في مشهد رمزي يعكس عمق العلاقات التاريخية والثقافية بين مصر وفرنسا، اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في جولة استثنائية داخل حي الحسين العتيق وسوق خان الخليلي الشهير، حيث التقى الماضي بالحاضر، وتجلى التراث المصري الأصيل في ضيافة سياسية دافئة. هذه الجولة لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل كانت رسالة قوية عن الأمن والاستقرار الذي تنعم به مصر، وتجسيد حي للترحاب الشعبي والرسمي برئيس دولة صديقة. ◄ من الترحيب في السماء إلى قلوب المصريين في الأرض بدأت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر بلمحة ود ومحبة، عندما رحّب بطائرات الرافال المصرية عبر تغريدة على منصة إكس، لتتوالى بعدها لحظات إنسانية وسياسية رسمت مشهدًا فريدًا. وبمجرد وصوله إلى القاهرة، انطلقت جولته برفقة الرئيس السيسي إلى حي الحسين، حيث زار مسجد الإمام الحسين، واطلع على مشاريع الترميم والتطوير التي تشهدها المنطقة. ◄ خان الخليلي.. الحكاية المصرية الخالدة: لم تكن جولة الرئيسين في سوق خان الخليلي تقليدية، بل كانت محط اهتمام إعلامي وشعبي واسع، لما تحمله هذه المنطقة من رمزية حضارية وتاريخية. خان الخليلي، بسوقه العريق، وزحامه الجميل، وصناعاته اليدوية الفريدة، قدّم للرئيس الفرنسي صورة حيّة عن نبض المصريين، وأصالتهم، ودفء استقبالهم. الهتافات تعالت: "بنحبك يا سيسي"، فيما تصاعدت أهازيج الزغاريد والدي جي في الشوارع احتفالًا بالزيارة، لتؤكد أن مصر، برغم كل التحديات، لا تزال أرض الترحيب والحفاوة. ◄ زيارة الإمام الحسين.. البعد الروحاني للزيارة في بداية الجولة، زار الرئيسان مسجد الإمام الحسين، الذي خضع مؤخرًا لعملية ترميم شاملة ضمن مشروع تطوير القاهرة التاريخية. أبدى ماكرون إعجابه بجمال المسجد وطابعه الروحي، وهو ما عكس عمق التقدير الفرنسي للتراث الإسلامي. ◄ مطعم نجيب محفوظ.. مذاق السياسة بنكهة مصرية اختتم الرئيسان جولتهما بعشاء ودي في مطعم «نجيب محفوظ»، أحد أبرز المعالم الثقافية والسياحية في خان الخليلي، والذي يحمل اسم الأديب المصري العالمي الحائز على نوبل. تناول الرئيسان وجبة مصرية خالصة من العدس والمشويات والحلويات الشرقية، وسط أجواء من الود والحفاوة. ◄ لقطات إنسانية.. سيلفي وهزار وضحك: التُقطت صور عديدة للرئيسين وهما يتفاعلان مع المواطنين، من بينها صورة سيلفي شهيرة التقطها أحد الشباب وعلق قائلاً: "قعد يهزر معايا ويضحك، وقال لي: خد الصورة.. أنت شاب محترم". هذه اللحظات أضفت على الزيارة طابعًا شعبيًا وإنسانيًا قلّما نشهده في الزيارات الرسمية. ◄ البعد السياسي والاستراتيجي للزيارة بحسب شبكة «راديو فرنسا»، فإن زيارة ماكرون لمصر تحمل دلالات سياسية عميقة، خاصة في ظل التعاون الثنائي المتصاعد بين البلدين في مجالات النقل والطاقة والتعليم، بالإضافة إلى الدور المصري الحيوي في دعم الاستقرار الإقليمي. كما تأتي الزيارة في وقت حساس مع تصاعد التوتر في قطاع غزة، حيث أكدت فرنسا ومصر رفضهما القاطع لتهجير الفلسطينيين، ودعمهما لحل الدولتين. ◄ فرنسا ومصر.. علاقات اقتصادية متنامية بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين مليارات الدولارات، وتشمل الشراكة بينهما مشاريع كبرى في البنية التحتية والنقل والصحة، ما يجعل هذه الزيارة فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي ودفع عجلة التنمية. اقرأ أيضا| ماكرون تعليقاً على جولة خان الخليلي: شكراً للرئيس السيسي والشعب المصري ◄ زيارة تحمل رسائل متعددة رسائل الزيارة واضحة: مصر آمنة ومستقرة، القاهرة التاريخية نابضة بالحياة، العلاقات المصرية الفرنسية في أفضل حالاتها. كما أن هذا الظهور الإنساني والبسيط للرئيسين بين الناس، يؤكد أن الدبلوماسية الحديثة تتطلب التقرب من الشعوب، وليس فقط التوقيع على الاتفاقيات. جولة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في الحسين وخان الخليلي ليست مجرد فقرة في جدول زيارة رسمية، بل لحظة وطنية وإنسانية وثقافية، جمعت بين عبق الماضي وحيوية الحاضر، وأكدت على عمق العلاقات بين مصر وفرنسا، وشكلت مشهدًا حضاريًا ستظل صورته محفوظة في وجدان المصريين لسنوات. زيارة تكتبها الحارات العتيقة في دفاتر الزمن، وتغنيها المآذن والأزقة، وتستحق أن تُسجل في الذاكرة كواحدة من أكثر اللحظات الدبلوماسية شاعرية وإنسانية في تاريخ العلاقات الدولية الحديثة.