نلقى الضوء على سِير أعظم من قرأ القرآن وأنشد فى حب الله ورسوله.. هى أصوات من السماء، تلامس الأرواح وتنير الدروب لماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوى؟ اى اعتزاز بالنفس هذا ؟ و لم العجب و قد سار على نهج قدوته الشيخ محمد رفعت رافعا شعار (قارئ القرآن لا يهان) لم تكن شهرته والمكانة التى حظى بها من فراغ. ورغم إنه انتقل الى جوار ربه فى التاسعة والأربعين من عمره، الا ان خلوده فى القلوب يفوق هذا الرقم بمراحل، وجاء إطلاق اسمه على أحد المحاور المهمة - و الذى يربط القاهرة بأسيوط - تكريما له و تخليدا لذكراه، نشأ الشيخ محمد صديق المنشاوى فى أسرة قرآنية عريقة توارثت تلاوة القران أبا عن جد، ولد المنشاوى فى يناير 1920وتوفى فى يونيو 1969، أتم حفظ القرآن وهو فى الثامنة من عمره، فى عام 1966 أصيب بدوالى المرئ فنصحه الأطباء بعدم إجهاد حنجرته، إلا أنه لم يستجب مواصلا رحلته. اقرأ أيضًا | 75 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى المبارك من مصر لسوريا و ليبيا والكويت والسعودية وبريطانيا والمسجد الأقصى حتى النفس الأخير ..احتفت به عدة دول عربية، ومنحته سوريا وسام الاستحقاق، كما منحته إندونيسيا وساما رفيعاً، وكرّمته مصر بعد وفاته فى احتفالات ليلة القدر بمنحه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، واختير «قارئ القرآن الأول» فى القرن العشرين فى عدد من الدول، ذهب أحد وزراء حكومة عبد الناصر إلى المنشاوى، قال الوزير للشيخ «سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلا يحضره الرئيس عبد الناصر»، فأجابه المنشاوى «لماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صِدّيق المنشاوى؟»، كان الرئيس الراحل يحب صوت المنشاوى، وطلبه للقراءة فى مأتم والده بالإسكندرية، وبعد انتهاء العزاء دعا عبد الناصر الشيخ للمبيت فى الغرفة المجاورة، وفى الصباح دعاه لترتيل آيات من الذكر الحكيم، وطلب بعدها من المسئولين بالإذاعة تسجيل القرآن الكريم كاملا مرتلا بصوت المنشاوى، وهو التسجيل الذى طاف العالم كما سجل القرآن الكريم مجوّدا أيضا. ولا عجب فى ذلك فصوته الحزين الجهورى الباكى المبكى يمس أرواح مستمعيه لتأثره العميق أثناء تلاوته، فأطلق عليه لقب «القارئ الباكى»، إذ كانت تتسم تلاوته بتفانٍ وصدق مشاعر تجذب كافة الأعمار للاستماع له.