسعى لربط القيم الدينية بالإبداع والإنتاج، وتشجيع الشباب على خوض مجالات العلم والابتكار، كطريق للنهوض وبناء المستقبل.. بهذه الرؤية، تؤسس المنصة لتحول حقيقى فى مسار الخطاب الدينى، وتُقدِّم نموذجًا وطنيًا لبناء وعى راسخ يواجه تحديات العصر بثبات وعمق.. التحفيظ الرقمى والبث المباشر والبودكاست. الوزارة ستطلق ثلاث أدوات رقمية جديدة ضمن المرحلة الثانية من تطوير منصتها الإلكترونية، هى: التحفيظ الرقمى، والبث المباشر، والبودكاست، بهدف تعزيز الخطاب الدينى ومواكبة التحول الرقمى، وتأتى صفحة التحفيظ الرقمى كأداة حديثة لتحفيظ القرآن الكريم عن بُعد، من خلال كتاب إلكترونى تفاعلى يدمج بين التلاوة والتكرار والتصحيح الصوتى، مع إشراف مباشر من متخصصين.. أما صفحة البث المباشر فتوفر برامج دينية وفكرية حية على مدار الأسبوع، بإشراف نخبة من العلماء والخبراء، وتتناول قضايا التطرف، والأسرة، وبناء الوعى، مع إتاحة التفاعل المباشر مع الجمهور، فيما تتيح صفحة البودكاست محتوى صوتيًا عميقًا ومختصرًا، يناسب جمهور الوسائط الحديثة، ويغطى موضوعات العقيدة والأخلاق والتربية، وتمثل الصفحات الثلاث امتدادًا حيًا لمحاور المنصة الاستراتيجية فى مواجهة التطرف وبناء الإنسان وصناعة الوعى. المنصة بعدة لغات خصصت الوزارة نسخة عالمية من منصتها الإلكترونية بعدة لغات، من بينها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والسواحيلية، وذلك ضمن المرحلة الثالثة من تطوير المنصة، وتهدف هذه النسخة إلى نشر الرسالة الحقيقية للإسلام الوسطى، وتعزيز التواصل الحضارى مع الشعوب والثقافات المختلفة.. وتسعى المنصة المترجمة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، ومخاطبة غير الناطقين بالعربية بلغة مفهومة وسياق مقبول، مع التركيز على القيم الدينية التى تجمع بين العقل والرحمة والاعتدال.. وسيتم إعداد المحتوى المترجم بعناية عبر فرق شرعية ولغوية متخصصة، لضمان جودة المحتوى ودقته، كما تشمل النسخة ملفات تعريفية ومقالات ومواد مرئية وصوتية ودورات تدريبية مصممة خصيصًا لتناسب الجمهور المستهدف.. ويأتى هذا المشروع فى إطار رؤية الأوقاف لترسيخ قوة مصر الناعمة، وتوسيع حضورها العالمى فى مجال الدعوة الرقمية، ومواجهة التطرف الدينى واللادينى بخطاب عقلانى شامل يخاطب العالم بلغاته وثقافاته. مراحل إطلاق المنصة كشفت وزارة الأوقاف عن خطة متكاملة لبناء منصتها الرقمية الكبرى على ثلاث مراحل تمتد حتى منتصف 2027، وذلك فى إطار مشروع وطنى ضخم يستهدف إعادة تشكيل الوعى الدينى والفكرى باستخدام أحدث الأدوات التقنية والإعلامية. المرحلة الأولى (يونيو 2025) بدأت بإطلاق محتوى علمى مكتوب عالى الجودة يضم أكثر من 60 ألف صفحة فرعية، يشمل أبوابًا متخصصة ومحاور استراتيجية، إلى جانب صفحات تعريفية بالوزارة وخدماتها، ويجرى حاليًا استكمال هذه المرحلة لتصل إلى 300 ألف صفحة، مع تفعيل البث المباشر، وصفحة البودكاست، والدورات الإلكترونية، والكتاب التفاعلى لتحفيظ القرآن الكريم، فضلًا عن تدشين أبواب جديدة للمرأة والطفل. المرحلة الثانية (حتى ديسمبر 2025) تركز على التحول من المحتوى النصى إلى التفاعل الحى، عبر إطلاق برامج مرئية وصوتية متخصصة، واستقطاب جمهور أوسع باستخدام أدوات بصرية وتربوية مبتكرة، مع تعزيز حضور الأئمة والخبراء والواعظات فى تقديم محتوى يخدم قضايا المجتمع. المرحلة الثالثة (يناير 2026 - يونيو 2027) تشهد نقلة نوعية بتضمين الذكاء الاصطناعى، عبر إطلاق «شات بوت دعوى» يرد على استفسارات المستخدمين، وتقديم محتوى مخصص لكل مستخدم حسب اهتماماته، فضلًا عن إطلاق النسخة متعددة اللغات لنشر الإسلام الوسطى عالميًا، وتستهدف الوزارة أن يصل المحتوى إلى 9 ملايين صفحة فرعية بنهاية هذه المرحلة. وأكدت وزارة الأوقاف أنها سخرت كل إمكاناتها البشرية والتقنية، بالتعاون مع وزارة الاتصالات، لإنجاح هذا المشروع الذى يمثل نقلة نوعية فى الخطاب الدينى والفكرى، ويضع مصر فى صدارة الدول التى توظف التكنولوجيا الحديثة لخدمة الدين والمجتمع.