وسط دخان الاتهامات المتبادلة، وصدى قرارات جمركية تهز الأسواق العالمية، تجد واشنطنوبكين نفسيهما مُجددًا على حافة تصعيد تجاري غير مسبوق. فما بدأ كاتفاق "إنقاذي" تحول إلى مشهد جديد من التشكيك والتخوين، بقيادة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الذي فجّر الأزمة مُجددًا بتصريحاته النارية، وتساءل الكثيرون هل اندلعت شرارة الحرب الاقتصادية الشاملة مُجددًا؟ اتهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الصين بأنها خرقت اتفاقها التجاري مع الولاياتالمتحدة بشكل كامل، وجاءت هذه التصريحات بعد فترة قصيرة من إعلان هدنة مُؤقتة بين الطرفين، تضمنت خفضًا كبيرًا في الرسوم الجمركية المتبادلة، في محاولة لتهدئة التوترات التجارية التي تصاعدت بين أكبر اقتصادين في العالم. اقرأ أيضًا| بسبب سياسات ترامب.. هل تكتب الرسوم الجمركية نهاية الاستقرار الأمريكي؟ تفاصيل تصاعد التوترات بين واشنطنوبكين بداية القصة، في 12 مايو، عندما توصلت واشنطنوبكين إلى اتفاق مؤقت يقضي بخفض الجمارك بشكل كبير ولمدة 90 يومًا ووفقًا لمجلة «تايم» الأمريكية التزمت الولاياتالمتحدة بتقليص رسوم الاستيراد المفروضة على السلع الصينية من 145% إلى 30%، بينما وافقت الصين على خفض تعريفاتها من 125% إلى 10%. وكان من المُفترض أن يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق في 14 مايو، لكن منشورًا مفاجئًا لترامب على منصة "تروث سوشيال" ألقى بظلال من الشك حول نية الصين في خفض التعريفات المتبادلة بحسب تصريحات الرئيس الأمريكي على منصته للتواصل الإجتماعي. حيث كتب ترامب قائلاً: «منذ أسبوعين فقط، كانت الصين على حافة كارثة اقتصادية بسبب الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضناها، والتي جعلت دخولها السوق الأمريكية أمرًا شبه مستحيل». وأضاف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب: «أنقذتهم باتفاق سريع حتى لا تنهار الأمور، لكن للأسف، خرقوا الاتفاق تمامًا، يا له من سلوك متوقع!». لكن ردود فعل السوق لم تتأخر؛ فقد تراجعت العقود الآجلة للأسهم مُباشرة بعد تصريحات ترامب، وسط قلق من احتمال انهيار الاتفاق برمّته. كما دعم الممثل التجاري الأمريكي، جيميسون جرير، ما قاله ترامب، مُؤكدًا في حوار مع شبكة "CNBC" أن الإدارة الأمريكية "قلقة بشدة"، وأعرب عن استيائه من "بطء الصين الشديد" في تنفيذ التزاماتها بشأن خفض الرسوم الجمركية، وقال جرير: إن "الولاياتالمتحدة فعلت ما هو مطلوب منها، بينما الطرف الآخر لم يفِ بوعوده، وهو أمر غير مقبول"، وفقًا له. من جانبه، أشار وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت إلى أن المفاوضات تسير بصعوبة، مُؤكدًا في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" أن الأمور "متعثرة بعض الشيء". وأضاف: "قد نحاول إجراء اتصال مباشر بين الرئيس الأمريكي والرئيس الصيني شي جين بينج خلال الأسابيع المُقبلة". وفي تصعيد قانوني إضافي، وافقت محكمة الاستئناف الفيدرالية على إبقاء عدد من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، رغم أن لجنة قضائية ثلاثية كانت قد قضت مُؤخرًا بوقف العمل بها، حيث إن هذا القرار المُؤقت يمنح واشنطن بعض الوقت، لكن مستقبل شرعية هذه الرسوم الجمركية لا يزال مُعلقًا وسط سلسلة من الاستئنافات القضائية، بحسب مجلة «تايم» الأمريكية. وفي خضم هذه الاضطرابات، برزت قضية جديدة قد تزيد الوضع تعقيدًا، وهي السياسة الجديدة التي أعلنها دونالد ترامب ضد الطلاب الدوليين، خاصة الصينيين منهم، إذ أعلنت وزارتي الخارجية والأمن الداخلي في الولاياتالمتحدة أنه سيتم تشديد الإجراءات على تأشيرات الطلاب الصينيين، لا سيما من لهم صلة بالحزب الشيوعي أو يدرسون تخصصات علمية استراتيجية. وبحسب تحليل المجلة الأمريكية ذاتها، فإن هذا التوجه يُنظر إليه باعتباره خطوة ستقوّض ما تبقى من الثقة بين واشنطنوبكين، وتزيد من توتر العلاقات في وقت حرج تشهد فيه مفاوضات التجارة تصعيدًا حادًا. حيث أشارت «تايم»، إلى أن الاتفاق الجمركي بين أمريكاوالصين على وشك الانهيار بعد اتهامات ترامب للصين بخرق الاتفاق. فيما بدأت السوق الأمريكية تتتفاعل سلبًا مع تصريحات ترامب، بينما يُلوّح المسؤولون الأمريكيون، بإعادة الاتصال المُباشر مع بكين، لكن الثقة بين البلدين باتت ضعيفة. وزاد الأمر تعقيدًا، مع قرارات إدارة ترامب التي تستهدف طلاب الصين في أمريكا، ما ينذر بمرحلة أشد توترًا في العلاقات الثنائية. اقرأ أيضًا| اقتصاديون يُحذرون: مشروع ترامب المالي «جميل» نظريًا.. وكارثي فعليًا