عاد مصير اللغة الثانية ليتصدر اهتمامات قطاع كبير من المعلمين والطلاب وأولياء الأمور في أعقاب الحديث عن تعاون فرنسي مع مصر في شهادة البكالوريا الجديدة التى تستطلع وزارة التربية والتعليم الآن الآراء بشأن تطبيقها، تزامنا مع التطورات القضائية في الدعاوى المقامة من مدرسي اللغتين الفرنسية والألمانية وعدد من اللغات الأخرى لإلغاء قرار خروجها من المجموع للصفوف الثلاثة فى مرحلة التعليم الثانوي العام، إذ عقدت محكمة القضاء الإدارى جلسة خلال هذا الشهر وأرجأت الحكم إلى 20 إبريل الجاري. ◄ المطالبة بزيادة عدد الساعات لاكتساب المهارات اللغوية ◄ استعادة الاهتمام بالمادة يتمثل في زيادة نسبة النجاح بالمادة ل80% ◄ معلمون تم إرغامهم على العمل في تخصصات أخرى ◄ القرار أثر سلبا على البرامج المتخصصة بأقسام اللغات ■ ماكرون في جامعة القاهرة وأثناء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لجامعة القاهرة، الأسبوع الماضى، قال: «لدينا الرغبة لنكون شركاء مع مصر حتى فى شهادة البكالوريا المصرية، وهذا سيكون حافزاً للكثير من المصريين لتعلم اللغة الفرنسية، ونحن حريصون كذلك على تأهيل المعلمين وتقديم الشهادات المزدوجة». وأجّلت محكمة القضاء الإدارى (الدائرة 7 تعليم) نظر الدعاوى القضائية المقامة من معلمى اللغات الأجنبية الثانية، ضد وزير التربية والتعليم، لإلغاء القرار رقم 138 لسنة 2024، الذى يقضى باستبعاد درجات مادة اللغة الأجنبية الثانية من المجموع الكلى للصفوف الثلاثة فى مرحلة التعليم الثانوى العام، إلى جلسة 20 أبريل الجارى. وخلال الجلسة، طلب دفاع المدعين من المحكمة التصريح لهم باستخراج إفادة رسمية من المطابع الأميرية تؤكد ما إذا كان القرار قد تم نشره في الوقائع المصرية أم لا، نظرًا لأنه لم يُنشر حتى الآن، ما يُعتبر مخالفًا للقوانين واللوائح، وبالتالى فإن القرار فى هذه الحالة غير موجود قانونيًا. وقال إيهاب عبدالخالق، المتحدث باسم اتحاد معلمى اللغات الأجنبية فى مصر، إن المادة الوحيدة التى خرجت بشكل نهائى من المجموع كانت اللغة الأجنبية الثانية، وهو ما أثر سلبا على أقسام اللغات غير الإنجليزية فى الجامعات، وهناك بعض الأقسام أغلقت أبوابها نتيجة لعزوف الطلاب عنها وتأثرت البرامج المتخصصة بشكل كبير، وعلى مستوى التعليم قبل الجامعى فإن الطلاب أضحوا غير مهتمين بمحتوى المادة رغم أنه لم يتم حذف أى أجزاء منها. وأوضح أن كثيرا من المعلمين تعرض للإهانة مع إرغامهم على العمل فى تخصصات بعيدة عن تخصصهم الرئيسى لسد العجز مع تقليص عدد حصص تدريس المادة أسبوعيا، ووصل الأمر لعمل البعض كمعلم فصل للمرحلة الابتدائية كما الحال فى المعاهد الأزهرية، وهو ما يهدر طاقات المعلمين وخبراتهم. مشيرا إلى أن الحديث عن معلمى اللغة الأجنبية الثانية من جانب قيادات الوزارة لم يكن به التقدير الكافى، والحديث عن عدم تدريس لغات ثانية فى جميع دول العالم غير حقيقى، كما أن الحجة بعدم استفادة الطلاب منها عقب نهاية الثانوية العامة غير منطقية وتدفع لإخراج مواد أخرى من المجموع لا يستفيد منها الطلاب أيضا. وأشار إلى أن تحول مصر إلى شريك استراتيجى مع دول الاتحاد الأوروبى وتحديدا فرنسا يجعل هناك حاجة للاهتمام باللغات وليس تهميشها وأن الدور المتقدم للدولة المصرية فى الدول الإفريقية يتطلب الاهتمام باللغة الفرنسية تحديدا التى تتحدث بها غالبية شعوب القارة، وأنه مع قرار الولاياتالمتحدة بوقف المنح الدراسية للغة الإنجليزية فإن السبيل الوحيد سيكون البحث عن منح مماثلة من دول الاتحاد الأوروبي ويتطلب ذلك معرفة جيدة بلغات هذه الدول. وشدد على أن مطالب معلمى اللغات الأجنبية الثانية (الفرنساوى والألمانى والإيطالى وهى المواد الأكثر انتشارا)، أن يتم معاملتها مثل اللغة الأجنبية الأولى (الإنجليزية) ويتم تدريسها من الصف الأول الإعدادى، والاهتمام بالبرامج التدريبية لمعلمى اللغات الأجنبية الثانية بالتعاون مع المؤسسات المتخصصة مثل برنامج ترافيل التابع للوكالة الفرنسية للتنمية ضمن منحة 500 ألف يورو لدعم تدريس اللغة الفرنسية. ◄ زيادة الساعات ويطالب المعلمون أيضا بزيادة عدد الساعات المخصصة لتدريس اللغة الأجنبية الثانية لإتاحة الفرصة الكافية لاكتساب المهارات اللغوية المتعددة والتنبيه على المدارس والمعاهد الأزهرية الخاصة بعدم الاستغناء عن معلمى اللغات الأجنبية الثانية بعد القرارات الأخيرة واحترام مكانتهم وحقوقهم لاسيما بعد فصل العديد منهم أو تكليفهم بأعمال غير تربوية وإدراج معلمى اللغة الأجنبية الثانية ضمن التعيينات الجديدة فى مسابقات التربية والتعليم مع معلمى الحصة والعقود المؤقتة. وذكر أن عدد معلمي اللغات الأجنبية فى مصر داخل المدارس الحكومية فقط يصل إلى 60 ألف معلم، مشيرا إلى أن الطعن على قرار الوزير الصادر برقم 138 العام الماضى والمعروف بهيكلة مواد الثانوية العامة كون أن القرار لم يحصل على موافقة من المجلس الأعلى للتعليم الجامعى وهو ما أقر به نائب الدولة فى الجلسة الماضية التى انعقدت فى السادس من إبريل الجاري، كما أنه لم يحصل على موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى ولم يتم نشره بالجريدة الرسمية. ◄ مذكرة احتجاج وتقدّم عدد من أساتذة كليات اللغات الأجنبية الثانية ومعلمى هذه اللغات مؤخراً بمذكرة احتجاج إلى رئيس الوزراء وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ ضد قرار وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف بتهميش اللغات الأجنبية الثانية فى النظام التعليمى المصرى، معتبرين أن القرار يحمل آثارًا سلبية على التعليم الجامعى وما قبل الجامعى، وكذلك على فرص المعلمين والطلاب فى مصر. وأصدر محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم الفنى حزمة من القرارات ضمن خطة الوزارة للعام الدراسى الجديد 2024 /2025، والذى انطلق فى سبتمبر الماضى، ومن بين هذه القرارات اقتصار تدريس اللغة الأجنبية الثانية فى المرحلة الإعدادية على مدارس اللغات فقط، وقرر كذلك إخراجها من المجموع النهائى لطلاب الثانوية العامة وفقا للنظام الجديد الذى يطبق لأول مرة هذا العام. ◄ موقف معلمي اللغات ورغم أن الوزارة أكدت عودة مادة اللغة الأجنبية الثانية فى الصف الثانى الثانوى فى البكالوريا المصرية المقرر تطبيقها بديلاً للثانوية العامة العام الدراسى المقبل، لم يحظ ذلك برضا معلمى اللغات الأجنبية، إذ من المقرر أن يدرس الطلاب الذين يختارون تخصص آداب وفنون، بالصف الثانى الثانوى فى تخصص آداب وفنون «اللغة العربية والتاريخ المصرى واللغة الأجنبية الأولى» ويختار مادة تخصصية واحدة «اللغة الأجنبية الثانية، أو علم النفس». وقال الدكتور عبدالرحمن ناجى، أستاذ اللغة الألمانية بكلية التربية جامعة عين شمس، إن قرار خروج المادة من المجموع فى الثانوية العامة وكذلك وقف تدريسها من الصف الأول الإعدادى أثر سلبا على البرامج المتخصصة فى أقسام اللغات بكليات التربية مشيرا إلى أن عدد طلاب اللغة الألمانية فى هذه البرامج المدفوعة وصل العام الماضى إلى 80 طالبا غير أن هذا الآن لم يقدم سوى 35 طالبا، كما أن بعض الطلاب تواصلوا معنا للتحويل إلى أقسام أخرى، وهؤلاء كانت لديهم رؤية بأنهم سيعملون فى مجال تدريس هذه المواد عقب التخرج. وأضاف أن المشكلة فى قرار وزير التعليم أن فلسفة خروج المادة من المجموع غير واضحة، وليس معروفا ما إذا كان ذلك جاء فى صالح تطوير اللغة القومية (العربية) من عدمه، وكان من الممكن أولا قياس قدرات طلاب المدارس التجريبية لغات فى اللغة العربية تحديدا فى الصفوف من الرابع وحتى السادس الابتدائى وهؤلاء يدرسون لغة أجنبية ثانية وبين طلاب المدارس الحكومية العربى وهؤلاء لايدرسونها قبل اتخاذ القرار، كما أن العديد من الدراسات التربوية تشير إلى أن تعلم الطلاب لغات مختلفة يكون له أثر إيجابى على إتقانها. ◄ تكافؤ الفرص فيما أكد الدكتور عاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية فى جامعة القاهرة، أن الطلاب في مراحل التعليم المختلفة بحاجة للتوسع فى تدريس اللغات الأجنبية وهو ما يتماشى مع توجهات الدولة نحو تعزيز الاستثمار الأجنبى وبما يساعد فى خلق فرص عمل للخريجين مع الدول الشريكة، وهو ما يجعل فكرة تهميش اللغة الثانية غير مقبولة، غير أن ما قامت به الوزارة هو أنها قررت أن تكون دراستها من أجل تعزيز القدرات وليس من أجل الصراع على المجموع، وهو أمر إيجابى ولابد من تأييده، إذ إن إدخالها بالمجموع أمر يحكمه تكافؤ الفرص الذى قد يغيب نتيجة اختلاف المحتويات. وأوضح أن استعادة اهتمام الطلاب بالمادة يتمثل في زيادة نسبة النجاح فيها لكى تصل إلى 70% أو 80%، وبالتالى تشجيع الطلاب على اختيار المواد التى يرغبون فيها، وهناك فرصة لإدخال تعديل قانونى مع إمكانية طرح نظام البكالوريا للبرلمان من أجل إقرار قانون جديد للتعليم يتضمن المنظومة الجديدة، مشيرا إلى أن تراجع التحاق الطلاب بأقسام اللغات الأجنبية يرجع لبحث الطلاب عن الدروس الخصوصية ويرون بأنها مستقبل عملهم فى مهنة التدريس ولابد من التغلب مع هذه الرؤية وفك هذا الارتباط لكى يكون تعلم اللغات من أجل الارتقاء بالمهارات، وفى الوقت ذاته فإن معلمى اللغات الثانية لابد أن يشعرون بالأمان الوظيفى ولا يجوز الاستعانة بهم لتدريس مواد أو لغات أخرى.