لو سألت أيا من محركات البحث، أو برامج الذكاء الاصطناعى أن يمدك اليوم بمعلومات عن عالم الآثار الأشهر زاهى حواس، فستجد أن مقابلته مع ذا جو روجان ستأتى فى الصدارة، قبل هذه المقابلة كنت ستجد الأمر مختلفا، أنا لست من أنصار تفسير كل شىء وفق نظرية المؤامرة، ولكنى فى الوقت نفسه أعيش وسط عالم يحتم على أن أستخدم عقلى ومنطق الأشياء، فلا يوجد فى عالم اليوم شىء يتم وفق صدفة. بداية فأنا أعرف زاهى حواس عن قرب بحكم عملى الصحفى لأكثر من ربع قرن، وسافرت معه لأغلب قارات العالم، وأعلم قدر الرجل علميًا ورأيت رأى العين كيف يتم استقباله، والتعامل معه كأحد نجوم العالم البارزين والمعروفين، ورأيت أيضًا كيف يتم حجز محاضراته قبل مواعيدها بشهور، رغم ارتفاع قيمتها المادية، وتابعت معاركه العلمية التى خاضها مع مروجى الشائعات عن الحضارة الفرعونية، مثل ادعائهم مرة أنها ليست من صنع أجدادنا، أو أنها صناعة أناس هبطوا من السماء أو اختفوا فى أعماق المحيطات مع سكان قارة أطلانطس المفقودة، ومرات كثيرة ضد اليهود الذين يدعون أن أجدادهم هم بناء الأهرامات، ومؤخرًا هجمات «الأفروسنترك» الذين يسعون لسرقة تاريخنا جهارًا نهارًا ونسبته الى آخرين.. وفى كل هذا استخدم زاهى علمه و»الكاريزما» الخاصة به، فى الرد ووظف قدرته اللانهائية فى الإقناع وفى مخاطبة «الميديا» الغربية فى ذلك، وأيَضا اكتشافاته العلمية التى سجلها فى عشرات الكتب بكل لغات العالم، وكان على رأسها اكتشافه لمقابر عمال بناة الأهرامات. وقبل هذا وذاك فزاهى على دراية واسعة بالعقلية الغربية، وبأدوات» الميديا» ويجيد تطويعها، الى حد أن أعداءه كانوا وبسوء نية يحصرون مواهبه فى قدرته اللامحدودة فى مخاطبة العقلية الغربية بتوليفة سحرية يجيد وحده صنعها، فهل انقلب السحر على الساحر؟ ملاحظتى الوحيدة على زاهى أنه كان مغترًا بعض الشىء بعلمه وباكتشافاته، وأنه وعلى غير عادته لم يذهب للمقابلة محصنًا بصوره وشرائحه، واكتفى بأن يحيل روجن الخبيث إلى كتابه الذى كان من المفترض، حسب أبجديات العمل الإعلامى أن يكون روجن قد قرأه بالفعل قبل أن يحاوره. وأنا أتساءل: هل كنا سنرضى عن زاهى لو خرج روجن مادحًا له، عندما يوافقه فى ترهاته بأننا لسنا أحفاد من صنعوا الحضارة الفرعونية وأن هناك من هبطوا من السماء وتركوها لنا هدية؟ لا تذبحوا زاهى بسكينة روجن.