لطالما كان دعم الولاياتالمتحدةلأوكرانيا مسألة شبه محسومة لسنوات، لكن موقف ترامب الأخير تجاه كييف شهد تحولًا حادًا، ما أثار تساؤلات حول أسبابه وخلفياته. ففي بداية الحرب الروسية الأوكرانية، تبنّى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب خطابًا داعمًا لكييف، لكنه لاحقًا غيّر توجهه، موجهًا انتقادات لاذعة للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، فضلا عن أن هذا التحول، الذي لم يكن مجرد خلاف سياسي عابر، أعاد الجدل حول علاقة ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومدى تأثيرها على موقفه من النزاع الدائر. اقرأ أيضًا| كواليس المفاوضات.. 5 نقاط غامضة حول أي اتفاق لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية انقسم مؤيدو ترامب إلى فريقين عند محاولة تفسير تغير موقفه من أوكرانيا، الفريق الأول، الموالي لروسيا والمناهض للدعم الأمريكي لكييف، يرى أن ترامب يدرك حقيقة أن الأمريكيين لم يعودوا مستعدين لتمويل الحرب هناك، بينما الفريق الثاني، الذي يدعم أوكرانيا لكنه أيضًا يدافع عن ترامب، لجأ إلى لوم زيلينسكي بدلًا من الاعتراف بأن ترامب نفسه هو من بدأ هذا الخلاف، وفقًا لمجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية. بينما برز تيار المحافظين القوميين كأحد أبرز المدافعين عن موقف ترامب من أوكرانيا، حيث اعتبروا أن دعمه السابق لكييف كان خطأ استراتيجيًا، فمثلا، صوروا كُتاب مثل رود دريهر وكريستوفر كالدويل تراجع ترامب عن دعم أوكرانيا على أنه تصحيح لمسار السياسة الخارجية الأمريكية، متجاهلين حقيقة أن هذه الخطوة تتماشى بشكل واضح مع مصلحة موسكو، التي رحبت بها وأشادت بترامب لسرعته في إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية بما "يتوافق مع رؤيتنا"، وفقًا لتعليقات المسؤولين الروسيين. زيلينسكي في مرمى الانتقادات في محاولة لتبرير موقف دونالد ترامب المتغير، لجأ بعض أنصاره إلى انتقاد فلاديمير زيلينسكي لأسباب سطحية، على سبيل المثال، ألقى سكوت جينينجز باللوم على الرئيس الأوكراني لعدم ارتدائه ربطة عنق خلال لقائه مع ترامب، معتبرًا أن تصرفه كان استفزازيًا. وذهب بعض المعلقين إلى اعتبار أن موقف ترامب العدائي تجاه أوكرانيا كان نتيجة مباشرة لأسلوب زيلينسكي في التعامل معه، فبدلًا من مجادلة ترامب علنًا بشأن تصريحاته التي تدعم روسيا، كان ينبغي عليه التفاوض خلف الأبواب المغلقة، وهذا الرأي أيضًا، الذي تبناه المحلل المحافظ مارك ثيسن، يفترض ضمنيًا أن ترامب كان مستعدًا لعقد صفقة، لكنه انسحب بسبب موقف زيلينسكي العلني. اقرأ أيضًا| كواليس لقاء ترامب وزيلينسكي.. صدام دبلوماسي يكشف خلافات عميقة هل كان ترامب يبحث عن إطراء زيلينسكي؟ وفقًا لبعض التقارير، كان بإمكان زيلينسكي الحفاظ على دعم الرئيس الأمريكي ترامب لو أنه أظهر مزيدًا من التقدير له، وذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، أن ترامب انزعج عندما اتهمه زيلينسكي علنًا بأنه يتبنى الدعاية الروسية، بعد أن أشار ترامب إلى أن أوكرانيا هي المسؤولة عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. لكن لم يكن التحول في موقف ترامب من أوكرانيا مجرد تصرف عابر، بل امتداد لمواقفه السابقة، فقد حذر السناتور الجمهوري ليندسي جراهام، المعروف بقربه من ترامب، زيلينسكي مسبقًا من استفزاز الرئيس الأمريكي، مشيرًا إلى أن ترامب "لن يتراجع" في مواجهته، كذلك، تاريخيًا، لم يُخفِ ترامب إعجابه ببوتين، واحتقاره لتحالفات الغرب، وهو ما يفسر لماذا جاء انقلابه على أوكرانيا متوافقًا مع هذا النهج العام. بينما سعى المحافظون المؤيدون لأوكرانيا إلى تبرير موقف ترامب من خلال مهاجمة زيلينسكي على أمور سطحية، مثل طريقة لباسه خلال لقائه الأخير بدونالد ترامب، فبينما انتُقد زيلينسكي لارتدائه زيًا عسكريًا في البيت الأبيض، لم يُبدِ أحد اعتراضًا عندما ظهر إيلون ماسك بملابس غير رسمية في اجتماعات رسمية مماثلة، وفقًا لما أفادت به مجلة «ذا أتلانتيك». كيف تحولت قاعدة ترامب ضد زيلينسكي؟ بمجرد أن غير ترامب موقفه من أوكرانيا، تحولت قاعدته الشعبية ضد فلاديمير زيلينسكي، وبدأت في البحث عن أي مبرر لمهاجمته، سواء بسبب ملابسه أو اتهامه بعدم إظهار الامتنان الكافي، ومع ذلك، يحاول بعض المحافظين المؤيدين لأوكرانيا قلب الواقع، مدّعين أن زيلينسكي هو من تسبب في تراجع دعم ترامب، متجاهلين أن ترامب نفسه هو من اختار اتخاذ هذا الموقف العدائي تجاه كييف. اقرأ أيضًا| لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية| زيلينسكي يضع منصبه على طاولة المفاوضات.. فيديو لماذا أصبح موقف ترامب أكثر وضوحًا الآن؟ في ولايته الأولى، كان من الصعب تحديد موقف دونالد ترامب الحقيقي من بوتين، حيث كان مقيدًا بمستشاريه والمؤسسات الحكومية التي عارضت أي تقارب مع روسيا، أما الآن، وقد أصبح أكثر تحكمًا في قراراته، فهو قادر على التصرف بحرية، مثلما فعل بقطع الدعم العسكري عن أوكرانيا بسرعة ودون أي مقاومة من داخل إدارته، ولم يعد يخفي إعجابه ببوتين، بل بدأ يردد دعاية الكرملين، متهمًا أوكرانيا بإشعال الحرب الروسية الأوكرانية. يرى البعض أن موقف ترامب من أوكرانيا جزء من خطة استراتيجية معقدة، تهدف إلى فصل روسيا عن الصين وتحقيق توازن عالمي جديد، بعض التقارير، مثل تحقيق في صحيفة «وول ستريت جورنال»، تزعم أن هناك "تخطيطًا جيوسياسيًا" وراء قرارات ترامب، بناءً على محادثات سرية مع مسؤولين أجانب، لكن هذه النظريات ربما تتجاهل الحقيقة البسيطة، وهي أن ترامب يعبّر بصراحة عن إعجابه ببوتين ويكرر دعاية روسيا، فهل يحتاج الأمر إلى تفسير معقد؟