كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن تفاصيل صادمة حول الصراع الداخلي العنيف الذي أدى إلى انهيار التحالف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأغنى رجل في العالم إيلون ماسك، في قصة مليئة بالدراما والمواجهات الشخصية التي هزّت أركان البيت الأبيض. ترامب "كئيب ومحبط" يصف ماسك ب"مدمن المخدرات الكبير" كشفت صحيفة واشنطن بوست، نقلاً عن مقربين من الرئيس ترامب، أن الرئيس بدا "كئيباً في بعض الأحيان بشأن خلافه مع ماسك ومحبطاً في أحيان أخرى"، وهو يعالج انفصاله العلني عن أغنى رجل في العالم. وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب، المضطرب في أعقاب الهجمات العلنية لإيلون ماسك ودعوته الظاهرة لعزله، عمل على الهاتف مع مقربيه ومعارفه العاديين على حد سواء. وفي تطور لافت، نقلت واشنطن بوست عن شخص مطلع على المكالمات أن ترامب وصف حليفه السابق بأنه "مدمن مخدرات كبير" خلال محادثاته الشخصية مع مساعديه ومستشاريه، وذلك أثناء محاولته فهم سلوك ماسك المتقلب. وأكد ماسك استخدامه لعقار الكيتامين، وهو مخدر قوي وُصف له لعلاج الاكتئاب، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً أنه كان يستخدم كميات كبيرة من الكيتامين أثناء الحملة الانتخابية لدرجة أنه أخبر الناس أن ذلك يؤثر على مثانته، وكان يسافر مع علبة أدوية تحمل علامات الأديرال. معركة الولاءات في تطور مثير، أفادت الصحيفة الأمريكية أن كبار الوزراء والمسؤولين الحكوميين الأمريكيين أمطروا ترامب برسائل الولاء والدعم في خلافاته مع ماسك، فيما طلب مسؤولون في البيت الأبيض من كبار المسؤولين اختيار الجانب الذي سيدعمونه بين ترامب وماسك. وقالت مصادر الصحيفة إن مسؤولي البيت الأبيض أكدوا أن قلق ترامب بشأن تعاطي ماسك للمخدرات، النابع جزئياً من التقارير الإعلامية، كان أحد العوامل التي أدت إلى تباعد الرجلين. ورغم ذلك، كان الرئيس، الذي لم يتردد تاريخياً في إطلاق منشورات شخصية لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الآخرين الذين أهانوه، أكثر صمتاً بشأن ماسك مما توقعه الأصدقاء والمستشارون. وفي أعقاب مواجهته يوم الخميس مع ماسك، حث من حوله على عدم صب الزيت على النار، وفقاً لشخصين مطلعين على سلوكه، كما أخبر نائب الرئيس جي دي فانس بتوخي الحذر في طريقة حديثه علناً عن وضع ماسك. بدايات التصدع ولكن رغم أن القطيعة بين ماسك وترامب لم تنفجر في العلن إلا يوم الخميس الماضي، بدأت الشقوق في التحالف تظهر في وقت أبكر بكثير، فبينما عقّدت جرأة ماسك في "التحرك بسرعة وكسر الأشياء" طموحات البيت الأبيض لإعادة صياغة المجتمع الأمريكي، نفّر الملياردير أعضاء رئيسيين في طاقم البيت الأبيض، بما في ذلك رئيسة الأركان سوزي وايلز، وتشاجر مع أعضاء مجلس الوزراء، واشتبك جسدياً مع أحدهم. وظهرت العلامات الأولى للمشاكل في فبراير، عندما وصلت رسالة إلكترونية إلى صناديق البريد في جميع أنحاء الحكومة توجه الموظفين الفيدراليين لوصف إنجازاتهم الخمسة خلال الأسبوع الماضي. ولم يُعطَ مسؤولو مجلس الوزراء وقادة الوكالات الأخرى إشعاراً مسبقاً بالمذكرة، مما أثار الذعر في أعلى مستويات إدارة ترامب. وعندما علم المسؤولون أن البريد الإلكتروني وصل إلى بعض قضاة المحاكم الفيدرالية، الذين ليسوا جزءاً من السلطة التنفيذية، وآخرين يتعاملون مع معلومات سرية، نما الشعور بأن ماسك لا يفهم الحكومة الفيدرالية أساساً أو لا يملك البراعة للمناورة من خلالها. تصاعد التوترات رغم التوتر، وقف ترامب ونائب رئيس أركانه ستيفن ميلر إلى جانب ماسك، لكن وايلز نمت منزعجة بشكل متزايد من الصدامات بين خدمة دوج الأمريكية لماسك وقادة الإدارة الآخرين. وبينما حاول ماسك وفريق "دوج" تقليص المنح الفيدرالية وفصل البيروقراطيين الفيدراليين وإغلاق وكالة الولاياتالمتحدة للتنمية الدولية، أصبح خط هجوم لخصوم ترامب السياسيين. وفي الأول من أبريل، وصل أول استفتاء كبير على ماسك، إذ غمر ولاية ويسكونسن بالمال لدعم المرشح المؤيد لترامب في سباق على مقعد في المحكمة العليا للولاية، لكنه خسر بشدة، مما كان بمثابة جرس إنذار للجمهوريين الذين بدأوا يدركون أن ماسك تحول من مخاطرة سياسية إلى عبء حقيقي. وفي الثاني من أبريل، عندما طرح الرئيس تعريفات جمركية تهدف لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، ذهب ماسك إلى منصة إكس للتعبير عن استيائه من الرسوم ووصف مستشار ترامب التجاري وحليفه القديم بيتر نافارو ب"الأحمق". وفي الخصوصية، قدم ماسك نداءات شخصية لترامب لعكس التعريفات الجمركية، لكن ترامب لم يمتثل، ولم يتراجع إلا بعد أيام عقب انخفاض حاد في أسواق السندات. الاشتباك الجسدي وبعد فترة قصيرة، تطور توتر ماسك مع فريق ترامب التجاري إلى أعمال عنف، في مشادة مع وزير الخزانة سكوت بيسينت، كما قال ستيفن كي بانون، المدون النافذ اليميني والمستشار السياسي طويل الأمد لدونالد ترامب. وفي منتصف أبريل، دخل ماسك وبيسينت إلى المكتب البيضاوي لعرض قضاياهما المختلفة حول تفضيلاتهما لمفوض مصلحة الضرائب بالوكالة، وقرر ترامب دعم اختيار بيسينت. وبعد أن خرج بيسينت وماسك من المكتب البيضاوي وبدآ السير في الممر، بدأ الرجلان في تبادل الإهانات، كما قال بانون الذي أُخبر بالحادثة، مضيفاً أن بيسينت أثار ادعاءات ماسك بأنه سيكشف أكثر من تريليون دولار من الإنفاق الحكومي المهدر والاحتيالي، والذي لم ينجح ماسك في القيام به. وقال بانون في مقابلة: "قال سكوت: 'أنت محتال. أنت محتال تماماً'". ثم دفع ماسك كتفه في قفص بيسينت الصدري "مثل لاعب الرغبي"، كما قال بانون، ورد بيسينت بلكمه. وتدخل عدة أشخاص لفض الشجار بينما وصل الرجلان إلى مكتب مستشار الأمن القومي، وتم إخراج ماسك من الجناح الغربي. وقال بانون: "سمع الرئيس ترامب عن الأمر وقال: 'هذا كثير جداً'". المؤامرات والانتقام في أواخر أبريل، قال ماسك إنه سيتراجع عن منصبه في واشنطن للتركيز أكثر على أعماله، خاصة تسلا التي كانت تواجه صعوبات، إلا انه بينما كان بعيداً، حصل خصومه داخل الإدارة على فرصة لتقويضه، وذلك من خلال جاريد إيزاكمان، الذي رشحه ترامب ليكون مدير ناسا بناءً على إلحاح ماسك. وطموح ماسك هو استعمار المريخ، وكان وجود حليف يرأس ناسا هدفاً رئيسياً له، لكن إيزاكمان قدم مساهمات سياسية عديدة للمرشحين الديمقراطيين. وقبل أكثر من أسبوع بقليل، في اليوم الأخير للملياردير كموظف حكومي خاص، زوّد سيرجيو جور، مدير شؤون الموظفين الرئاسيين، ترامب بمطبوعات تُظهر تبرعات إيزاكمان، فأبلغ ترامب ماسك أنه يسحب ترشيح إيزاكمان بسبب مخاوف حول ولائه. ولم يكن دور جور صدفة، فالمساعد القديم لترامب تصادم مع ماسك طوال فترة الانتقال، متخالفاً حول توصيات التعيينات. وتصاعدت التوترات بين الاثنين في مارس بعد أن اعتقد ماسك أن جور سرّب قصة لصحيفة نيويورك تايمز حول اجتماع تصادم فيه ماسك مع عدة أعضاء في مجلس الوزراء، وفقاً لشخص مطلع على الوضع. وأثيرت شكوك ماسك لأن القصة لم تذكر انتقاده لمكتب غور، كما قال الشخص، وجعل غور معروفاً للآخرين أنه يريد الانتقام من ماسك. المواجهة النهائية رغم التوترات المتزايدة، قدم ماسك وترامب جبهة موحدة في ذلك اليوم خلال وداع رسمي لماسك في المكتب البيضاوي، حيث قدم له ترامب مفتاحاً تذكارياً وأشاد به ك"واحد من أعظم قادة الأعمال والمبتكرين الذين أنتجهم العالم على الإطلاق"، إلا انه بعد أيام قليلة فقط، انفجرت العداوة بين الرجلين على منصة إكس حيث هاجم ماسك تشريع ترامب المميز وحث أعضاء الكونجرس الجمهوريين على عدم دعمه. وحاول كبار مسؤولي البيت الأبيض التقليل من التأثير، مصرين على أن الرئيس يعرف بالفعل موقف ماسك من الموضوع، لكن ضبط النفس لدى ترامب فشل يوم الخميس خلال ظهور في المكتب البيضاوي، حيث أخبر الصحفيين أنه "محبط" من ماسك وشكك في مستقبل صداقتهما. وقال ترامب إن انتقاد ماسك للمشروع نابع من مخاوفه من أنه سيلغي ائتماناً ضريبياً لمالكي السيارات الكهربائية يفيد تسلا، وأنكر ماسك هذا الاتهام ورد بهجوم عنيف. وفي الساعات التي تلت الانفجار، اعتقد البعض في دائرة ترامب أن مصالحة سريعة ممكنة، جامعين من تفاعلاتهم الخاصة مع الرئيس ومحادثاتهم مع بعضهم البعض أنه منفتح على هدنة مع ماسك، لكن بحلول الصباح تراجعت هذه الآفاق. وأصر ترامب يوم الجمعة أنه لا يهتم بالتحدث مع ماسك، مخبراً صحفيي سي إن إن وإيه بي سي بذلك في مكالمات هاتفية، وشارك المشاعر أيضاً مع المستشارين، وفقاً لمسؤول في البيت الأبيض. وأخبر المساعدين أنه يفكر في بيع سيارة تسلا الحمراء المتوقفة خارج البيت الأبيض، وهي مركبة قال البيت الأبيض إنه اشتراها "بسعر السوق" في مارس، بعد أن عرض ماسك عدة مركبات من سياراته في حديقة البيت الأبيض. وفي الوقت نفسه، واصل ماسك إذكاء اللهب، مضاعفاً ادعاءه غير المؤكد بأن ترامب متورط في وثائق مرتبطة بتاجر الجنس المدان جيفري إبستين، وتساءل عما يجب أن يعتذر لترامب عنه وفكر في إطلاق بديل للحزب الجمهوري، والذي يسميه الآن "حزب أمريكا". وقال أحد حلفاء البيت الأبيض المقرب من عالمي ترامب وماسك: "هناك أمل في حدوث مصالحة، لكن الأمور لن تكون كما كانت أبداً".