رحل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان عن عالمنا.. الرجل الذي حمل على كتفيه قضايا الفقراء، وأعاد تشكيل صورة الكنيسة الكاثوليكية في أذهان الشعوب منذ نعومة أظافره وحتى أنفاسه الأخيرة، بعدما خرج من أزقة بوينس آيرس بحذاء بسيط وقلب ممتلئ، ليهز جدران الفاتيكان برسائل الفقراء، وبابتسامة تُشبه الأمل.. وفي هذا التقرير، ترصد «بوابة أخبار اليوم»، أبرز المحطات التي صاغت شخصية البابا الأرجنتيني، ولحظات التحوّل التي شكّلت واحدًا من أكثر الباباوات تأثيرًا في التاريخ الحديث، بالصور التي تحمل ذكريات ودلالات ومعاني كثيرة.. ما بين رائحة خبز الطفولة في حي فلوريس، وصدى التراتيل في ساحة القديس بطرس، تمتد مسيرة حافلة لصاحب الرقم 266 في الكرسي الرسولي. وفاة البابا فرنسيس.. «رجل الكنيسة والفقراء» أعلن الفاتيكان، صباح الاإثنين 21 أبريل، وفاة البابا فرنسيس عن عمر يناهز 88 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، انتهى داخل مستشفى "جيميلي" في روما. غاب الجسد، لكن بقيت الحكاية.. ليبكون أكثر قربًا من الناس من أي بابا سبقه، خورخي ماريو بيرغوليو، الرجل الذي لقب ب"بابا الشعب"، كتب سطورًا من الإيمان والعمل على صفحات التاريخ الكنسي الحديث. اقرأ أيضًا| وفاة البابا فرنسيس| تعرف على تفاصيل اليوم التالي في الفاتيكان طفولته وحياته ولد البابا فرنسيس في 17 ديسمبر 1936، بحي فلوريس المتواضع في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، حيث نشأ في كنف عائلة كادحة، أبوه مهاجر إيطالي يعمل بالسكك الحديدية، وأمه أرجنتينية من أصول إيطالية. عمل شابًا في تنظيف الأرضيات، ثم فنيًا كيميائيًا، بل وكان حارسًا ليليًا بملهى ليلي، وعشق التانجو والموسيقى، وكان مشجعًا متحمسًا لنادي "سان لورينزو". لكن حياته تغيّرت في السادسة عشرة، حين دخل كنيسة صغيرة صدفة في يوم عيد الطلاب، ليخرج منها بدعوة كهنوتية/ حيث قال لاحقًا: "شعرت أن أحدًا كان ينتظرني هناك"، وكانت تلك اللحظة نقطة التحوّل. صديق الفقراء في كنيسة "سان خوسيه دي فلوريس"، وبين جدرانها الهادئة، اعترف المراهق خورخي بخطاياه، فخرج بروح جديدة، وإيمان جارف غير مسار حياته، رغم اعتراض والدته على دخوله السلك الديني، سرعان ما اقتنعت، وطلبت منه أن يمنحها البركة عند سيامته كاهنًا عام 1969. التحق بالرهبنة اليسوعية عام 1958، وتدرج حتى ترأسها في الأرجنتين، ثم أصبح أسقفًا، فكاردينالًا عام 2001، وعرف بتواضعه المُفرط، حيث إنه كان يركب المترو كعامة الشعب، ويسكن في شقة متواضعة، ويرفض رفاهية المناصب.. وكان دائم الزيارة للأحياء الفقيرة، ويصف نفسه بأنه "كاهن شارع". اقرأ أيضًا| 88 عامًا من النضال الإنساني.. من هو البابا فرنسيس الذي غيّر وجه الفاتيكان؟ وفاة البابا فرنسيس.. أول بابا من أمريكا اللاتينية في 13 مارس 2013، دوّى اسم بيرغوليو من شرفة الفاتيكان، ليصبح أول بابا من أمريكا اللاتينية، وأول يسوعي، وأول غير أوروبي منذ أكثر من 12 قرنًا. اختار اسم "فرنسيس" تيمنًا بالقديس الفقير فرنسيس الأسيزي، وأعلنها بوضوح: "أريد كنيسة فقيرة من أجل الفقراء". رفض البابا فرنسيس الزي الرسمي الفاخر، ورفض سيارة الليموزين، واختار الإقامة في بيت الضيافة بدلًا من القصور. ولم يشاهد التلفاز منذ 1990 بسبب نذر شخصي، وكان يطبخ بنفسه طبق "بنيا كاودا" الإيطالي، وظل متمسكًا بحب نادي "سان لورينزو"، ولم يترك شغفه به حتى وهو في قمة السلطة الروحية. اقرأ أيضًا| ردود فعل قادة العالم على وفاة بابا الفاتيكان| فيديو وصور وفاة البابا فرنسيس.. كيف كانت أيامه الأخيرة؟ في مارس 2025، نُقل إلى مستشفى "جيميلي" بعد إصابته بالتهاب رئوي مزدوج. على إثر ذلك، مكث البابا فرنسيس هناك خمسة أسابيع، ثم عاد إلى الفاتيكان على كرسي متحرك، حيث أطل على الحشود في ساحة القديس بطرس في السادس من أبريل. منذها، خفت صوته، لكنه لم ينقطع عن الصلاة... وفي آخر ظهور له، أرسل رسالة بمناسبة عيد الفصح دعا فيها لوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الأسرى. من جهة، روى ابن شقيقه، خوسيه بيرغوليو، أن البابا فرنسيس كان يحب فتاة شابة في صغره، وكاد يبوح لها بمشاعره، لكنه تراجع عند باب الكنيسة، ليكتشف لاحقًا أن حبّه الحقيقي كان لله حسب تعبيره فلم يسعَ فرنسيس إلى الكرسي الرسولي، لكن حين وقع عليه الاختيار، ابتسم وقال: "إنها خطة الله". ورفض أن يُدفن في سراديب الفاتيكان كما جرت العادة، وطلب أن يوارى جسده في كنيسة القديسة مريم الكبرى بروما، في تواضع يُكمل ما بدأه حيًّا... وهكذا غادرنا البابا فرنسيس، تاركًا إرثًا إنسانيًا وروحيًا سيظل محفورًا في ضمير الكنيسة والعالم اجمع. اقرأ أيضًا| وفاة البابا فرنسيس| وصية بابا الفاتيكان تغيّر تقاليد دفن استمرت قرونًا