فى ولايته الأولى منح الرئيس ترامب إسرائيل ما لم تحلم أن يمنحه لها أى رئيس أمريكى، حيث أقر رسمياً بسيادتها على الجولان السورية، واعترف بالقدس عاصمة لها بل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب لهناك فاتحاً الباب أمام دول أخرى لتحذو حذوه. كما قدم مشروع صفقة القرن الذى يقضى على أحلام الفلسطينيين بإقامة دولتهم. حينها أدركت إسرائيل ان ترامب ورقتها الرابحة وان تحقيق أحلامها مرهون بعودته للبيت الأبيض. ليس فقط لولائه اللامحدود للدولة الإسرائيلية، فهذه سمة كل الإدارات الأمريكية، ولكن لأن جرأته التى تصل للتهور، وهوسه بالشو الإعلامى يؤهلانه لاتخاذ أكثر القرارات تطرفاً دون أن يرف له جفن. من هنا عملت الآلة الصهيونية داخل إسرائيل وأمريكا على حشد الدعم لإنجاح ترامب بالانتخابات، فدججوا حملته بالمليارديرات، وعمل نتنياهو ما بوسعه لتحدى غريمه بايدن وإظهاره بمظهر الضعيف الفاشل، ليحبط حظوظ خليفته المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس الانتخابية أمام ترامب. والحقيقة لم يخيب ترامب آمالهم، فكان نتنياهو أول ضيف يستقبله بعد فوزه، وأفصح معه عما هو أبعد من أحلام نتنياهو، حين تحدث عن توسيع إسرائيل والاستيلاء على غزة بعد تهجير أهلها.. «فنجرة» ترامب فتحت شهية نتنياهو على استئناف الحرب وخرق الهدنة القائمة، التى تتضمن الانسحاب من القطاع، وأكبته الجرأة على التلاعب بالهدنة بجنوب لبنان والتعدى على الأراضى السورية. وامعاناً فى انتهاز فرصة وجود ترامب التى لن تتكرر، كان لزاماً السعى للجائزة الكبرى وهى برنامج ايران النووى، ومن هنا جاءت الضربة الاستباقية لإيران التى اتسمت بالجرأة الكبيرة، التى ترغب إسرائيل تتويجها بإقحام أمريكا فى الحرب وتولى مهمة ضرب منشأة «فوردو» النووية الحصينة التى تتطلب تسليحا خاصا، مستغلة رغبة دفينة لترامب لركوب موجة استئصال التهديد النووى الإيرانى. وأخشى أن يسيل لعاب نتنياهو بعد تجاوز العقبة الإيرانية، ويستغل ترامب لتحقيق المزيد من أطماعه التوسعية على حساب الضفة والقدس وغزة والتحرش بجيرانه العرب.