أثارت الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق المدنيين في قطاع غزة وكذلك فى الضفة الغربية تساؤلات عديدة حول الأدوار التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية في الوقت الحالى وأماكن تواجدها ومدى شعورها بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عمليات إبادة ممنهجة على يد العدو الإسرائيلي، بخاصة أن الفصائل الكبرى وفي مقدمتها حركتا فتح وحماس لم تصل بعد إلى مصالحة شاملة يمكن أن تقود إلى لم الشمل الفلسطيني والتحرك على أسس واحدة فى مواجهة آلة القتل الإسرائيلية. وخلال الأسابيع الماضية تحديدًا منذ اسئتناف الحرب على قطاع غزة استهدفت إسرائيل عدداً من قيادات حركة حماس داخل قطاع غزة أبرزهم عضو المكتب السياسى لحركة حماس صلاح البردويل، وقبل اغتياله بيوم واحد استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلى زميله فى المكتب السياسي القيادى إسماعيل برهوم، إلى جانب عصام الدعيلس والذى عمل من قبل مستشارًا سياسيًا لرئيس حركة حماس السابق إسماعيل هنية الذى اغتيل أيضًا فى إيران العام الماضي. ◄ استهداف القادة وركز الاحتلال فى استهدافاته الأسبوع الماضى على عدد من قادة الحركة الميدانيين واستهدف مجمع القيادة والسيطرة التابع لحركة حماس فى قطاع غزة، ما أسفر عن قتل 4 قادة من الحركة، وسبق أن نفذت إسرائيل عمليات اغتيال لقادة آخرين من «حماس» وهم صالح العاروري، سمير فندي، عزام الأقرع، هادى مصطفى، شرحبيل السيد، وأيمن غطمة وغيرهم، لكن فى المقابل هناك عدد ليس بالقليل من قيادات حماس وفتح تتواجد فى الخارج أبرزهم أعضاء المكتب السياسى لحماس الذين يديرون ملف المفاوضات حاليا مع إسرائيل من العاصمة القطريةالدوحة، إلى جانب عدد من القيادات الذين يقيمون فى لبنان. وكان أكبر تجمع لقادة الفصائل أخيراً فى الدوحة فى أعقاب وقف إطلاق النار قبل شهرين تقريبًا، وفى ذلك الحين عقدت اجتماعًا لبحث مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل للأسرى وشارك فى اللقاء وفد قيادى من حركة الجهاد الإسلامى برئاسة الأمين العام القائد زياد النخالة، ووفود كل من حركة «حماس» برئاسة محمد درويش رئيس المجلس القيادى للحركة، وكذلك شاركت الجبهة الشعبة لتحرير فلسطين بوفود برئاسة نائب الأمين العام جميل مزهر، ووفد الجبهة الديمقراطية برئاسة نائب الأمين العام ماجدة المصري، ووفد المبادرة الوطنية برئاسة الأمين العام الدكتور مصطفى البرغوثي، ووفد الجبهة الشعبية القيادة العامة برئاسة عضو مكتبها السياسى رامز مصطفى، ووفد حزب الشعب الفلسطينى برئاسة شامخ أبو صخر، والأخ المناضل قدورة فارس رئيس هيئة شئون الأسرى والمحررين. ◄ اقرأ أيضًا | حزب العدل: احتشاد المصريين في رفح رسالة للعالم برفض مخطط التهجير ◄ رام الله وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، إن جزءًا من قادة الفصائل يتواجدون الآن فى الداخل وأغلبهم فى مدينة رام الله بالضفة الغربية إلى جانب بعض القيادات من حركتى فتح وحماس والجهاد الإسلامى فى قطاع غزة، مشيرًا إلى أن هناك فصائل لا يوجد بها تمثيل فى الداخل من الأساس مثل الجبهة الشعبية وهى تتواجد فى لبنان وسوريا والعراق وكذلك الوضع بالنسبة لجبهة التحرير، وأن الفصائل الفلسطينية يصل عددها إلى 15 فصيلًا، مشيرًا إلى أن حركتى فتح وحماس هما الأكثر تأثيرًا وبعدهما الجهاد الإسلامى والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، وهناك فصائل لا يزيد عدد أعضائها عن 100 عضو فقط، لكنها تأخذ حصتها فى المجلس المركزى لمنظمة التحرير الفلسطينية، لافتًا إلى أن بعض قيادات الصف الأول والثانى من هذه الفصائل مازال موجودًا فى الداخل وأن الجزء الأكبر من قيادات المكتب السياسى لحركة حماس يتواجدون فى قطاع غزة وأن الاغتيالات التى طالت بعضهم مؤخراً دليل على ذلك. ◄ الإطار الجديد كما أشار إلى أن قادة حركة حماس الذين يتواجدون فى الخارج الجزء الأكبر منهم يتواجد فى قطر، وأن التضييقات الأمريكية على الدوحة أثناء فترة الرئيس السابق جو بادين دفعت البعض منهم للبحث عن أماكن أخرى فى موريتانيا وتركيا وإيران، لكن مع وصول الرئيس دونالد ترامب عاد غالبية هؤلاء مرة أخرى إلى الدوحة ويشاركون الآن فى مفاوضات خفض التصعيد، ولفت إلى أن الفصائل بحاجة الآن لأن تصبح أكثر تأثيرًا فى المشهد وأن المقترح الذى تقدمت به مصر قبل ما يقرب من 20 عامًا يصلح للتنفيذ الآن، وهو يتعلق بتشكيل إطار جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية يضم داخله جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامى، وأن يكون هناك مراجعة لجميع الملفات التى تتعلق بالقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن هذا المقترح جرى النقاش بشأنه فى اجتماعات بكين العام الماضى لكن لم يكن هناك توافق على تنفيذه ولو حدث ذلك فإنه سيكون كفيلًا بترتيب البيت الفلسطيني. ◄ المصالحة وشدد على أنه فى الوقت الحالى تقوم حركة حماس بالتفاوض حول ملفى التهدئة وتبادل الأسرى فى وقت ترى حركة فتح بأن حماس ليس من حقها ذلك، وفى حال دعا الرئيس محمود عباس أبومازن لإعادة وضع إطار لمنظمة التحرير يضم كافة الفصائل بما فيها حماس لاستجابت الأخيرة لأنها ستجد موافقة على هذا الطرح من جميع المنظمات ولن تخرج وحدها عن وحدة الصف، وقلل من إمكانية أن يكون وفد فتح الذى زار القاهرة مطلع هذا الأسبوع قد ذهب باتجاه الحديث عن تفاصيل جديدة بشأن المصالحة الفلسطينية، مشيرا إلى أن موافقة حماس على تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة قطاع غزة لم تتوافق معه حركة فتح، كما أن الأجواء داخل فتح مازالت ملبدة بالغيوم رغم الحديث عن عودة المفصولين، وأن هناك أكثر من 600 قيادى لا يحصلون على رواتبهم بقرارات صدرت فى السابق نتيجة للخلافات وهناك حاجة لإصدار مرسوم رئاسى يوحد فتح أولاً قبل الاتجاه نحو المصالحة الفلسطينية. ◄ اجتماع القاهرة وخلال هذا الأسبوع استضافت القاهرة وفدًا من حركة فتح برئاسة الفريق جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضوية كل من روحى فتوح، رئيس المجلس الوطني، والدكتور محمد أشتيه، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس الوزراء الفلسطينى السابق، والتقى وزير الخارجية بدر عبدالعاطي، وشهد اللقاء بحسب بيان صادر عن الخارجية: «تبادل الرؤى والتقديرات حول التطورات الراهنة فى قطاع غزة والضفة الغربية، فى ظل ما تشهده الأراضى الفلسطينيةالمحتلة من تصعيد إسرائيلي خطير، وتطرق إلى خطة إعادة الإعمار فى قطاع غزة، ودعا جبريل الرجوب فى تصريحات إعلامية «جميع الفصائل إلى إجراء مراجعة لإنقاذ أهلنا»، مضيفا: «قدمنا مجموعة من الأفكار لبناء شراكة وطنية فلسطينية بما فى ذلك حماس»، ويواجه الفلسطينيون تحديات يومية فى الحصول على الماء والغذاء، بينما يستمر الحصار الإسرائيلي في منع وصول المساعدات الإنسانية اللازمة، وإغلاقه كل المعابر البرية لقطاع غزة، كما يشهد القطاع تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا غير مسبوق، خلال الأيام القليلة الماضية، مع تنفيذ جيش الاحتلال ضربات جوية ومناورة برية عنيفة داخل مناطق متفرقة فى القطاع، مستهدفة المدنيين والبنية التحتية، وفى شمال غزة، تعمل قوات جيش الاحتلال، خاصة «اللواء 401»، خلال الأيام الأخيرة، على توسيع ما يسمى «المنطقة العازلة»، على ضوء تقييم للوضع أجراه رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلى «الشاباك»، وإيال زامير، رئيس الأركان الإسرائيلى، انتهى باتخاذ قرار بتوسيع العمليات البرية في غزة. ◄ تأثير سلبي وقال الخبير فى الشئون الفلسطينية ياسر طنطاوي، إن الفصائل الفلسطينية لديها تاريخ طويل من الصراعات وكان ذلك ضمن أسباب ما آلت إليه الأوضاع الآن، وأن مصر بذلت جهودًا مكثفة وانخرطت فى محاولات عديدة للوصول إلى المصالحة الفلسطينية المنشودة دون أن تتحقق من انقلاب حركة حماس على السلطة قبل 20 عاما، مشيرًا إلى أن دولة الاحتلال تكرس لهذا الانقسام وتمنع الوصول إلى تفاهمات إيجابية فيما بينها، مضيفًا أن قادة الفصائل يتواجدون فى الخارج بشكل أكبر ويرجع ذلك لتفويت الفرصة على استهدافهم فى الخارج، غير أن ذلك كان لديه تأثيرات سلبية أيضًا على القضية الفلسطينية لأن بعض الدول التى تستضيف هؤلاء تقدم دعمًا ماديًا وفى ظل اختلاف المصالح الاستراتيجية ما بين الدول والأطراف الداعمة المختلفة يتكرس الانقسام أيضًا، وهو ما يجعل مصر الدولة الأكثر قدرة على إنهاء خلافات الفلسطينيين.