مثلما أحب الأفلام والكتب، أعشق الراديو مهما ظهر من اختراعات، أو تعددت وسائل الإعلام، أو مواقع التواصل الاجتماعي. أعتبره صديقى المقرب، الذى يبثنى الدفء، والونس. تصحبنى برامجه ومحطاته المختلفة فى معظم أوقات يومى. الصباح الباكر إذاعة الأغانى وقيثارة السماء فيروز، أثناء ساعات العمل البرنامج الموسيقى رفيقى الدائم، حيث استمع أحيانا إلى الموسيقى الكلاسيك، وأحيانا الموسيقى الخفيفة، كذلك الموسيقى العربية والموشحات والطقاطيق، والأغانى التراثية. أما إذاعة القرآن الكريم، فهى الإذاعة التى تنعش روحى وتشجى أذنى بتلاوات متعددة للقرآن الكريم تصدح بها أصوات نجوم التلاوة -رحمهم الله- الشيخ الحصرى، عبد الباسط عبد الصمد، محمد رفعت، محمد صديق المنشاوي، الشيخ محمد رفعت وآخرين. وتتميز برامجها بالعمق والمعرفة والبساطة فى الوقت نفسه. برامج الإذاعة صارت نستولجيا محفورة فى ذاكرة المصريين، وكان لها دور مهم فى التوعية والارتقاء بالذوق العام واكتشاف المواهب. أذكر منها على سبيل المثال: «كلمتين وبس» الوجبة الصباحية الشهية المليئة ببهارات السخرية والنقد البناء واللغة السهلة العميقة، كان يقدمه الأستاذ العابر للأجيال فؤاد المهندس، ويكتبه الكاتب القدير أحمد بهجت. «ربات البيوت» البرنامج الذى دخل كل بيت فى مصر، وقدم المعلومة، والثقافة فى محتوى مدروس يفيد الأم، الأب، والأولاد تقدمه الإعلامية الكبيرة صفية المهندس. «أبلة فضيلة» تقديم فضيلة توفيق، وكان أجمل برنامج للأطفال يستمتع به الكبار أيضا. «لغتنا الجميلة» تقديم الشاعر القدير فاروق شوشة، حيث كنا نستمع إلى أجمل القصائد بأداء رائع، ولغة محكمة جميلة. برنامج المسابقات الذى كان يقدمه على فايق زغلول. ولا يمكن أن ننسى برنامج «تسالى» الذى تقدمه إيناس جوهر بكل ما فيه من خفة ورشاقة فى المحتوى والأداء. أما «على الناصية» فكان البرنامج الذى ينتظره الملايين كل يوم جمعة، بعدما اكتسبت مقدمته الإذاعية القديرة آمال فهمى شعبية كاسحة بانفراداتها الإذاعية، وجرأتها فى اقتحام القضايا الاجتماعية الشائكة. ويبدو أننى لست وحدى الغارقة فى عشق الراديو، فقد أعلنت الدول الأعضاء فى اليونسكو اليوم العالمى للإذاعة فى عام 2011 ثم اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 2012 بوصفه يوماً دولياً يُحتفل به فى 13 فبراير من كل عام. بدأ بث الإذاعة المصرية يوم 31 مايو عام 1934 بالجملة الشهيرة «هنا القاهرة»، وتعتبر من أقدم الإذاعات فى العالم، كما تمثل أرشيفاً وتجسيداً هائلاً للتاريخ المصرى الحديث ورافداً مهماً فى تشكيل الوجدان المصرى والعربي.