أصدر الأستاذ كامل تعليمات صغّروا اسم رئيس التحرير زى ما قال وكانت كارثة طبعا وسط هذا المناخ الذى يسوده العنف والتوتر فى أنحاء كثيرة من العالم ويروح ضحيته مئات بل آلاف الأبرياء تحيرت فى اختيار موضوع مقالى هذا الأسبوع. وفى النهاية قررت الكتابة عن مهنة البحث عن المتاعب وخاصة الأخطاء الصحفية والتى تصبح نوعا من النوادر تعكس المناخ السائد وقتها. وأعتقد أننا أحوج ما نكون الآن حاجة للبعد عن هذا الجو القاتم الذى تعيشه عالمنا اليوم. تخيلوا معى ما حدث فى صحيفة «الأخبار» بداية عام 1979 حينما صدرت الجريدة وفى الصفحة الأولى منها خبر على 3 أعمدة عن لقاء بين الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الراحل مبارك والذى كان وقتها نائبا لرئيس الجمهورية. كانت بداية الخبر هى «استقبل الرئيس المؤمن العاشق الولهان المحب أنور السادات باستراحته بالقناطر الخيرية محمد حسنى مبارك نائب رئيس الجمهورية والذى عاد أمس من جولته الإفريقية حيث سلم رسائل من الرئيس السادات لقادة هذه الدول».. كانت كارثة لم يتم تداركها إلا فى الأعداد الأخيرة من الطبعة الثالثة. يومها فوجئت بأن الاستعلامات تخبرنى أن الأستاذ الراحل موسى صبرى قد أصدر قرارا بمنعى من دخول مؤسسة أخبار اليوم ولم يكن قد مضى على تعيينى شهور قليلة.. ونجحت محاولاتى فى إقناعهم بأننى سأدخل لمدة دقائق لمقابلة أستاذى الراحل الكبير أحمد الجندى مدير التحرير ورئيسى المباشر. فى مكتبه عرفت السبب!! سبب منعى من الدخول بعد نشر الخبر الكارثة عن الرئيس العاشق الولهان. كنا وقتها نصدر ملحقا اسمه آخر الأسبوع ومكون من 4 صفحات الأولى أخبار منوعة والثانية اسمها ناجحون فى كل مكان وتنشر قصص حياة مشاهير نجحوا فى حياتهم أو قدموا إنجازا ما والثالثة صفحة كاملة لرسوم الكاريكاتير وصفحة رابعة اسمها اصنعها بنفسك وتقدم نصائح لبعض الأشياء التى يمكن أن يقوم بها أى إنسان مثل إصلاح الثلاجة أو أعطال السيارات وهكذا. كنت قد كلفت بموضوع عن حياة د. محمد الفقى أحد أشهر أطباء القلب فى العالم والذى تبرع بجائزة مالية ضخمة من هولندا وتبرع بها لجامعة عين شمس. وكتبت قصة حياته وبدأتها كالآتى «حديثه معى حديث العاشق الولهان المحب.. أستاذ القلوب محمد الفقى.. إلخ..» وتم جمع الموضوع لينشر مع ملحق يوم الخميس. كانت ماكينة الجمع تقوم بصف قطع متساوية من الرصاص وكل قطعة بها حروف بارزة مقلوبة وبحيث تشكل الموضوعات والصور داخل إطار حديدى ولأن الماكينات قديمة علقت الماكينة سطورا من موضوع د.محمد الفقى وسقطت أثناء جمع خبر استقبال السادات لنائبه مبارك.. تم التحقيق بمشاركة خبراء من المطابع الاميرية للتأكد من أن ما حدث كان صدفة وانتهى التحقيق بإحالة عاملين وأحد الزملاء المراجعين اللغويين للتقاعد بسبب الإهمال. بعدها أصدر الأستاذ موسى صبرى رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير قرارا بإلغاء قرار منعى لأنه لا ذنب لى. ومن المصادفات أنه بعد هذه الواقعة ونتيجة الحماس والجدية ومحاولة العاملين عدم الوقوع فى أى أخطاء وقع خطأ جسيم بعد أسبوع واحد وذلك بصحيفة «أخبار اليوم» عندما جاء ذكر اسم حسنى مبارك بدون نائب رئيس الجمهورية ليصبح حسنى مبارك رئيس الجمهورية وغضب الرئيس السادات ولكن الأستاذ إبراهيم سعده تحدث معه وأزال غضبه. من النوادر التى شاركت فيها كانت خلال زيارة للرئيس الراحل مبارك لواشنطن وكان يقوم بتغطيتها أستاذى الراحل الكبير جلال دويدار رئيس التحرير وكان يقوم بإملاء العديد من الأخبار حول الزيارة يومها كنت مساعدا لأستاذى الراحل الكبير كامل مرسى مدير التحرير . اتصل بى الأستاذ جلال دويدار قبل الطبع بحوالى ساعة وسألنى عن الجرنال فقلت له ضمن ما قلت إن اسمه أى جلال دويدار موجود على 16 خبرا وموضوعا وبأبناط مختلفة وبعضها كبير جدا.. وغضب وانفعل كثيرا وطلب أستاذى كامل مرسى وعنفه بشدة وقال له ضع اسمى فوق 6 أخبار فقط ومنها الصفحة الأولى. وأكبر بنط يكون 18 وطلب منى الأستاذ كامل تنفيذ تعليمات رئيس التحرير.. وأذكر أن زميلنا الراحل القدير عبدالقادر محمد على سكرتير عام التحرير قال للأستاذ كامل -على سبيل الداعبة- إن اسم الأستاد جلال على الترويسة أى الصفحة الأولى التى تحمل شعار «الأخبار» بنط 24 والترويسة من الأشياء التى يمنع الاقتراب منها وأصدر الأستاذ كامل تعليمات صغّروا اسم رئيس التحرير زى ما قال وكانت كارثة طبعا بعد عودة الأستاذ جلال من السفر.