ألقت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأمريكية الضوء على ناقوس الخطر الجديد الذي أطلقته منظمات الإغاثة بشأن حصار إسرائيل لقطاع غزة الذي مزقته الحرب، حيث منعت دخول جميع المواد الغذائية والسلع الأخرى لأكثر من ستة أسابيع. ونقلت الوكالة الأمريكية في تقرير نشرته اليوم الجمعة عن الأممالمتحدة بياناتها التي تفيد بأن آلاف الأطفال في القطاع يعانون من سوء التغذية، وأن معظم الناس بالكاد يتناولون وجبة واحدة يوميا مع تناقص المخزونات من الغذاء. يأتي هذا التحذير في الوقت الذي تستمر فيه الغارات الإسرائيلية على القطاع وتسفر عن مقتل العشرات من سكان القطاع من بينهم النساء والأطفال. وحذر رؤساء 12 منظمة إغاثة مستقلة في بيان مشترك من أن نظام المساعدات الإنسانية في غزة يواجه انهيارا تاما.. وقالوا إن العديد من المنظمات أوقفت عملياتها لأن استئناف القصف الإسرائيلي على مدار الشهر الماضي جعل الوضع بالغ الخطورة. ◄ اقرأ أيضًا | استشهاد لبناني إثر قصف إسرائيل مركبة جنوب البلاد وذكرت "أسوشيتد برس" أنه لم يدخل أي طعام أو وقود أو أدوية أو أي إمدادات أخرى إلى غزة منذ أن فرضت إسرائيل حصارها في 2 مارس، ثم جددت قصفها في 18 مارس منتهكة بذلك وقف إطلاق النار، واستولت على أجزاء كبيرة من القطاع بحجة أنها تهدف إلى دفع حماس للإفراج عن المزيد من الرهائن، وتسببت في قتل المئات واضطر أكثر من 400 ألف فلسطيني إلى الفرار من ملاجئهم في أحدث موجة نزوح جماعي. وقد أسفرت غارة جوية على مدينة خان يونس الجنوبية عن مقتل عائلة مكونة من 10 أفراد خمسة أطفال وأربع نساء ورجل، وفقا لمستشفى ناصر الذي استقبل الجثث، فيما أسفرت غارات جوية في شمال غزة عن مقتل زوجين آخرين مع تسعة أطفال، وفقا للمستشفى الإندونيسي. وأصابت غارة جوية لاحقة مدرسة تؤوي نازحين في منطقة جباليا الشمالية؛ مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وطفل، وخلفت الغارة جدرانا مدمرة وفصولا دراسية مليئة بالحطام والفرش المتفحمة وعلب الطعام المتناثرة. ويقصف الجيش الإسرائيلي المنازل والملاجئ والأماكن العامة يوميا، مدعيا أنه يستهدف حماس. وأفاد مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) بأن جميع سكان غزة تقريبا الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة يعتمدون الآن على مطابخ الجمعيات الخيرية، التي لا تستطيع أن تُعد سوى مليون وجبة يوميا، وتتكون الوجبات بشكل أساسي من الأرز أو المكرونة دون إضافة خضراوات طازجة أو لحوم. وقد توقفت برامج توزيع الغذاء الأخرى بسبب نقص الإمدادات، وأرسلت الأممالمتحدة ومنظمات إغاثة أخرى مخزوناتها المتبقية إلى مطابخ الجمعيات الخيرية. وفي الأسواق ترتفع أسعار الطعام بشكل حاد مع نقص السلع بشكل كبير حيث تكاد الأطعمة الطازجة أن تكون معدومة، ونتيجة لذلك تعتبر المساعدات الإنسانية المصدر الغذائي الرئيسي لنحو 80 بالمائة من السكان، وفقا لما ذكره برنامج الغذاء العالمي في تقريره الشهري لشهر أبريل. وقال مكتب تنسيق الشئون الإنسانية "يواجه قطاع غزة الآن على الأرجح أسوأ أزمة إنسانية منذ 18 شهرا منذ بدء الحرب". وقالت بشرى خليل رئيسة قسم السياسات في منظمة أوكسفام "يتناول الأطفال أقل من وجبة واحدة يوميا، ويكافحون للعثور على وجبتهم التالية، والجميع يأكلون المعلبات فقط، سوء التغذية ومناطق مجاعة منتشرة بلا شك في غزة". كما أن المياه تتناقص باستمرار؛ إذ يقف الفلسطينيون في طوابير طويلة لملء المياه من الشاحنات، وصرح عمر شتات المسؤول في مرفق مياه محلي بأن سكان القطاع يستهلكون ستة أو سبعة لترات يوميا، وهو أقل بكثير من تقديرات الأممالمتحدة للاحتياجات الأساسية. وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه في مارس تم قبول أكثر من 3600 طفل يحتاجون لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد، بينما كان قد تم قبول 2000 طفل في شهر فبراير، في إشارة إلى التدهور السريع في الوضع الغذائي. كما أن منظمات الإغاثة أصبحت أقل قدرة على علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بسبب الغارات الجوية والعمليات البرية الإسرائيلية، إذ لم يتمكن عمال الإغاثة من إيصال المكملات الغذائية إلا إلى 22 ألفا و300 طفل دون سن الخامسة في مارس، بانخفاض قدره 70 بالمائة عن الشهر السابق، وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن نحو 100 مركز علاج فقط من أصل 173 مركزا لا يزال يعمل. وقالت أماندي بازيرول منسقة الطوارئ في غزة لدى منظمة أطباء بلا حدود "اضطر العاملون في المجال الإنساني لمشاهدة سكان القطاع يعانون ويموتون وهم يتحملون العبء المستحيل المتمثل في تقديم الإغاثة بإمدادات مستنفدة، وكل ذلك في الوقت الذي يواجهون فيه نفس الظروف المهددة للحياة". وأضافت بازيرول - في بيان - "هذا ليس فشلا إنسانيا، ولكنه خيار سياسي واعتداء متعمد على قدرة شعب على البقاء". كما كشف استطلاع شمل 47 منظمة إغاثة أن 95 بالمائة منها قلصت عملياتها أو أوقفتها تماما لأن القصف المستمر جعل عملياتها بالغة الخطورة. منذ منتصف مارس أصابت النيران الإسرائيلية موظفي و منشآت ما لا يقل عن 14 منظمة، وقُتل نحو 60 عامل إغاثة، وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الخميس أن إحدى منشآتها تعرض لانفجار في اليوم السابق، وهي المرة الثانية التي تُستهدف فيها المنظمة خلال ثلاثة أسابيع. وقال رؤساء منظمات الإغاثة - في بيانهم - "عندما يُقصف موظفونا وشركاؤنا وقوافلنا ومكاتبنا تكون الرسالة واضحة، وهي أن المساعدات المنقذة للحياة لم تعد محمية، وهذا أمر غير مقبول".