شهدت الجلسات العامة لمجلس النواب خلال الفترة من 25 إلى 27 مايو 2025 زخماً تشريعياً استثنائياً عكس يقظة برلمانية ووعياً سياسياً بالتحديات الوطنية، حيث أقر المجلس سلسلة من القوانين الحاسمة التي تمس صميم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تعديل قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ جاءت في مقدمتها الموافقة النهائية على مشروعي قانونين بتعديل قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، وهي خطوة تهدف إلى تحقيق عدالة التمثيل النيابي وتوزيع المقاعد بصورة منضبطة وفق أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والهيئة الوطنية للانتخابات، دون زيادة عدد المقاعد، ما يعكس وعياً برلمانياً بضبط التوازن الديموجرافي والسياسي ويترجم رؤية وطنية تسعى لترسيخ الثقة الشعبية في منظومة الاقتراع النيابية. وفي هذا السياق أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس أن الانتخابات المقبلة ستُجرى تحت إشراف قضائي كامل يضمن الشفافية الكاملة في كل مراحل الاقتراع والفرز، مشيداً بنضج التجربة البرلمانية المصرية، ومؤكداً أن التعديلات تمثل استجابة دستورية لضرورات الواقع وتحقيق التوازن بين عدد النواب وعدد الناخبين في كل دائرة بما يجسد إرادة سياسية رشيدة ومؤسسات ديمقراطية مستقرة تحترم تطورات الجغرافيا السكانية والعدالة التمثيلية . حزمة جديدة من إجراءات الحماية الاجتماعية وفي استجابة سريعة لتوجيهات القيادة السياسية بتنفيذ حزمة جديدة من إجراءات الحماية الاجتماعية، وافق المجلس نهائياً على مشروع قانون العلاوات والحوافز المالية للعاملين في الدولة، الذي تضمن رفع العلاوة الدورية للمخاطبين بالخدمة المدنية بنسبة 10% ومنح علاوة خاصة لغير المخاطبين بنسبة 15% مع زيادة الحافز الإضافي للعاملين بدءاً من يوليو المقبل بقيمة 700 جنيه، إلى جانب منحة مالية تضمن ألا يقل دخل العامل في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال عن 7000 جنيه شهرياً. وأكد النواب أن هذا القانون يعكس التزام الدولة العميق بحماية المواطن وتخفيف الأعباء المعيشية عنه في مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار، مشددين على ضرورة ربط الأجور بمعدلات التضخم وتنفيذ إجراءات صارمة لضبط الأسواق حتى يشعر المواطن بتحسن حقيقي في أوضاعه المعيشية، فيما أعلن وزير العمل محمد جبران أن هذه الخطوة تمثل ترجمة مباشرة لتوجيهات القيادة السياسية لدعم الطبقة العاملة وتحفيزها على الإنتاج وحماية أمنها المعيشي . وفي إطار السعي لتطوير الخدمات الأساسية للمواطنين وتحقيق الحوكمة الرشيدة في إدارة الموارد، وافق المجلس نهائياً على مشروع قانون تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي، الذي يستهدف تأسيس جهاز مستقل لتنظيم القطاع ووضع معايير ملزمة تضمن جودة المياه والمعالجة الآمنة للصرف الصحي وتحقيق الاستدامة البيئية، مع تشجيع مشاركة القطاع الخاص وضمان حماية حقوق المستهلكين. ونوه النواب إلى أهمية هذا القانون في ظل التحديات المائية التي تواجهها مصر وضرورة مواجهة العجز في نصيب الفرد من المياه، مطالبين بتنسيق الجهود الحكومية أثناء تسليم مشروعات الصرف الصحي وتعميم العدادات مسبقة الدفع لترشيد الاستهلاك، بينما شدد وزير الشئون النيابية المستشار محمود فوزي على أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ هذه السياسات باعتبارها أداة فعالة لضبط الاستهلاك وتحقيق العدالة في الخدمة . وامتداداً لدور البرلمان في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز العلاقات الخارجية، وافق المجلس على عدد من الاتفاقيات الدولية المهمة، أبرزها اتفاق التجارة الحرة بين مصر وصربيا، واتفاقية خدمات جوية مع سلطنة عمان، وأخرى مماثلة مع نيوزيلندا، وهي اتفاقيات تستهدف توسيع آفاق التعاون التجاري والاستثماري وتوطين التكنولوجيا وتطوير قطاع الطيران المدني بما يدعم التنمية الاقتصادية ويعزز مكانة مصر الدولية في مجالات الخدمات والتجارة والنقل . كما شهدت الجلسات لقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى أجراها رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، حيث استقبل وفد العلاقات مع دول المشرق بالبرلمان الأوروبي وأكد تمسك مصر بموقفها الثابت الرافض لتهجير الفلسطينيين وتمسكها بحل الدولتين كسبيل وحيد للاستقرار والسلام في المنطقة، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى التكاتف مع مصر في حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وفي لقاء آخر مع رئيس برلمان بيلاروسيا، شدد جبالي على أهمية تعميق التعاون الصناعي بين البلدين وتوطين صناعة الشاحنات والمعدات الزراعية في مصر بما يدعم التصنيع المحلي ويخلق فرص عمل جديدة . وفي جلسته الختامية أحال المجلس 31 تقريراً مقدماً من النواب حول شكاوى ومقترحات بدوائرهم إلى الحكومة لتنفيذ توصياتها، ليؤكد البرلمان مجدداً انحيازه الدائم للمواطن وحرصه على التفاعل الفوري مع نبض الشارع واحتياجاته، في مشهد تشريعي متكامل يعكس مسؤولية وطنية وشراكة صادقة بين مؤسسات الدولة في صناعة القرار وتحقيق التنمية والاستقرار . اقرأ أيضا | النواب يقر اتفاق تمويل ومنحة ب61.5 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية